إيفا..
( جيمس هارلي شيز)..
كليف ثرستون.. مؤلف وروائي..
شاءت الأقدار أن تمنحه حياة جديدة بعد أن كان في طور النسيان.. فهو حاله حال الملايين من البشر.. يعمل في معمل ويسكن غرفة بأجر زهيد..
إستغل وفاة كاتب مسرحي شهير.. واستحوذ على آخر مؤلفاته بعد أن نحى ضميره جانبا..
روبيرت راون.. أحد أقوى الرجال في عالم المسرح أو ( المعبد كما يطلق عليه أنيس منصور ).. التقى به بطلنا كليف خلال سباق للزوارق.. الذي كان للحظ نصيب للقاء بينه وبين هذا المؤلف المسرحي روبيرت..
غير إسم الرواية.. وختم عليها بإسمه.. ليكون هو الصاحب الشرعي لتلك الرواية التي حققت نجاحا منقطع النظير.. بعد أن مات صاحبها.. ليصبح بين عشية وضحاها من أغنياء وقاطني هوليوود..
إيفا.. بطلة الرواية.. هي سلعة تبيع نفسها بأي مبلغ ترضاه هي..
شخصيتها اللامبالية وكبريائها المغلف بالضعف والهوان…. جعل من بطلنا يهيم بها.. ويشتهيها لنفسه.. بالرغم من احتقاره لمهنة المومسات.. لكنه أصبح واقعا.. ومخدرا تحت واقع وحياة مومس.. لتكون هي قصته التالية.. وبمقابل مالي ضخم..
لعله كان حبا.. أو إصرارا لإخضاع إمرأة متنمرة.. لكنها في الأخير مومس.. حتى لو كانت ربة بيت وتعيل أطفال..
كارول.. كاتبة سيناريو.. هي الحب الآخر لبطلنا.. هي الحب النظيف الذي لا يستطيع أن يتركه.. بالرغم من تعلقه بتلك المومس.. الحب الحقيقي من جهتها.. جعلها أو مكنها من قراءة كل ما يجول في روحه.. وبوضوح تام..
توفيت كارول إثر حادث أليم.. بعد معرفتها بخيانة زوجها له.. عاهرة شقراء.. تلك الشقراء هو أحضرها.. فقط ليعرف حقيقة إيفا.. وليس لممارسة الرذيلة معها..
جرد بطلنا ثرستون من كل ما يملك.. بعد أن عرف جولد المخرج أنه ليس بكاتب..
أخيرا.. وبعد أن أذاقته إيفا حياة بائسة.. امتلك وخادمه الوفي روسيل.. سفينة تقل السياح للجزر المجاورة..
صفحة (٣٨ )..
" إنه لحقيقي تماما أن معظم الناس يعيشون حياة مزدوجة، إحداها علنية وطبيعية والأخرى تظل عادة سرية، وبالطبع فإن المجتمع لا يستطيع أن يقيم إنسانا ويحكم عليه إلا بناء على حياته العلنية ، ولكن عندما يكتشف عمل طائش الستار عن حياته السرية، ينقلب في الحال الرأي العام ضده، وبصورة عامة، يجد نفسه، وهو يشار إليه بإصبع الإتهام، ومع ذلك فهو ما يزال الرجل نفسه تماما، والفارق الوحيد هو أنه قد اكتشف سره "..
نعم هذا هو حال أغلبنا.. يعيش بوجهين.. وجه ظاهر للجميع.. وهو القناع الذي يعتلي وجهه.. والأخرى هو الوجه الحقيقي.. الذي يرمي فيه القناع.. طالما أنه في مأمن عن الغير من البشر.. الشخصية الحقيقية هي التي ما تحت الجلود.. هي أرواحنا التي تقبع في أجسادنا.. هي قلوبنا التي تغذي عقولنا.. القليل من البشر أصبح يتعامل مع ذواته بكل صدق وشفافية.. هذا ما نبحث عنه.. هذا ما أبحث عنه.. هذه الصداقة التي أناشدها.. الوجه الآخر..
صفحة ( ١٩٠ )..
" إنه سيعجبك، بالتأكيد، فالجميع يحبونه……. ولكن لا أحد يعرفه جيدا، غيري أنا.. ويغضبني كثيرا أن أرى الناس يتزاحمون حوله. آه لو أنهم يعرفون الطريقة التي يعاملني بها…. "..
المرأة.. كائن ضعيف وقوي.. تحب الرجل القوي.. أنوثتها تبرز مع قوة الرجل.. أنانية إذا ما أحبت وأخلصت في حبها.. أنانية حد القتل.. عندما تحب.. تترك مالها ومادونها.. لتكون له فقط.. ليقترن إسمها بإسم واحد فقط.. حتى رحيلها..
الرجل يستطيع أن يمتلك أكثر من إمرأة.. وإلا لما حلل له الشرع أربعة.. حتى لو تزوج واحدة.. فإن قلبه يغص بأخريات.. تشغله ولو بالقليل عنها.. والدته.. بناته.. وربما أخواته.. أو خالاته وعماته.. لكنها.. عندما تحب وتعشق.. لا ترى غيره.. نعم هي تحب والدها وإخوتها.. لكنه يكون في المقدمة.. حتى على ذاتها.. لذا حبها يكون حب أناني صرف.. وعندما يتركها على قارعة الطريق تشعر بوخز الإبر في روحها وعروقها التي تحمل دمها.. حتى لو كتبت لغيره.. روحها يكون معلقا به.. فقط..
صفحة ( ١١٢ )..
" كان مستحبا، بالنسبة لي أن أعرف أين يوجد، على الأقل شخص واحد يهتم بي ويقلق بشأني "..
صفحة ٠( ٢١٩ )..
" إن ولعي بها قد أعماني حتى استمرت علاقتي بها "..
العلاقات الإنسانية أوالتعارف الأول يكون محاطا بهالة مقدسة.. وبمجرد التوغل في العلاقات تذوب تلك الهالة.. لتنكشف الغرائز البشرية وطباعها.. لتظهر تلك النفوس جلية.. الإنسان الحقيقي هو ذاك الإنسان الذي يتمسك بالآخر بعد فقدان تلك الهالة.. الهالة التي تكون محاطة بنا عند أول لقاء.. الخجل ربما.. السكون.. التأتأة.. الصوت الضعيف.. والكثير التي تحوم بنفوسنا عند اللقاء الأول لأطراف لا نعرفهم..
صفحة (٣٠٧ )..
" وبدت لها الدعارة كترياق وكدواء ناجع لشعورها بالنقص والدونية )..
وهل بممارسة البغاء ستشعر بالكمال.. لا تعليق..
صفحة (٣١٠ )..
" في معظم الأحيان، نحن لا نقدر الشخص أو الشيء حق قدره ولا نعرف قيمته الحقيقية إلا عندما نفقده "..
هذا ندعوه.. التصرف الغبي.. أو التصرف الأحمق.. أو الأرعن.. يجعلنا نفقد روحا نفيسة في هيئة إنسان.. كنا نعتقد وفي ذروة غباءنا أنه قطعة من الحجر العادية.. لكن هل توجد مثل هذه القطع النفيسة اليوم.. ربما.. وربما لا..
صفحة (٣٣٧ )..
"فها هو روسيل ينظر نحو نافذتي مستطلعا، وأشعة الشمس تنعكس متلألئة على بلورة الساعة التي يمسكها بيده، والسفينة كارول تغص بالركاب: إنهم ينتظروني "..
فلابد للحياة أن تستمر.. حتى لو زاحمتنا الذكريات بعناد وسلبت أرواحنا لبرهة.. لكنها ستعود لتمارس حقها في الحياة.. حقها الشرعي..
ودمتم بحفظ الرحمن..