للعلم..هذه الخطبة كانت بالامس..في جامع حمد بن خالد
في عين خالد..
لعل فيها تعزيز و تأصيل مهم لهذا الموضوع:
"
البكري يحذر من هجر المسلم لكتاب الله
دعا الشيخ عبدالله بن عمر البكري، خطيب جامع حمد بن خالد آل ثاني، المسلمين أن يعوا واجبهم تجاه القرآن الكريم، كل بحسب استطاعته وما آتاه الله، فكتاب الله جل وعلا يستحق منا الكثير؛ لأنه كلام الباري جل وعلا ومفخرة الأمة وأساس تماسكها ووعاء لغتها ونبراس هدايتها، وحذر من هجر المسلم للقرآن.
وقال: لقد عظمت منةُ الله على هذه الأمة، إذ شرفها بإرسال خير خلقه وخاتم رسله واختصها بخير كتبه وتكفل لها بحفظه فقال: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) ولم يجعل الله هذه الميزة لغير القرآن، فقد حرّف أصحاب الكتب السابقة كتبهم ولم تعد تصلح للهداية واشتروا بها ثمـــناً قـليلا فقال فيهم: (فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون).
لذا كان حق القرآن عــلى المسلمين أن تعظم عنايتهم به تلاوةً و تدبراً وحفظا، وتحكيماً له وتحاكما إليه، والتزاماً بحدوده وتعظيماً لحرمته.
وأضاف: كان تعظيم القرآن كبيرا في نفوس أوائل هذه الأمة فانطلقوا به فاتحين، ينشرون هدايته في العالمين، ويضيئون بآياته أرجاء الكون، فدانت لهم الأرض ودخلت الأمم في دين الله أفواجا وأقبلوا على كتاب الله يحفظونه وأقبلوا على اللغة العربية يدرسونها برغبة وشغف؛ لأنها لغة القرآن. ثم تغيرت أحوال المسلمين فخلف من بعد تلك الأجيال المباركة خلوف، هجروا القرآن، و اتخذوه وراءهم ظهرياً، فسلط الله عليهم الأمم تتناوشهم، وتتكالب عليهم، وتـتناوب على إذلالهم، حتى اليهود.
وقال: إن عز هذه الأمة مرهون بتمسكها بكتاب ربها وهدي نبيها ومهما ابتغت العزة بغير الإسلام لم تزدد إلا ذلاً وهواناً. وإن من أعظم المصائب التي ابتلي بها المسلمون هجرَ كــــتاب الله جل وعلا. فهجروا التحاكم إليه وتحاكموا إلى أهواء البشر وحكم الطاغوت، وهجروا التزام ما جاء به من الأوامر والـزواجر والإرشاد وعدلوا إلى غيره من الآراء والأفكار التي تمخضت عنها عقول لم تعرف معنى الهدى ولم تستنر بأنوار القرآن المجيد، وهان على المسلمين كتاب ربهم جل وعلا حتى هجروا حفظه، وهان حملة القرآن على أهل الدنيا، فأصبحوا كالأيتام على موائد اللئام. وبالمقابل عظمت الأمة الطبال والزمار، وصار المغني نجما واللعاب بطلا، والضال مفكرا، تغدق عليهم الأموال، ويتزاحم على رؤيتهم الدهماء.
وأضاف: من صور هجر القرآن، هجر تلاوته مع أنه نور العقول و سبب انشراح الصدور، فكثير من المسلمين لا يقرؤون القرآن إلا في رمضان، فكيف يُفلح قوم هجروا رسالة ربهم إليهم ومنهجه الذي اختطه لهم. لقد أدرك المسلمون الأوائل أن عزهم ومجدهم بدأ بنزول القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم، وأيقنوا أن كتاب الله جل وعلا سبيل القوة والنصر وطريق الهداية والفتح. فشادوا حضارة الإسلام وعلموا البشرية كيف يكون العدل والإحسان وكيف تكون كرامة الإنسان.
وشدد على أن هجر القرآن أشمل من مجرد هجر تلاوته كما يقرره الإمــام ابن القيم رحمه الله إذ يقول: هـــــجر الــــقرآن عـــلى أنواع عديدة كلها تدخل في قوله تعالى: (وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا).
ومن أنواع هجر القرآن هجر تدبره... فربما قرأه البعض كما يقرأ الصحيفة لا يتدبر معانيه ولا يحرك به قلبه ولا يسأل عما أُشكل عليه فهمه فإنّ فهم المعنى أول طريق التدبر. ومن هجر القرآن هجر الاستشفاء به. فكم من مريض قضى عمره متنقلا بين مستشفيات الدنيا ولا يلتفت للتداوي بكلام الله الذي جعله شفاء لقلوب المؤمنين وأبدانهم (قل هو للذين آمنوا هدى و شفاء)، (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمه للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خـسارا). وقد كان الصحابة ومن بعدهم يعالجون أنفسهم بالقرآن لصلاح قلوبهم وإقبالها على ربها وشدة تعلقها به فيستشفون بفاتحة الكتاب وآية الكرسي والمعوذات وغيرها. وما زال هذا دأب الصالحين في كل حين، ويـجدون أثره بفضل الله ورحمته. وكم من مبتلٍ طلب الشفاء عند الخلق وتردد على على السحرة والكهنة فلم يجد عافيته وسكينته إلا بالقرآن. ولو لم يزُل الداء؛ فإنه يحصل له من الطمأنينة والسكينة والرضا ما هو أبلغ من زوال الداء بالكلية. ومن أنواع هجر القرآن: هجر البكاء والتأثر لسماعه فكم نسمع من آيات الله البيّنات تتلى علينا فلا تخشع القلوب ولا تقشعر الجلود ولا تدمع العيون، ذلك أن آيات الله إذا صادفت قلبا قاسيا مدنسا بالشهوات والشبهات لم تجد منفذا إليه. فلا تؤثر فيه خشوعا ولا خشية أما القلب السليم فيكون كلام الله له كالغيث الذي يُنبت الأعمال الصالحات ويزيد الإيمان ويقوي اليقين.
وأضاف: إن هجر تلاوة القرآن من أسباب قسوة القلوب، ووحشتها، فعجباً لقوم جعلوا من قلوبهم خرباتٍ تسكنها الشياطين وإنما يسكن الشيطان في الخربات، أما القلوب المعمورة بذكر الله فهي في حفظ الله. وإن ثمار تلاوة القرآن كثيرة وعظيمة.
وقال: إن قارئ القرآن من أفضل الناس وأعلاهم درجـة، إذ له بكل حرف يقرؤه حسنة. وتـــــظله الـرحمة وتتنزل عليه السكينة و تحيطه الملائكة. ويستنير قلبه وينشرح صدره وتدعو له الملائكة الكرام بالرحمة والمغفرة. وأهل القرآن هم أهله وخـاصته، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم. والذي يجاهد نفسه على التلاوة مع مشقتها عليه له أجران فإذا أتقن التلاوة علت منزلته وكان يوم القيامة مع السفرة الكرام البررة. ومن ثمرات التلاوة أنها تبعد الشيـاطين عن القارئ فلا تـسكن بيته، ويستنير عقله ويمتلئ بالحكمة قلبه. ومن ثمرات قراءة القرآن أنها تورث القـلب خشوعاً وتورث النـفس صفاءً. لذا تجد أهل القرآن المتدبرين لآياته أشرح الناس صدرا وأطيبهم نفسا، وبالجملة فقراءة القرآن تعمرُ القلوب و البيوت و يعمها الخير و البركة. وكيف لا تكون له هذه الآثار وهو الحق المنزل من الحق جل وعلا وهو الذي قال فيه: (وبالحق أنزلناه وبالحق نزل وما أرسلناك إلا مبشراً ونذيراً). وقال جل وعلا في فضل أهل التلاوة: (إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سراً وعلانيـة يرجون تجارةً لن تبور، ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور). وقد يــسر ربـــنا جل وعلا القرآن وحض عليه فقال: (ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مـدكر).
"
لكامل الخطبة فهي على هذا الرابط التالي من جريدة الوطن القطرية
http://www.al-watan.com/viewnews.asp...D-8D797D93C769