النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: للعبد فيما يصيبه من أذى الخلق

  1. #1
    تميم المجد الصورة الرمزية امـ حمد
    رقم العضوية
    13778
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    الدولة
    قطر
    المشاركات
    20,902

    للعبد فيما يصيبه من أذى الخلق

    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    للعبد فيما يصيبه من أذى الخلق

    قال العلامة ابن القيم رحمه الله، القدر،وهو إن يعلم إن ما جرى عليه بمشيئة الله وقضائه وقدره فيراه كالتأذي بالحر والبرد، والمرض والألم وهبوب

    الرياح وانقطاع الأمطار، فان الكل أوجبته مشيئة الله فما شاء كان ووجب وجوده،وما لم يشأ لم يكن وامتنع وجوده وإذا شهد هذا، استراح وعلم انه كائن لا محالة فما للجزع منه وجه وهو

    كالجزع من الحر والبرد والمرض والموت،
    والصبر،فيشهده ويشهد وجوبه وحسن عاقبته وجزاء

    أهله وما يترتب عليه من الغبطة والسرور ويخلصه من ندامة المقابلة والانتقام فما انتقم احد لنفسه قط إلا أعقبه ذلك ندامة،وعلم انه إن لم يصبر اختياراً على هذا وهو محمود،صبر

    اضطراراً على أكثر منه وهو مذموم،والعفو والصفح والحلم، فانه متى شهد ذلك وفضله وحلاوته وعزته لم يعدل عنه إلا لغبش في بصيرته،فانه

    ما زاد الله عبدا بعفو إلا عزاً،كما صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم(وما انتقم احد لنفسه إلا ذل،الراوي،جابر بن عبدالله المحدث،الألباني ،المصدر،صحيح الجامع،هذا وفي الصفح والعفو

    والحلم من الحلاوة والطمأنينة وشرف النفس وعزها ورفعتها عن تشفيها بالانتقام ما ليس شيء منه في المقابلة والانتقام،والرضا ،وهو فوق

    مشهد العفو والصفح وهذا لا يكون إلا للنفوس المطمئنة، سيما إن كان ما أصيبت به سببه القيام لله،فإذا كان ما أصيب به في الله وفي مرضاته ومحبته رضيت بما نالها في الله،وهذا شان

    كل محب صادق يرضى بما يناله في رضى محبوبه من المكاره،ومتى تسخط به أو تشكى منه كان دليلاً على كذبه في محبته والواقع شاهد بذلك والمحب الصادق كما قال منشد،من أجلك

    جعلت خدي أرضا،،،للشامت والحسود حتى ترضى،ومن لم يرضى بما يصيبه في سبيل رضا محبوبه،فلينزل عن درجة المحبة وليتأخر فليس من ذا الشأن،

    والإحسان،وهو ارفع مما قبله وهو إن يقابل إساءة المسيء بالإحسان فيحسن إليه كما أساء هو إليه،ويهون هذا عليه علمه بأنه قد ربح عليه وانه

    قد اهدي إليه حسناته ومحاها من صحيفته وأثبتها في صحيفة من أساء إليه،فينبغي أن تشكره وتحسن إليه بما لانسبة له إلى ما أحسن به أليك،وهنا ينفع استحضار مسألة اقتضاء الهبة،

    الثواب وهذا المسكين قد وهبك حسناته،فان كنت من أهل الكرم فأثبه عليها لتثبت الهبة وتامن رجوع الواهب فيها،وفي هذا حكايات معروفة عن أرباب المكارم وأهل العزائم ،ويهونه عليك

    أيضاً علمك بان الجزاء من جنس العمل، فان كان هذا عملك في إساءة المخلوق أليك عفوت عنه وأحسنت إليه مع حاجتك وضعفك وفقرك وذلك،فهكذا يفعل المحسن القادر العزيز الغني بك في

    أساءتك،يقابلها بما قابلت به إساءة عبده أليك، فهذا لا بد منه وشاهده في السنة من وجوه كثيرة لمن تأملها،والسلامة وبرد القلب،

    وهو مشهد شريف جداً لمن عرفه وذاق حلاوته، وهو إن لا يشتغل قلبه وسره بما ناله من الأذى وطلب الوصول إلى درك ثأره وشفاء نفسه،بل يفرغ قلبه من ذلك ويرى إن سلامته وبرده وخلوه

    منه انفع له،وألذ وأطيب واعون على مصالحه، فان القلب إذا اشتغل بشيء فأته ما هو أهم عنده،وخير له منه،فيكون بذلك مغبوناً، والرشيد لا يرضى بذلك، ويرى انه من تصرفات السفيه

    فأين سلامة القلب من امتلائه بالغل والوساوس وأعمال الفكر من إدراك الانتقام،الأمن فانه إذا ترك المقابلة والانتقام، آمن ما هو شر من

    ذلك وإذا انتقم واقعه الخوف ولا بد فان ذلك يزرع العداوة ،والعاقل لا يامن عدوه ولو كان حقيراً،
    فكم من حقير أردى عدوه الكبير،فإذا غفر ولم ينتقم ولم يقابل امن من تولد العداوة أو

    زيادتها،ولا بد إن حلمه وعفوه وصفحه يكسر عنه شوكة عدوه ويكف من جزعه بعكس الانتقام والواقع شاهد بذلك أيضاً،والنعمة، وذلك من وجوه،

    احدها،إن يشهد نعمة الله عليه في إن جعله مظلوماّ يترقب النصر ولم يجعله ظالماً يترقب المقت والأخذ فلو خير العاقل بين الحالتين ولا بد من احدهما لاختار إن يكون مظلوماً،

    ومنها،إن يشهد نعمة الله عليه في التكفير بذلك من خطاياه، فانه ما أصاب المؤمن من هم ولا غم ولا أذى إلا كفر الله به من خطاياه، فذلك في الحقيقة دواء يستخرج به منه داء الخطايا

    والذنوب، ومن رضي إن يلقى الله بأدوائه كلها وأسقامه،ولم يداوه في الدنيا بدواء يوجب له الشفاء فهو مغبون سفيه، فأذى الخلق لك كالدواء الكريه من الطبيب المشفق عليك ،فلا تنظر

    إلى مرارة الدواء وكراهته، من كان على يديه وانظر إلى شفقة الطبيب الذي ركبه لك وبعثه أليك على يدي من نفعك بمضرته،ومنها،إن يشهد كون تلك البلية أهون وأسهل من غيرها فانه

    ما من محنة إلا وفوقها ما هو أقوى منها وأمر، فان لم يكن فوقها محنة في البدن والمال فلينظر إلى سلامة دينه وإسلامه وتوحيده،وان كل مصيبة دون مصيبة الدين هينة، وانها بالنسبة

    لمصيبة الدين في الحقيقة نعمة، والمصيبة الحقيقية مصيبة الدين،ومنها،توفية أجرها وثوابها يوم الفقر والفاقة،وفي بعض الآثار(انه يتمنى أناس يوم القيامة،عندما يرى الناس أهل البلاء

    يعطون الجزاء العظيم يودون لو أن جلودهم كانت تقرض بالمقارض من عظم ما يرون من العطاء العظيم)حديث صحيح، رواه ابو داود في سننه،وان العبد يشتد فرحه يوم القيامة بما له

    قبل الناس من الحقوق في المال والنفس والعرض، فالعاقل يعد هذا ذخراً ليوم الفقر والفاقة،ولا يبطله بالانتقام الذي لا يجدي عليه شيئاً،والأسوة،وهو

    مشهد شريف، فان العاقل اللبيب يرضى إن يكون له أسوة برسل الله، وأنبيائه وأوليائه وخاصته من خلقه، فإنهم اشد امتحاناً بالناس وأذى الناس إليهم،ويكفي تدبر قصص الأنبياء عليهم

    السلام مع أممهم وشأن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وأذى أعدائه له، بما لم يؤذه من قبله،أفلا يرضى العبد إن يكون له أسوة بخيار خلق الله وخواص عباده الامثل فالامثل،

    والتوحيد، فإذا امتلأ قلبه بمحبة الله والإخلاص له ومعاملته وإيثار مرضاته والتقرب إليه ،وقرت العين به والأنس به والاطمئنان إليه، وسكن إليه

    واشتاق إلى لقاءه واتخذه وليا دون ما سواه، بحيث فوض إليه أموره كلها ورضي به،وفنى بحبه وخوفه ورجائه، وذكره والتوكل عليه عن كل ما سواه، فانه لا يبقى في قلبه متسع لشهود

    أذى الناس له البتة،فضلاً عن إن يشتغل قلبه وفكره وسره ،بتطلب الانتقام والمقابلة،فهذا لا يكون إلا من قلب ليس فيه ما يغنيه عن ذلك ويعوضه منه، فهو قلب جائع غير شبعان،فإذا رأى

    أي طعام هفت إليه نوازعه وانبعثت إليه دواعيه، وإما من امتلأ قلبه بأغلى الأغذية وأشرفها فانه لا يلتفت إلى ما دونها وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.

  2. #2
    عضو مؤسس الصورة الرمزية الصغيره
    رقم العضوية
    38960
    تاريخ التسجيل
    Jul 2011
    المشاركات
    3,546
    جزاك الله كل خير وجعله بميزان اعمالك الصالحه

    اللهم امين



  3. #3
    تميم المجد الصورة الرمزية امـ حمد
    رقم العضوية
    13778
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    الدولة
    قطر
    المشاركات
    20,902
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الصغيره مشاهدة المشاركة
    جزاك الله كل خير وجعله بميزان اعمالك الصالحه

    اللهم امين
    بارك الله فيج حبيبتي
    ويزاااج ربي جنة الفردوس

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •