بواسطة صلاح صبح بتاريخ 28 سبتمبر 2010

نعم دبي في حاجة الآن أكثر من أي وقت مضى إلى تصنيف ائتماني سيادي، ولكننا لن نحصل على هذا التصنيف بأي ثمن». بهذا أخبرني مسؤول حكومي في سياق حديثه عن خطط الإمارة لاستعادة ثقة المؤسسات والبنوك العالمية في اقتصادها، بعدما اهتزت هذه الثقة نسبياً بعد الإعلان نهاية العام الماضي عن خطط «مجموعة دبي العالمية»، الرامية إلى إعادة هيكلة ديون قيمتها 23.5 مليار دولار.

ولا شك أن الاتفاق الأخير الذي أبرمته «دبي العالمية» مع 99 بالمئة من الدائنين خلق أجواءً إيجابية انعكست سريعاً على تداولات الأسهم المحلية التي تسجل قفزات متتالية للأسبوع الثالث على التوالي، ويتزامن ذلك مع صدور تقارير عن مؤسسات وبنوك استثمار «معتبرة» تؤكد خروج اقتصاد الإمارة من دائرة الانكماش التي كان قد دخلها في الربع الأخير من العام 2008، كما أن هناك خطة واضحة لـ«ترتيب البيت من الداخل» ظهرت معالمها بإعلان بنك «دبي الإسلامي» أول من أمس عن رفع حصته في «تمويل»، لتتحول من شركة صديقة إلى تابعة، في خطوة استهدفت حل واحدة من أهم المشاكل المعلقة بالإمارة منذ نحو عامين.

إذاً هناك استراتيجية واضحة للتعامل مع الصعوبات المالية التي واجهتها شركات دبي على إثر اندلاع الأزمة المالية العالمية في النصف الثاني من العام 2008، ولا يستطيع أي منصف إلا أن يبدي احترامه لما تم تنفيذه من هذه الاستراتيجية -حتى الآن- ولم يتبق سوى «جس نبض» الأسواق العالمية، لمعرفة مدى تجاوبها مع ما تم إنجازه من نجاحات في إدارة حكومة الإمارة لآثار هذه الأزمة.

وفي هذا السياق، جاء إعلان «دائرة المالية» نهاية الأسبوع الماضي عن اعتزامها إصدار سندات سيادية قيمتها مليار دولار. وهذه السندات ستكون الأولى التي تصدرها الإمارة منذ تفجر مشكلة ديون «دبي العالمية» التي وجدت طريقها إلى الحل مؤخراً، والأجواء الإيجابية الحالية ستؤدي إلى انخفاض واضح في كلفة هذه السندات، وتسعير العائد عليها، ولا مانع من استغلال هذه الأجواء في حصول الإمارة على تصنيف ائتماني «عادل» يتناسب مع ما أظهره اقتصادها من متانة في وجه الأزمة الأخيرة، وهذا ما فهمته من المسؤول الحكومي الذي بدا متمسكاً بحق الإمارة في مكانة تليق بها في سوق الاقتراض العالمية.

ولا شك أن الإمارة تحتاج إلى تصنيف ائتماني سيادي، لأنه من جهة يخفض تكلفة اقتراضها من الخارج، كما أنه – من جهة أخرى- يساعد شركاتها التابعة على الولوج إلى أسواق الدين العالمية، لأنه سيكون بمثابة «مقياس معياري» أو «Benchmark» يمكن القياس عليه مستقبلاً.

وعدم وجود هذا التصنيف سيظل حائلاً دون مشاركة قطاع عريض من الجهات المقرضة في إصدار سيادي مزمع لدبي عدا من هم على استعداد لقبول المخاطر التي تنطوي عليها عملية تمويل جهة غير مصنفة، ما يجعل الإمارة وشركاتها التابعة مضطرة إلى دفع علاوة سعرية كبيرة على أي إصدار، مثلما حدث مع سندات «ديوا» التي بلغ سعر العائد عليها وقت الإصدار 8.5 بالمئة، رغم أن تكلفة الإقراض بالدولار لدى البنوك العالمية لا تتعدى 0.5 بالمئة، أي أن المقرضين يحصلون على هامش ربح مبالغ فيه للغاية، بدعوى وجود زيادة في المخاطر.

ولا أعتقد أن لدى دبي مخاوف من «فتح دفاترها» لوكالات التصنيف العالمية في إطار عمليات التدقيق، سعياً وراء إصدار التصنيف، فالإمارة ليس لديها ما تخفيه بدليل أن كل المعلومات الجوهرية حول الاقتصاد المحلي، وأوضاع الشركات التابعة كانت متاحة للجميع خلال مفاوضات إعادة هيكلة ديون «دبي العالمية».