ورهبانية ابتدعوها

[سالم الزهران]

بسم الله الرحمن الرحيم السلام

لا اظن أن هناك أحد لم تتكدر نفسه مما جرى ويجري للمسلمين في مدينة غزة، وما اشبه الليلة بالبارحة و اذا ما رمنا الحديث عن غزة فأقصى ما تتمناه ليس أن تسمع بخبر وقف العمليات فذلك منتهى الأمر و لكن أمنيتي أن أجد من يتحدث عن هذه المشكلة بمنطق مقنع بعيد عن العاطفة التي تعمي البصيرة وتئدُ الفكرة.


إذْ لا يمكن لأي فكرة محفوفة بالعاطفة أن تثمر عن قرار صحيح.. ولكي لا نقع في السردية نعود لموضوعنا المستقى من قوله تعالى: (ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم).. الآية.

هذه الآية القرآنية تشير الى موقف يتخذه الانسان ويلزم نفسه به وهو غير مكلف بذلك القدر من الالتزام.. وأصل هذه الفكرة قديم النشأة في الأمم السابقة التي جاء الاسلام بشريعة خير من شرائعهم وأوسط منها وأكمل.

قال الله تعالى (لا يكلف الله نفساََ الا وسعها).

فهذا خالدٌ رضي الله عنه انسحب بجيش المسلمين (وهم صحابة وهم رجال وسلاحهم معهم) وليس فيهم طفل ولا امرأة و لا عاجز أو شيخ طاعن، انسحبوا من وجه الروم ونصارى العرب في معركة مؤتة إيثاراََ لسلامة المسلمين وتحقيقاََ لقواعد شرعية مأثورة من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم نفسه في غزواته.

فيجوز للمسلم المهادنة ويجوز للمسلم التقية بشروطها ولم نعرف من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يكلف الناس بما لا يطيقون من جهاد بالنفس أو بالمال.

لكن هذه القواعد كلها لا تكاد تجد منها شيئاََ فيما يجري في غزة أو في منهج من يحكمون غزة.

فقد أخذوا على انفسهم مجابهة عدو صائل لا يملكون ما يملكه من اسلحة فتك وتدمير و لا أدري ما هي المصلحة! هل سيتحقق شيئ لم تحققه الانتفاضات الشعبية السابقة وهي أكبر نطاقاََ وزخماََ! هل سيبتعد اليهود عن الأقصى؟

الم يعلم حكام غزة أن هدم الكعبة أهون عند الله من أن يراق دم مسلم ظلماََ وعدواناََ؟

ما هي المصلحة الشرعية التي تحققت لحكام غزة؟ ما هي المصلحة او التكليف الشرعي الذي وقع على ذلك الأب أو الأم التي تتلمس اشلاء اطفالها في ذهول؟ هل كلفهم الله بهذا يا اسماعيل! هل هذه مصلحة شرعية يا مشعل؟

لو سألت بعض المعارضين لهذا السرد الناقد لحركة الاخوان في غزة وقلت له (هل تؤيد أو تدعم نشوب حرب بين دولتكم ولن نقول أمريكا لكن إيران مثلاََ؟)

فسيعارضك رغم أن المقاربة من حيث اسلحة الدفاع متوفرة في دولته اكثر مما هي عند اهل غزة!

اذا لماذا نسكت عن هذه الأفعال التي تقوم بها حركة ح م ا س، وانتم تعرفون انها تستجلب بطش ألعن أمة عرفها التاريخ (اليهود) الذين لعنهم الله في كتابه و هم قتلة أنبيائه وهم الذين يتحينون الفرصة لقتلك والتنكيل بك، لماذا تعطيهم هذه الذريعة؟
لماذا تؤيد عملاََ حمساوياََ انت لا تستطيع نصرته ولا دعمه الا بكلمات عاطفية او اذا كنت ممن يدعو فنعم السلاح الدعاء لكن أين الأسباب؟

الا تدري أن الناس كانوا يطلبون الدعاء من أهل الثغور (مثل أهل غزة) وليس العكس ومع كل هذا فالسنتنا تلهج بالدعاء لأننا لا نملك غيره، وإن كان لي دعوة مستجابة فأسأل الله أن يولي على أهل غزة من يرأف بحالهم ويحفظ دماءهم و لا يجعلهم طعمةََ لعدوهم.. أما التحرير وهذه القضايا فهي عمل اسلامي مشترك لا يمكن أن يقع ثقلها على طائفة معينة أو زمرة قليلة فيهلكون تحت وطأته.

فالواجب الإعداد و التنسيق اذا كان المطلوب هدف كبير مثل تحرير الأرض المحتلة، أما إن كان هناك أهداف صغيرة او حزبية (ولسنا نرى أي هدف أو فائدة تذكر) فالموضوع متروك لتقديركم، هل لو أسرتم النتن ياهو نفسه يستاهل كل تلك النفوس التي أزهقت!

ما أتفه الانجاز ولو كان رأس نتن ياهو في مقابل تلك البراءة التي سلبت من الاطفال والأنفاس التي تقطعت من الأمهات؟ ما اتفه كل يهود العالم في مقابل ظفر طفل مسلم.

اللهم أجعل الدائرة تدور على اليهود ومن والاهم وعاونهم، واجعل للمسلمين فرجاََ عاجلاََ ولا تول عليهم من لا يرحمهم ولا يحفظ أمانتهم.