أحلام اللبنانيين في ميدالية "سلوية" تبخرت

اعتقد الجميع أن منتخب لبنان لكرة السلة سيكون "الرقم الصعب" مجدداً بين أقرانه في القارة الصفراء عندما افتتح مشواره في الدوحة بفوز كاسح على أوزبكستان، لكن سرعان ما بدأت الأحلام اللبنانية في ميدالية "سلوية" تذهب أدراج الرياح بعد سقوط وصيف بطل أسيا في مباراة تلو الأخرى.

كما فقد المنتخب اللبناني آماله في التأهل إلى الدور ربع النهائي بخسارته أمام كازاخستان، حيث كان يشكل المخرج النفسي لمعظم الشعب اللبناني من شجونه اليومية، المُتمثلة في الأزمة السياسية والأمنية التي تضرب البلاد منذ فترة.

أيضاً رأى اللبنانيون في مشاركتهم الآسيوية ملاذاً يبعدهم ولو لفترة قصيرة عما يدور في شوارع السياسة الضيقة والاحتقان الداخلي، كما كان الحال عندما خاض غمار مونديال اليابان في نهاية الصيف الماضي رغم أهوال الحرب.

وارتقى رجال السلة نحو تطلعات جماهيرهم والبلد بأكمله ورفع العلم اللبناني في أكبر محفل عالمي في هذه اللعبة، مُحققاً فوزين تاريخيين، على المنتخب الفرنسي الذي تعج صفوفه بنجوم الدوري الأميركي للمحترفين، وبات قاب قوسين أو أدنى من التأهل إلى الدور الثاني، إلا أن نيجيريا أطاحت بآماله بفوزها عليه بعد أن فازت على منتخب صربيا حامل اللقب، ليخرج اللبنانيون بفارق المواجهات المباشرة مع صربيا ونيجيريا.

بعد ذلك، رأى متابعو اللعبة أن المنتخب اللبناني وبالعناصر نفسها التي خاضت غمار المونديال الياباني، سيضرب موعداً مع التألق وسيكون على منصة التتويج في اليوم الختامي للدوحة 2006، لكن عوامل عدة دخلت على الخط لتقف حائلاً دون ذلك.

رد الجميل لقطر

وقرر القيمون على اللعبة عدم إشراك المنتخب في "عُرس" القارة الصفراء بسبب المشاكل التي تمر بها البلاد وغياب التحضيرات لهذا الحدث، وكان القرار مبرماً نفسياً وبدنياً عند اللاعبين، حتى تدخل وزير الشباب والرياضة حينها أحمد فتفت ليطلب من الاتحاد اللبناني لكرة السلة إشراك المنتخب في خطوة تندرج بشكل أو بآخر في إطار رد الجميل لقطر التي هبت لمساعدة لبنان للنهوض من جديد بعد الحرب الأخيرة.

آنذاك قال رئيس البعثة اللبنانية وليد يونس "مثلما وقفت قطر إلى جانبنا في الأيام العصيبة كان لا بد لنا من الموافقة على الحضور في دورتها بأكبر عدد ممكن من الرياضيين، وبعدما وجدنا أن كلفة المشاركة في الدوحة صغيرة لعدم إقامتها في بلد بعيد عنا، ارتأينا إتاحة الفرصة أمام منتخباتنا لتأكيد حضوره على الساحة القارية".

ينطبق ما قاله يونس على منتخب كرة السلة لما له من قيمة آسيوية وتأثير على منافسات هذه اللعبة في الدوحة 2006، لكن ما حصل أن صورة وقيمة هذا المنتخب تشوهت "رياضياً" بسبب قرار إداري سياسي وفقد شيئا من هيبته في المحافل القارية وحتى العالمية بعد سقوطه أمام منتخبات كان سبق أن فاز على بعضها مثل اليابان.

ثم سقط أمام كازاخستان والصين تايبيه، ويبقى أمامه اختباراً "تعجيزياً" أمام الصين وصيف النسخة السابقة في بوسان 2002، وبطلة هذه الألعاب 4 مرات على التوالي، خصوصاً أن نجمه وقائده فادي الخطيب سيغيب عن هذه الموقعة بسبب إصابة في ظهره.

فشل إداري وفني

أما العامل الثاني الذي لعب دوره في هذا الإخفاق، فكان فنيا وإدارياً عندما فشل اتحاد اللعبة في إقناع المدرب الأميركي بول كافتر الذي قاد لبنان في المونديال، بالإشراف على المنتخب في الدوحة.

وقال رئيس الاتحاد اللبناني ميشال طنوس إن عدم الوصل لاتفاق مُبرم بين الطرفين يرجع لأن "فترة إعداد العقد كانت قصيرة".

كان كافتر رفض مغادرة بيروت مع بعثة المنتخب متهماً الاتحاد اللبناني بالمناورة للتهرب من توقيع عقد واضح المعالم يضمن حقوقه، قائلاً "منذ عودتي للإشراف على المنتخب اللبناني شرحت للاتحاد اللبناني طلبي بتوقيع عقد جديد، وإلا سأعتذر عن السفر مع المنتخب إلى الدوحة، فلا يختلف اثنان أن مطلبي محق، كما أن توقيع عقد مماثل سيضمن حقوق الطرفين".

في المقابل، رد طنوس أنه سبق أن اتفق مع كافتر على إبرام عقد معه فور عودته من الدوحة، مؤكداً أن الفترة كانت قصيرة لإعداده بسبب تعذر تحديد مواعيد الاستحقاقات المستقبلية للمنتخب الأول ومنتخب الناشئين.

وأضاف طنوس "فوجئت برفض كافتر السفر مع المنتخب إلى قطر في نهاية الأمر".

ولم يجدد الاتحاد اللبناني عقد كافتر عقب العودة من مونديال اليابان على الرغم من النتائج الجدية للفريق، وذلك لأسباب وصفها بـ"المسلكية"، إلا أن الأميركي عاد إلى منصبه بعد طلب وزير الشباب والرياضة مشاركة المنتخب في ألعاب الدوحة.

وأوكلت مهمة الإشراف على المنتخب للمدرب المساعد، العراقي قصي حاتم الذي لعب دوراً في النتائج الهزيلة في الدوحة، إذ وجد صعوبة في إدارة المباريات، فكيف يمكن للاعب ارتكاز وهو جوزف فوغل أن يسدد 15 مرة من خارج القوس في مباراة لعب فيها اليابانيين دفاعاً "رجل لرجل" في معظم فتراتها مقابل 13 محاولة من داخل المنطقة الملونة فقط.

ولم يكن فوغل الوحيد الذي أمعن في التسديد من هذه المسافة، لكنه في الواجهة لأنه لاعب ارتكاز ومكانه تحت السلة رغم قدرته على التسجيل من خارج القوس، خصوصاً أنه كان بإمكان المنتخب أن يستفيد من وجوده في المنطقة الملونة بشكل يسمح لهم بتطبيق الخطة المرسومة بمرور الكرة عبر لاعب الارتكاز ثم تحويلها إلى اللاعب المتواجد في المكان المناسب للتسجيل.

ثم اعتبر اللبنانيون أن مباراة اليابان أصبحت وراءهم وبأن تأهلهم مسألة وقت ليس إلا، لأنهم سيفوزون على كازاخستان، لكن سيناريو الجولة السابقة تكرر مجدداً وأمعنوا في تسديداتهم من خارج القوس (نجحوا في 8 محاولات من أصل 33) منها 8 محاولات لفوغل فسقطوا مرة أخرى.

أصبح مصير اللبنانيين معلقاً على مباراتهم مع الصين تايبيه التي قدمت أداء قوياً في كل مبارياتها، لكن الحظ عاكسهم إلى جانب أدائهم الفني، فأصيب الخطيب بظهره ما أجبر المدرب على عدم إشراكه حتى الشوط الثاني لكن دون جدوى رغم تسجيله 15 نقطة في حوالي 19 دقيقة، لأن الفريق المنافس كان متقدماً بفارق 17 نقطة، وحافظ على أفضليته حتى النهاية.

بناء على طلب الجماهير

من جهته، أكد الخطيب أنه شارك في مباراة الصين تايبيه تلبية لطلب الجماهير الكبيرة التي حضرت إلى الملعب لمشاهدة المنتخب ومن أجل بلاده.

قال الخطيب "نصحني الطبيب بعدم اللعب بسبب إصابة في ظهري، لكني أردت أن أفعل كل ما بإمكاني من أجل بلادي، لم أكن أقوى على المشي، لقد لعبت من أجل لبنان ومن أجل الجماهير التي كانت تطالب بي".

وعزا الخطيب خسارة بلاده 3 مباريات على التوالي إلى انعدام التحضير لهذا الحدث، وإلى غياب الدعم من الاتحاد المحلي للعبة، مؤكداً أن المنتخب خاض 3 حصص تمرينيه فقط قبل البطولة.

من المقرر أن يغيب الخطيب عن لقاء فريقه أمام الصين بطلة أسيا ووصيفة النسخة السابقة في الجولة الأخيرة من منافسات المجموعة الثانية لعدم اكتمال شفائه.