عدد من موظفي القطاع يرفعون الأمر إلى وزير الطاقة 'لإنقاذ ما يمكن إنقاذه'
استقالات جماعية من 'التسويق العالمي'.. وشركات دولية تشكو تأخر وصول شحنات النفط الكويتي اليها

احمد الفهد


26/04/2006 كتب محسن السيد:
ابلغت مصادر نفطية مطلعة 'القبس' ان قطاع التسويق العالمي في مؤسسة البترول يشهد حاليا عمليات تسرب غير مسبوقة من قبل في القطاع النفطي بين الموظفين الذين تم تأهيلهم وتدريبهم ليتلقفهم القطاع الخاص، وذلك في ضوء الظروف غير الصحية التي قالت المصادر انها تسود القطاع حاليا، الامر الذي خلف حالة من الاستياء بين الموظفين تنذر بتصعيد غير محمود في الفترة المقبلة، وتزايد عدد الاستقالات.
ولفتت المصادر الى ان استمرار هذه البيئة غير المواتية للعمل في قطاع يفترض انه واجهه الكويت، ادت الى تسرب نحو 15% من موظفي القطاع الذين ذهبوا الى القطاع الخاص ووجدوا منافذ عدة لاستيعابهم مع فورة تأسيس الشركات النفطية الخاصة، بينما فقدت المؤسسة هذه العقول والكوادر التي انفقت المؤسسة عليها لتدريبها وتأهيلها.
وقالت المصادر ان الاكثر اهمية هنا ان هذه الصورة التي يبدو عليها قطاع التسويق العالمي حاليا لم تقتصر تأثيراتها السلبية على الداخل فقط، بعد تباطؤ المعنيين في لملمة الامور، بل امتدت تأثيراتها الى خارج الكويت لتطال مهنية وتعاطي القطاع مع العقود والشركات التي تتعامل معها الكويت، وهو ما دفع بعض الشركات الى ارسال كتب انذار او توبيخ للمؤسسة نتيجة اخطاء في قطاع التسويق، وهو ما لم يحدث من قبل في تاريخ مؤسسة البترول.
من بنغلادش
ولفتت المصادر الى ان احد هذه الانعكاسات الخارجية ان مؤسسة البترول تسلمت أخيرا كتابا شديد اللهجة من مؤسسة البترول البنغلادشية، تنشر 'القبس' صورة عنه، وذلك بسبب عدم ارسال مؤسسة البترول الكويتية شحنة النفط في الاسبوع الاول من ابريل الحالي وفق العقد المبرم بين الطرفين.
مذكرة الموظفين
وقالت المصادر ان عددا من موظفي القطاع ينوون تصعيد الموقف الى الجهات العليا وعلى رأسها وزير الطاقة الشيخ احمد الفهد حيث يعتزم هؤلاء الموظفون مقابلة الوزير الفهد عقب عودته من قطر، بعد ان اعدوا مذكرة شاملة تتناول الوضع الراهن في قطاع التسويق والاجواء السائدة.
وقد حصلت 'القبس' على هذه المذكرة ننشرها كما هي في ما يلي:
معالي وزير الطاقة الشيخ احمد الفهد الاحمد الصباح المحترم
تحية طيبة وبعد.
لا يخفى على معاليكم ان قطاع التسويق العالمي في مؤسسة البترول الكويتية يعتبر رافدا من الروافد الرئيسية لاقتصاد هذا البلد، ناهيك عن دوره البارز في امداد القطاع النفطي بالعديد من الخبرات والكفاءات الوطنية على مر السنين، والسمعة البراقة التي ذاع صيتها عبر اسواق النفط العالمية المختلفة من خلال اغتنام الفرص في دخول العديد من الاسواق الجديدة علاوة على تعزيز علاقات التعاون والشراكة مع الشركات النفطية العالمية، انه ليؤسفنا نحن موظفي قطاع التسويق العالمي ان نكون شهود العيان لما آلت اليه الامور من شتات وضياع في هذا القطاع الحيوي بعد تاريخ حافل بالانجازات بما سطره ابناء هذا الوطن المخلصين.
معالي الوزير، نحن اذ ننقل لمعاليكم صورة مبسطة لما يحدث في قطاع التسويق، فان الاحباط لا ينفك يلازم جميع منتسبي هذا القطاع وهم يرون ادارتهم غارقة في هموم مشاكلها وصراعاتها الداخلية دون ادنى مبالاة للمسامير التي مازالت تطرق في نعش قطاع التسويق المتهاوي بقصد منها او دونه. فالكفاءات والخبرات الوطنية التي كانت هي الاساس في تتويج تاريخ مسيرة هذا الصرح الاقتصادي البارز باتت هي اولى ضحايا هذه الفوضى الادارية المتواصلة، كنا نفخر بقول اميرنا الراحل بان الانسان هو اللبنة الاساسية لبناء الاوطان، لكن ها هي ادارة التسويق تعود من جديد لتقول انا ومن بعدي الطوفان.
دعوة للتدخل
معالي وزير الطاقة، ان تدخلكم لوضع حد لحالة انعدام المبالاة التي تعيشها ادارة القطاع تجاه تفاقم ظاهرة تسرب العديد والعديد من عقول وخبرات القطاع المشهود لهم بالكفاءة والاخلاص اصبح مطلبا مهما والمسببات والشواهد عديدة، ومن اهمها:
تذمر بعض عملاء المؤسسة الرئيسيين مؤخرا من سوء اداء المؤسسة في التعامل مع العقود طويلة الأجل بسبب الضعف الواضح في اتخاذ القرار، وتواصل تصعيد هذا الاستياء اعلاميا عبر النشر بالصحف الحكومية احيانا مما يجرح مصداقية المؤسسة ويؤثر سلبا في قوتها التفاوضية امام مختلف العملاء ويعود بالضرر على العوائد المتوقعة لخزينة الدولة.
تشويه صورة المؤسسة خارجيا، حيث اصبح قطاع التسويق فيها موضع سخرية من قبل الشركات النفطية العملاقة الرئيسية بسبب تزايد تعقيدات اجراءات العمل. ومنها على سبيل المثال لا الحصر التوصية التي تمت مؤخرا بعدم ابرام اي عقود جديدة معها الا بعد تقييمها ودراسة وضعها المادي، على الرغم من انه لا يخفى على الجميع ان بعضها كان حجر الاساس في بناء القطاع النفطي الكويتي ككل منذ بداية عصر النهضة.
تحول قيادات المؤسسة الى جناحين رئيسيين بسبب ترسبات بعض قضايا الرأي العام السابقة (هيليبرتون - الشركات الوسطية)، وانعكاس ذلك على سير العمل في ظل عدم وجود قيادة حيادية وحكيمة تراعي مصلحة البلاد والعباد في اتخاذ قراراتها بعيدا عن الخوض في ترهات ودهاليز هذه الصراعات الخفية.
تهميش وسحب صلاحيات
- تهميش دور القيادات الوسطى للقطاع وسحب الكثير من صلاحيات المديرين وغيرهم، مما ساهم ذلك في اضعاف آلية اتخاذ القرار وتعطيلها، وبالتالي التخبط الواضح والعشوائية في اجراءات العمل.
- الانغماس في وضع معايير واجراءات نظرية دون مراعاة الوضع على ارض الواقع، والعمل بطريقة التكرار والخطأ Trial & Error دون الاستفادة من الخبرات المتراكمة.
- تقليل مستوى التمثيل الوظيفي في المكاتب الخارجية على النقيض من المسار الطبيعي التي تتخذه بقية الادارات الواعية في الشركات الاقليمية النظيرة بتعزيز جسور التواصل مع العملاء حول العالم، بالاضافة الى المشاركة الفعالة في رسم التوجه الاستراتيجي للاسواق النفطية الواعدة، دون الالتفات الى الافرازات السلبية الاخرى المصاحبة لهذا القرار ومن اهمها اضمحلال فرص اكتساب المهارات بالممارسة وتقليص مجال الارتقاء الوظيفي داخل القطاع بعد استدعاء جميع مديري المكاتب الخارجية.
- عدم اهلية ادارة القطاع لمجابهة القفزة النوعية التي يشهدها القطاع الخاص، وعدم تحليل ودراسة مسببات هروب الموظفين المتواصل من القطاع بسبب استمرار الصراعات وانعدام الحوافز مما ادى الى خلق بيئة غير صحية للعمل. على الرغم من المبالغ الباهظة التي تنفقها المؤسسة سنويا في سبيل تطويرهم وتأهيلهم علميا وعمليا حتى اصبح موظفو القطاع محط انظار الشركات الاستثمارية الخاصة وهدفا سهلا لاقتناص العمالة الوطنية المدربة في ظل هذه الاوضاع السقيمة. بل لا يزال الموظفون يعانون الامرين من تزايد التضييق عليهم واجبارهم على مزاولة العمل خارج الاربعين ساعة المنصوص عليها في عقد العمل دون مقابل واصرار ادارة القطاع على عدم توفير اسهل سبل التواصل مع العملاء من وسائل وتقنيات حديثة كخطوة بديهية يفترض تبنيها منذ منتصف القرن الماضي.
معايير مزدوجة
- انتشار ظاهرة حجز المناصب على مختلف درجات السلم الوظيفي لمدد طويلة بطريقة او اخرى دون مراعاة مصلحة الاقتصاد الوطني من التبعات الوخيمة لهذه السياسة المستحدثة، وعلى الرغم من المليارات التي تعود بها ادارات القطاع على خزينة الدولة وما تشكله من نسبة لا يستهان بها في الدخل السنوي العام لدولة الكويت.
- غموض المسار الوظيفي لمنتسبي القطاع وتكبيل حماس وطموح الموظفين بسبب تبني سياسة ازدواجية المعايير واستغلال بعض الذرائع الواهية في تفصيل الترشيحات للمكاتب الخارجية والترقيات على اهواء شخصية محددة في صورة اقل ما يقال عنها 'متناقضة جدا'.
معالي الوزير، ما سبق ليس سوى غيض من فيض، وتعنت ادارة القطاع وتجاهلها لجميع المحاولات الجادة لثنيها عن الخوض في غمار مخاطر هذه السياسات الدخيلة وترفعها عن تلبية ابسط متطلبات قطاع استثماري وحيوي كقطاع التسويق لن يوقفه الا وقفة جادة من الغيورين على مصلحة الوطن والمواطنين من امثالكم. ان مسلسل استنزاف الطاقات والكفاءات الوطنية في تزايد مطرد. ما لم يتم وضع حل حاسم للصراعات الخفية بين قيادات القطاع، اضافة الى جميع ماسبق.
التوقيع: مجموعة من موظفي قطاع التسويق العالمي