260 مليار دولار حجم القطاع
خبراء يطالبون باستراتيجية محكمة لتطوير صناعة السفن في العالم العربي




أقر «مؤتمر صناعة السفن في مصر ومستقبلها» استراتيجية جديدة لتشجيع صناعة السفن وجذب الاستثمارات وتوفير التمويل لهذه الصناعة التي تحتاج لرؤوس أموال ضخمة. وأكدت الإستراتيجية التي أقرها المؤتمر أنه رغم مرور ما يزيد عن خمسين عامًا على بداية صناعة السفن في مصر فإن جميع الترسانات تصر على استيراد التصميمات من الشركات الأجنبية مشاركين 30% فقط من ثمن الوحدة للعمالة المصرية،


ولذلك أكد المشاركون على أهمية استراتيجية لمستقبل صناعة السفن تتضمن ضرورة إنشاء ما يسمى بالصناعات الثقيلة وتشمل صناعة المعامل والمصانع المختلفة، وضرورة الاتجاه إلى الصناعات البحرية الحربية وتقوية الترسانات الموجودة في الاسكندرية وبورسعيد وهيئة قناة السويس،


والتخطيط لإنشاء ترسانة لأعمال الصيانة الضخمة مشابهة لما تم في دبي والبحرين، والاهتمام بأعمال الوحدات المصنوعة من ازذ لتصديرها للخارج، وضرورة البحث وتشكيل اتحاد للترسانات لتبادل الخبرات والخامات والعمالة، وأن تقوم الحكومة بدعم صناعة السفن كما هو الحال في كل دول العالم.


وأشار المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة المصري إلى أن أوائل القرن العشرين شهد بداية صناعة وبناء السفن في مصر مع بداية الأسطول التجاري المصري بإنشاء سلسلة من شركات رائد الاقتصاد المصري طلعت حرب، وهو ما استتبع وجود العديد من ورش وشركات إصلاح السفن بالاسكندرية وبورسعيد والسويس،


ونجد أن مصر تتميز بالموقع الفريد بين الأمم، وهو ما يكفل لها الخير الوفير إن أحسن استغلال هذا الموقع، عن طريق تحديث وتطوير الترسانات البحرية القائمة في مصر، أو إعادة تأهيلها وتوزيعها على الموانئ المهمة والترويج لمزاياها النسبية، مقارنة بمثيلاتها في الدول المجاورة في المنطقة،


مما يشجع المستثمر العربي والأجنبي على المساهمة في تمويل بناء وتطوير هذه الترسانات، ونقل الخبرات التكنولوجية والعملية إليها، والأمر الذي من شأنه أن يحقق ازدهارًا اقتصاديًا وصناعيًا واجتماعيًا، كما يسهم في تنامي أنشطة التصدير والاستيراد وخدمة كافة مجالات الاستثمار والتنمية التجارية والصناعية على نطاق واسع.


وأضاف: إن مصر مؤهلة لأن تكون من الدول الرائدة في صناعة السفن بحكم موقعها ومرور قناة السويس بها، وتعد هذه الصناعة إحدى الصناعات الأساسية الواعدة القابلة للتطوير لتكون نواة لصناعات ثقيلة ذات تكنولوجيا وقيمة مضافة عالية، وذلك إذا ما نجحت في تحديد نقاط الضعف والقوة لتخطي المشاكل والمعوقات


اعتماداً على الطرق العلمية الصحيحة المستندة على استراتيجية شاملة ومتكاملة تحقق لهذه الصناعة ما يرجى منها، لذا فإن سياسة الوزارة تعمل جاهدة لدفع آليات هذه الاستراتيجية من خلال مشاركة مركز تحديث الصناعة والهيئة العامة للتنمية الصناعية للتعاون مع كافة الجهات العاملة في مجال هذه الصناعة.


من جانبه أكد مهندس عمرو عسل رئيس هيئة التنمية الصناعية المصري أن هناك استراتيجية حالية لصناعة السفن تعكف على وضعها وزارة التجارة والصناعة، وذلك لفض الاشتباك القديم بين العديد من الجهات، والتي تتبعها صناعة السفن، ف70% من مكونات هذه الصناعة يتم استيراده من الخارج وهو ما يعد إشكالية كبيرة يجب التخلص منها أو حتى الحد من بعضها، فهناك العديد من المحاور لهذه الاستراتيجية، منها دعوة الشركات العربية والأجنبية للاستثمار في هذا المجال،


خاصة وأن التصنيع الحالي يشكل حوالي 10 % من إمكانياتنا فقط، وبالتالي هناك توقعات كبيرة بأنه بعد الانتهاء من إعداد هذه الاستراتيجية سيتم جذب الاستثمارات العربية والأجنبية، حيث تتضح الرؤية الخاصة بالتمويل والتدريب ومسألة نقل التكنولوجيا، فنحن في حاجة ماسة لشركاء أجانب لتطوير هذه الصناعة.


وأشار إلى أن مسألة التكلفة هي أهم عقبة تواجه صناعة السفن في مصر، وذلك فإن الجهود الآن تتجه إلى دعم مشاركة القطاع الخاص في هذه الصناعة، هذا إلى جانب ارتفاع نسبة المكون المستورد في صناعة السفن إلى 70%، وهو ما يؤدي إلى زيادة سعر الوحدة المصنعة محليًا بنسبة 12% عن مثيلاتها المستوردة،


وبشكل عام فإن صناعة السفن تحتاج إلى توأمة مع التقنيات الحديثة المتبعة عالمياً وهو ما يؤدي إلى زيادة عنصر الوقت في التنفيذ ومواجهة ارتفاع التكلفة مما يضعف قدرات الترسانات المصرية على المنافسة محلياً وعالمياً، وزيادة قدرات هذه الترسانات لن يحدث إلا مع إعادة هيكلة الشركات والترسانات المتعثرة والاستفادة من خبرات وتجارب الترسانات الناجحة، وأيضاً العمل على تكوين كوادر مصرية جيدة ومدربة من خلال توفير فرص تدريب حقيقية وحديثة للمهندسين والعمال بما يتواءم مع متطلبات العصر الحديث،


هذا بالإضافة إلى ضرورة توفير الاستثمارات اللازمة في صورة آلات وماكينات حديثة وتوفير مناخ أفضل للأمن الصناعي، إلى جانب إعادة النظر في بعض التشريعات والقرارات الحالية ورفع توصيات بتعديل النصوص المتسببة في إعاقة تطور صناعة السفن.


وأكد جمال أبو العزم رئيس الشركة الهندسية للأعمال البحرية أن صناعة السفن في مصر بدأت منذ الستينات كصناعة مصرية بعد تأميم قناة السويس ثم بناء العديد من الوحدات «17 سفينة وبناء قاطرتين ولكن توقفت صناعة السفن في السبعينات وقد مرت بأزمات كثيرة بسبب الحروب، ولكن توجد الآن عدة ترسانات بحرية تتبع الحكومة تقوم بصناعة السفن، أما دور القطاع الخاص


فقد انحصر دوره في صناعة السفن النهرية والسفن الفندقية وسفن الصيد، وتم الاهتمام بصناعة سفن GRP وإنتاج اليخوت الصغيرة ويتم تصدير هذا النوع من السفن، ولكن لابد من الاتجاه لصناعة السفن الكبرى، فتركيا لديها صناعة سفن وغواصات وهي السادس على مستوى العالم، وكذلك فيتنام وباكستان، ومصر لديها الإمكانيات لصناعة السفن ولكن لم يتم استغلالها».


وأكد لواء بحري إبراهيم الدسوقي أن أول شركة تم إنشاؤها منذ الشركة الخديوية التي تحول اسمها عام 1966 إلى الشركة المصرية لإصلاح وبناء السفن وصدر قرار جمهوري في 2003 بإنشاء جهاز إنشاء السفن وإصلاحها، وقام بإنشاء العديد من الوحدات وبناء القاطرات وتوفير قطع الغيار،


ولكن توجد معوقات عديدة منها: عدم وجود محطات تدريب ولا مراكز تصميم لصناعة السفن لارتفاع تكاليفها واستثماراتها، وتراجع القطاع الخاص بسبب ارتفاع التكلفة وكذلك تراجع الدولة عن هذا الدور منذ فترة طويلة.وأشار إلى وجود خطة لتطوير هذه الصناعة من خلال إنشاء وحدة اقتصادية متطورة لكسب ثقة السوقين العالمي والمحلي، واستخدام أحدث الأساليب التكنولوجية والتوسع في أعمال إصلاح السفن.


وأكد وائل قدور رئيس مجلس إدارة ترسانة السويس أنه حدثت تطورات كبيرة في السوق العالمي، حيث حدثت طفرة في صناعة السفن خلال الربع قرن الماضي بعد أن كانت في حالة خمود لمدة 22 سنة سابقة ونشطت بقوة مع عام 2002، حيث كان يتم تصنيع سفن بقيمة 30 مليار دولار وصلت إلى 105 مليارات دولار في عام 2005 وفي العام الحالي وصلت قيمة صناعة السفن في العالم حوالي 260 مليار دولار،


وتركيا لديها صناعة سفن تصل إلى 5 ,1 مليار دولار والهند حوالي مليار، بينما لا توجد دولة عربية واحدة لديها صناعة سفن عدا حوض إصلاح سفن في دبي وآخر في البحرين، ولكن هناك اهتمام حديث بالتصنيع في مصر حيث يتم بناء 12 وحدة تحت البناء الآن في ترسانة بورسعيد وقد ظهرت منافسة كبيرة مع اتجاه استثمارات ضخمة لصناعة السفن إلى دول جنوب وشرق آسيا،


وتعد الصين أكبر صانع للحاويات في العالم لا تستطيع دولة منافستها ويمكن لمصر أن تستفيد من ذلك مع اتجاه الصين للتصدير إلى أوروبا لتكون مصر محطة مهمة لهذه الصناعة، خاصة وأن الدول العربية بدأت تشهد استثمارات ضخمة للاهتمام بهذه الصناعة مع توفر الأموال الناتجة عن الطفرة النفطية.