عدم طرح مشاريع B.o.t جديدة يهجر رؤوس الأموال المحلية

طالب علي


16/02/2007 يستعرض عدد من الشركات الخاصة واكاديميين اوراق عمل في المؤتمر السادس لمشاريع التنمية والبنية الاساسية التي تقام وفق نظام ال B.o.t الذي سيقام تحت رعاية وزير المالية بدر الحميضي يومي 17 و18 فبراير الجاري.
وتتناول الشركات القضايا المستجدة التي اثرت على مشاريع وآليات معالجة هذه القضايا التي تؤثر على عملية التنمية الاقتصادية في البلاد والتي تدفع رؤوس الاموال المحلية الى الهجرة للخارج للبحث عن فرص استثمارية وخصوصا ان الدول الخليجية والعربية تتنافس بشدة لجذب رؤوس الاموال عبر توفيرها للتشريعات والمناخ الاستثماري المناسب لجذب الاموال الكويتية.
واكد عدد من المسؤولين في الشركات التي سترعى المؤتمر السادس اهمية اقرار قانون ال B.o.t لمساعدة القطاع الخاص في القيام بدور اساسي في مشاريع التنمية الاقتصادية. مؤكدين ان المؤتمر يساهم بشكل مباشر في زيادة الوعي الثقافي باهمية هذه المشاريع التي اعطت الفرصة كاملة للقطاع الخاص ليبرز قدراته الفنية والمالية بما يحقق خدمة كل من الاقتصاد الكويتي والمواطنين على حد السواء.
في البداية اكد رئيس مجلس الادارة والعضو المنتدب في 'الاستثمارات الصناعية' الدكتور طالب احمد علي ان مشاريع ال B.o.t تهدف الى افساح المجال امام القطاع الخاص للمساهمة في العملية التنموية والاقتصادية بالبلاد حيث انها طريقة قد تكون اجدى واكثر فائدة من الاعتماد فقط على القطاع العام في تنفيذ مثل هذه المشاريع كما انها مشاريع تتسم في حقيقة الامر بالفائدة المزدوجة للقطاعين العام والخاص فهي توفر للحكومة فرصة الحصول على العوائد المناسبة وتوفر للقطاع الخاص المساهمة الفعالة في المشاريع التنموية، متوقعا ان يكون لهذه المشاريع جدوى اقتصادية اكبر في المستقبل القريب اذا ما تم تذليل بعض المعوقات التي تعترض طريق عمل هذه المشاريع. ورأى ان نجاح اي طرف في الفوز بمشروع B.o.t يحتاج الى عدة مقومات اهمها القوة المالية والرؤية الفنية لكيفية تطوير هذا المشروع وذلك حتى يتحقق النجاح لهذا المشروع، موضحا ان الاستثمارات الصناعية تلجأ الى نظام التحالفات في تنفيذ مشاريعها بحكم ان هذه الخطوة تساهم في تكامل الجوانب المالية والفنية والادارية والنظرة الشاملة مما ينعكس ايجابا على تنفيذ مشاريع ذات قيمة مضافة للاقتصاد الوطني وايضا على توسيع رقعة المساهمين في الشركات المتحالفة وبالتالي في زيادة اعداد المواطنين الحاصلين على فوائد من هذه المشاريع.
وذكر طالب علي ان الملاحظات الاخيرة لديوان المحاسبة انعكست سلبا على مشاريع ال B.o.t وخصوصا بعد القرار الصادر بوقف طرح مشاريع جديدة لتنفيذها بنظام ال B.o.t، مؤكدا ان هذا القرار سيدفع الشركات الكويتية الى البحث عن فرص خارجية للاستثمار فيها وبالاخص في منطقة الخليج التي توفر معظم المتطلبات اللازمة لجذب الاستثمارات الجديدة وبالتالي ستكون هناك هجرة لرؤوس الاموال المحلية وتوطينها في اماكن ومناطق اخرى.
العملية التنموية
بدوره قال الرئيس التنفيذي للشؤون الفنية والعقارية في الشركة التجارية العقارية المهندس وليد الجري ان الحملة التي تتعرض لها مشاريع ال B.o.t حاليا ليست في مصلحة العملية التنموية للكويت، مبينا ان هذه المشاريع تم تنفيذها بمعرفة الدولة، وبالتالي فان اي مخالفات قد تحدث فيها فمن الطبيعي ان تتم دراستها لعلاجها، مشيرا الى ان اتباع اسلوب فسخ العقود ليس بالحل الامثل وذلك كون ان هذه العملية ستتسبب في خسائر مالية كبيرة للشركات المنفذة لهذا المشاريع.
آلية التطبيق
واوضح رئيس مجلس الادارة والعضو المنتدب لشركة المدار للتمويل والاستثمار نبيل امين ان التقارير الاخيرة التي صدرت من قبل ديوان المحاسبة والخاصة بمشاريع ال B.o.t قد بينت ان الخلل في هذه المشاريع يكمن في آلية التطبيق التي شابها العديد من الشوائب خصوصا في المشاريع الاخيرة. داعيا الى اصدار قرارات ولوائح تنظم مثل هذا النوع من المشاريع، نظرا لاهميتها ولكونها تساهم في دفع عجلة التنمية وتساعد على تطوير الاقتصاد الوطني.
كما شدد على ضرورة تفعيل عمل اللجنة التي تم تشكيلها من قبل مجلس الوزراء في اجتماعه (2005/2) المنعقد بتاريخ 2005/5/19 والتي تقدمت بمقترحاتها الى مجلس الوزراء بخصوص تنظيم المشاريع المطروحة بنظام ال B.o.t وفقا لضوابط واسس واضحة ومحددة.
مشاريع الخصخصة
اما نائب الرئيس لمنطقة الكويت والعراق في شركة نظم وتحليل وضبط المعلومات 'بروجاكس' سمير ابو شنب فقال ان مشاريع البناء والتشغيل واعادة الملكية تعتبر من اهم مشاريع التحول نحو الخصخصة في الكويت وبتعبير آخر هي المشاريع الاكثر نشاطا باتجاه الخصخصة. مبينا انه وعلى الرغم من اهمية هذا النوع من المشاريع فانها تسير بخطوات متثاقلة على نحو ما. واكد ان هناك تطلعا لدى القطاع الخاص نحو التوسع والاستثمار في هذه المشاريع، وبالوقت نفسه فان هذا التطلع يواجه قوانين لا تتناسب مع المرحلة الحالية من حيث النشاط الاقتصادي، موضحا ان الحل يكمن في مراجعة تلك القوانين بهدف اعطاء المزيد من الحرية للقطاع الخاص للتحرك وتنشيط السوق.
ضربة قاسمة
الرئيس التنفيذي لشركة جبلة القابضة محمود الجعفر رأى ان مشاريع ال B.o.t تلقت ضربة قاسمة نهاية العام الماضي بعد قرارات وزارة التجارة والصناعة بسحب بعض المشاريع من شركات كويتية قامت بانفاق الملايين على هذه المشاريع، مشيرا الى ان القطاع الخاص لا يمانع في سيادة القانون ضد التجاوزات على املاك الدولة وانما الاعتراض هو على طريقة سحب هذه المشاريع حيث ان الطريقة السليمة لهذه الخطوة هو تنفيذها من خلال القضاء وليس بصدور قرار من قبل وزير التجارة والصناعة. وقال ان اصدار الوزير لهذه القرارات، وهو ليس الجهة المختصة بها ودون الرجوع الى القضاء للفصل في التجاوزات المسجلة على هذه العقود، يعتبر من الضربات غير المباشرة لمشاريع ال B.o.t بشكل عام وللقطاع الخاص الذي دأب على تطوير هذه المشاريع على مدار السنوات الماضية، ومبينا ان طبيعة هذه المشاريع تبقى علاقة مباشرة بين المستثمر ووزارة المالية من جهة وبين المستثمر والهيئة العامة للصناعة من جهة اخرى وبالتالي فان محل النزاع حول تجاوزات المشاريع هو القضاء الكويتي وليس وزارة التجارة والصناعة.
تسرع.. والأخطاء تراكمات
ووصف محمود الجعفر الطريقة التي تمت بها عمليات فسخ العقود ب'المتسرعة' والمستندة إلى تقرير لديوان المحاسبة وليس إلى القضاء الكويتي، مشيرا الى ان تلك الاخطاء جاءت متراكمة وبسبب تقاعس جهات حكومية عن معالجة تلك التجاوزات على مدار السنوات الماضية وهو ما كان يجب معالجته بطريقة اخرى بعيدا عن فسخ العقود، ومعتبرا ان طبيعة عقود ال B.o.t تحتاج الى فهم اكبر نظرا لان مدة تنفيذ هذه المشاريع هو 25 عاما وهي فترة طويلة قد يحتاج المستثمر خلالها لاجراء بعض التعديلات التي تتناسب وطبيعة هذا الاستثمار والتغيرات التي تحدث في محيطه من تنافس يفرض التجديد المستمر لتحقيق العوائد المنتظرة من هذا الاستثمار.
وقال الجعفر ان القطاع الخاص ينمي الوصول إلى حل لمشاكل مشاريع ال B.o.t القائمة منذ سنوات والمتمثلة في الروتين والبيروقراطية ومدة الاستثمار والتمويل، ولكنه فوجئ ان 2007 جاءت لتشهد استكمالا للحديث عن هموم ومشاكل ال B.o.t وليس وضع الحلول المناسبة لمشاكل قديمة متمثلة في فترة سنوات استغلال المشروع او التدخل الحكومي او عدم وجود الشفافية في تكافؤ الفرص فضلا عن تدخل مجلس الامة والتعقيد الحكومي من تشابك اداري يعطل سير الحصول على التراخيص والاوراق الرسمية للمشروع لمدة تصل الى عامين على اقل تقدير.
واضاف ان التقارير الاخيرة التي صدرت عن ديوان المحاسبة والخاصة بمشاريع ال B.o.t بينت ان الخلل في هذه المشاريع يكمن في آلية التطبيق التي شابها العديد من الشوائب وخصوصا في المشاريع الاخيرة. داعيا الى اصدار قرارات ولوائح تنظم مثل هذا النوع من المشاريع نظرا لاهميتها ولكونها تساهم في دفع عجلة التنمية وتساعد على تطوير الاقتصاد الوطني.
مشاكل عديدة
اما امين سر مجلس ادارة البنك الاهلي الكويتي عبد الله محمود الاسطى فقال ان مشاريع ال B.o.t تحتاج الى دعم حكومي من خلال زيادة فترة الاستثمار في المشروع بدلا من المدة الحالية التي تبلغ 25 عاما وهو ما سيوفر للمستثمر فرصة ان يكون له خيار افضل عبر دراسات الجدوى لهذه المشاريع، مؤكدا ان البنوك المحلية لو وجدت هذا النوع من التغيير فانها ستقوم بتقديم التسهيلات الخاصة بالجانب التمويلي للشركات الراغبة في الاقتراض لتمويل مشاريعها.
وبين الاسطى ان مشاريع ال B.o.t عانت من مشاكل عديدة خلال الفترة الماضية مما ادى إلى اتخاذ قرارات بفسخ بعض العقود وهو ما يثبت تخوف البنوك المحلية من المخاطرة بتمويل هذه المشاريع ما لم يكن هناك ضمان مالي ليحافظ على حقوقها المالية، فضلا عن عزوف الاموال الكويتية بشكل عام عن الاستثمار محليا والبحث عن فرص خارجية لضمان عدم التعرض لعملية سحب مشروعها لاي اسباب.
وطالب الحكومة بضرورة النظر بعين الاهتمام الى تلك النقاط التي من شأنها ان تشجع المؤسسات التمويلية على تقديم دعمها الكامل للقطاع الخاص في تنفيذ مشاريع ال B.o.t خصوصا انها تعمل وفق اساليب انتقائية لضمان المحافظة على اموال المودعين.
بيروقراطية قاتلة
بدوره قال مدير اول ادارة المشاريع العقارية والادوات المالية في قطاع ادارة الاصول في الشركة الكويتية للاستثمار علاء الرومي ان الكويت امامها فرصة كبيرة من الآن وحتى خمس سنوات مقبلة للتحول الى مركز مالي اقليمي، كونها تمتلك جميع المقومات اللازمة لتحقيق هذا الهدف اذا تم توظيف هذه المقومات بشكل سليم، وفي مقدمتها الاوضاع الامنية المستقرة والفوائض المالية وارتفاعات اسعار النفط، وكذلك الكوادر البشرية القادرة على العطاء والابداع اذا ما اتيحت الفرص امامها، فضلا عن الموقع الجغرافي للكويت، حيث تشكل الكويت بوابة لدخول السوق العراقي والايراني وكذلك اسواق دول اسيا الوسطى، مضيفا ان المشكلة في الكويت تكمن في انها مازالت تعيش مرحلة بيروقراطية قاتلة تحد من انطلاقتها فضلا عن البطء في اتخاذ القرار الامر الذي ساهم في تعطيل اقامة الكثير من المشاريع الكبرى.

سلبيات التردد
واكد الدكتور طالب علي ان تردد الحكومة في اقرار القانون الخاص بمشاريع ال B.o.t سوف ينعكس بصورة او بأخرى على مشاريع التخصيص وعلى مدى مساهمة القطاع الخاص في القيام بدوره المنتظر في هذه المشاريع، متمنيا ان تتسارع وتيرة اقرار الضوابط والشروط والقوانين المتعلقة بهذه المشاريع وهو ما سيفسح المجال بشكل اكبر لتفعيلها وبخاصة في ما يتعلق بما يطرح في القطاع النفطي، وكذلك في ايجاد الحلول القانونية المناسبة لتسهيل عملية التمويل التي يعاني منها القطاع الخاص.

جهاز دائم للإشراف على المشاريع
دعا وليد الجري الى ايجاد جهاز دائم للاشراف على مشاريع التنمية والبنية التحتية لتكون مختصة بوضع التشريعات الخاصة بهذه المشروعات وبتحديد آلية واشتراطات موحدة يتم تطبيقها على جميع المستثمرين، وبالشكل الذي يحقق الشفافية والعدالة بينهم، ويفسح المجال امام الشركات للاطلاع الكامل على ماهية هذه المشاريع وما هو المطلوب منها بكل وضوح، وكذلك جدواها عند التطبيق وانعكاساتها على الاقتصاد الكويتي، وعلى الدولة بشكل عام، هذا الى جانب ضرورة ان توضع شروط وضوابط للشركات المتقدمة لمثل هذه المشاريع.

ضمان حقوق الدائنين
اقترح عبدالله الاسطى ان يتضمن القانون المنتظر لمشاريع ال B.o.t نصا لضمان حقوق الدائنين من خلال الموافقة على تأسيس شركة خاصة لكل مشروع يتم تنفيذه بنظام ال B.o.t حتى تتمكن البنوك من تمويل هذه المشاريع مستندة في ذلك الى امكانية رهن اسهم الشركة لدى البنك.

المشاركة في صياغة القوانين
شدد سمير أبو شنب على اهمية مشاركة القطاع الخاص في اعادة صياغة القوانين ووضع الآليات المناسبة له، معتبرا انه لا فائدة من وضع قوانين شكلية غير قابلة للتطبيق، مضيفا ان 'بروجاكس' تجد صعوبة في ادارة المشروع المثالي الذي يعزز من سمعتها حيث توجد دائما مشاكل وعراقيل تحاول التغلب عليها في كل مرة ولكنها تبقى في النهاية ملتزمة بالقوانين.

دور أكبر للشركات
طالب علاء الرومي بافساح المجال امام الشركات للقيام بدور كبير في تطوير القطاع الصحي الذي يعاني من خلل واضح وعدم تطوير منذ سنوات طويلة وكذلك في تطوير كل من الجامعة والموانئ والبريد والجمارك وغيرها من القطاعات التي لم تحظ حتى الآن بالاهتمام الكافي من الاجهزة الحكومية المختلفة، ومطالبا ايضا بتطبيق القوانين وليس فقط سنها او اقرارها وذكر الرومي انه ونظرا الى الصعوبات التي تواجهها الشركات في تنفيذ مشاريع ال B.o.t فقد قامت الشركة الكويتية للاستثمار بتنفيذ مشاريع خارج الكويت بالتحالف مع بعض الشركات المحلية، وذلك في كل من قطر والبحرين وعمان والسعودية نظرا لما تتمتع به هذه الدول من توفير التسهيلات اللازمة للراغبين في الاستثمار بمشاريع ال B.o.t.

الشركات ظلمت كثيرا
وبين نبيل امين ان الشركات الاستثمارية قد ظلمت كثيرا بسبب الهجوم عليها لادارتها وتشغيلها لمشاريع ال B.o.t على الرغم من الخطورة المادية التي تعاني منها الشركات خلال تنفيذها لهذه المشاريع والتي قد تؤثر سلبا على العوائد المتوقعة من المشروع، كما ان القطاع الخاص يمتلك التمويل الكافي لتنفيذ المشروع ويستطيع ان يصل الى اعلى درجات الكفاءة التشغيلية وهو ما تعجز عنه الجهات الحكومية في كثير من الاحيان.
وحول اشد المعوقات التي تواجه القطاع الخاص الكويتي قال امين انها تتمثل في التعقيد الاداري، فضلا عن تعدد الجهات الرسمية التي تتعامل معها الشركات اضافة الى التضارب في القوانين من جهة الى اخرى، وكذلك قلة الوعي بمثل هذا النوع من المشاريع مما يؤدي الى تعطيل المشروع، ضاربا المثال على ذلك بأن العديد من الشركات استغرقت فترات زمنية طويلة للحصول على الموافقات اللازمة للبدء بتنفيذ المشروع وبمدد زمنية استمرت لفترات تفوق الفترات المتوقعة لانجاز المشروع نفسه.

سلبيات التدخل النيابي
انتقد محمود الجعفر عدم وجود استراتيجية واضحة لطرح مشاريع ال B.o.t، مبينا ان استمرار تدخل مجلس الامة في هذه المشاريع سوف يؤثر سلبا على سمعة الكويت الاقتصادية وعلى جذب الاستثمارات الاجنبية الى البلاد. كما اكد ان الحكومة مطالبه بالاستعانة بالخبرات الاجنبية في اعداد مستندات العطاءات، وفي عملية التقييم الفنية والمالية الصحيحة، كما شدد على ضرورة تطبيق مبدأ العدالة في تقييم العروض المقدمة من قبل الشركات لضمان مبدأ تكافؤ الفرص بين الشركات الاستثمارية.