الخليجيون يتجهون لحسم ملف «الاتحاد الجمركي».. وبدء خطوات مفاوضة «التجارة العالمية»
الشرق الاوسط 02/09/2010
كشفت لـ«الشرق الأوسط» مصادر مطلعة عن توجه دول الخليج نحو حسم ملف الاتحاد الجمركي لإعلان الوضع النهائي هذا العام وإعلانه رسميا في قمة قادة دول مجلس التعاون المزمع عقدها في العاصمة الإماراتية أبوظبي نهاية العام الحالي.

وأفصحت المصادر بأن حسم ملف «الاتحاد الجمركي» يمثل الانطلاقة نحو كتلة دول الخليج وبدء دخول رحلة المفاوضات مع منظمة التجارة العالمية للاعتراف باتحاد جمركي خليجي موحد تطبق عليه الإجراءات المعمول بها بين دول المنظمة.

وينتظر أن تكون اجتماعات الأسبوع المقبل الاستثنائية لـ 4 جهات حكومية فاعلة في بلدان الخليج هي وزارات الخارجية والمالية والتجارة والصناعة في اجتماعات طارئة تعقد في السعودية بمدينة جدة على ساحل البحر الأحمر الاثنين المقبل، وهي المحطة النهائية لإعلان الانتهاء الرسمي من حسم الوضع النهائي لملف الاتحاد الجمركي العالق منذ إعلان تطبيقه بعد قمة الدوحة في العام 2007.

وبحسب المصادر المطلعة فإن اجتماعات وزراء المالية والتجارة والصناعة تأتي متوافقة مع الاجتماع الاعتيادي للمجلس الوزاري بينما تم تأجيل اجتماع وزراء المالية الاعتيادي إلى نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل في دولة الكويت، وسط ضغوطات كبيرة تقضي بأهمية الانتهاء من إقرار الاتحاد الجمركي.

وسيناقش اجتماع جدة موضوع التوصل إلى اتفاق نهائي على آلية للتحصيل المشترك، وتوزيع الحصيلة الجمركية في الاتحاد الجمركي لدول المجلس، والتوصل إلى اتفاق لمعالجة رسوم الحماية الجمركية في الدول الأعضاء، التي تفرض هذا النوع من الحماية بشكل كامل أو مرحلي، لتسهيل انتقال هذا النوع من السلع بين الدول الأعضاء، دون استيفاء رسوم الحماية الجمركية عليها، والعمل بالتعريفة الجمركية الموحدة في جميع دول المجلس وفقا لمتطلبات الاتحاد الجمركي، والتوصل إلى اتفاق حول معالجة حماية الوكلاء المحليين في الدول الأعضاء، التي تفرض هذا النوع من الحماية، والسماح بانتقال السلع بين الدول الأعضاء دون قيود جمركية أو غير جمركية، وفقا لما ورد في الاتفاقية الاقتصادية لدول مجلس التعاون.

ووفقا للمصادر فإن الأمين العام القطري عبد الرحمن بن حمد العطية يبذل جهودا بالغة لحسم الملفات العالقة في ولايتيه التي تبوأ فيهما منصب الأمين العام حيث ستنتهي فترة عمله الرسمية في مارس (آذار) المقبل التي ستنطلق فيه رحلة مفاوضات الخليجيين مع منظمة التجارة العالمية لاعتبار الاتحاد الجمركي الخليجي اتحادا موحدا يتم تطبيق أنظمة وقواعد المنظمة عليه.

ولم يخف العطية تطلعه ذلك حينما أكد أمله في أن يحقق الاجتماع نتائج إيجابية تساعد على تجاوز العقبات والرفع للمجلس الأعلى في دورته القادمة، التي ستعقد في أبوظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة نهاية العام الحالي، بالاتفاق على الإعلان عن الوضع النهائي للاتحاد الجمركي وإنهاء الدور الجمركي في المنافذ البينية لدول المجلس والإبقاء على الرقابة الأمنية التي كفلتها أحكام الاتفاقية الاقتصادية بين دول المجلس، وأن يتوصل الاجتماع المشترك إلى تصور بشأن المفاوضات مع الدول والمجموعات الاقتصادية الأخرى، يسهم في سرعة إبرام هذه الاتفاقيات وبما يحقق المصالح المشتركة لدول المجلس.

وكانت «الشرق الأوسط» قد كشفت في ديسمبر (كانون الأول) من العام 2008 أن شركة «برايس ووتر هاوس كوبر» الاستشارية العالمية المعروفة هي التي وقع عليها الاختيار لتولي زمام دراسة معالجة وضع عوائد التحصيل الجمركي - الجزئية العالقة بين بلدان الاتحاد - على خلفية بعض الاختلاف على التفاصيل في الاتحاد الجمركي، يتقدمها آلية توزيع العوائد المستحصلة بين دول الخليج. وشهد ملف الاتحاد الجمركي تأجيلات متكررة بعد أن كانت الفرصة قد منحت للسلطات المعنية في بلدان الخليج بضرورة الانتهاء من تقريب وتوحيد وجهات النظر وآليات العمل في دول المنطقة لأكثر من 6 سنوات منذ الموافقة عليه ضمن الوحدة الاقتصادية الخليجية.

ومعلوم أن الاتحاد الجمركي يهدف إلى جعل دول المجلس منطقة جمركية واحدة تستبعد فيها الرسوم والضرائب الجمركية واللوائح والإجراءات المقيدة للتجارة بين دول الاتحاد، وتطبق فيها لوائح جمركية موحدة، كما تطبق فيها تعريفة جمركية موحدة بواقع 5 في المائة تجاه العالم الخارجي.

وذكر عبد الرحمن العطية أمين عام المجلس في بيان صدر مؤخرا عن المجلس أن اجتماع جدة سيستكمل بحضور وزراء الخارجية ولجان التعاون المالي والاقتصادي والتعاون التجاري والتعاون الصناعي بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في لقائهم متطلبات الاتحاد الجمركي، وذلك للتوصل إلى الوضع النهائي المتمثل في إنهاء الدور الجمركي في المراكز البينية بدول المجلس في مطلع عام 2011.

وذكر عبد الرحمن العطية أمين عام المجلس في البيان أن مسألة الوصول إلى الوضع النهائي للاتحاد الجمركي، المتمثل في إزالة العوائق الجمركية وغير الجمركية لانتقال السلع الوطنية والأجنبية بين الدول الأعضاء، تأتي تنفيذا لما ورد في الاتفاقية الاقتصادية بين دول المجلس، مع إبقاء الرقابة في الجانبين الأمني والمحجري.

وأبان العطية أن الفرد الخليجي سينعم بفوائد كبيرة من خلال حرية انتقال السلع بين الدول الأعضاء وتوافرها بالأسواق بأسعار منافسة، وسيؤدي إلى نمو كبير في التجارة البينية ومع العالم الخارجي، من خلال السوق الواحدة للسلع. وأضاف العطية أن توصل دول مجلس التعاون إلى اتفاق على إنهاء الفترة الانتقالية والعمل بالوضع النهائي للاتحاد الجمركي، سيعزز من دور المجلس في منظمة التجارة العالمية، لتكون لها مجتمعة مشاركة فاعلة في تحديد مسار السياسات التجارية الدولية، بما يتناسب ومكانتها الاقتصادية المهمة على المستوى الدولي.

وبيّن أن الوزراء سيستعرضون خلال اجتماعهم المشترك ملف المفاوضات مع الدول والمجموعات الاقتصادية الصديقة، حيث أبرمت دول المجلس في السنوات الأخيرة عددا من اتفاقيات التجارة الحرة، وسيتم في الاجتماع مناقشة سير المفاوضات الجارية مع الدول والمجموعات الاقتصادية الأخرى، والآليات اللازمة لتسريع وتيرتها، والاتفاق على التوجهات اللازمة لتحقيق مصالح دول المجلس في هذه المفاوضات.