«فاينانشال تايمز»: هل تقبل دول «الخليجي» بتحكم السعودية والإمارات بالسياسة النقدية؟


الوطن الكويتية 23/01/2009
قالت صحيفة فاينانشال تايمز انه اول سؤال يطرح نفسه بالنسبة لاولئك الذين يؤيدون الوحدة النقدية بين دول مجلس التعاون الخليجي بحلول 2010 هو ما اذا كانت الدول التي تربط عملاتها المحلية بالدولار مستعدة للتخلي عن ذلك والتحرك نحو اتخاذ سعر عائم يسمح لاسعار الصرف بين العملات بالتقلب بحرية تبعا لقوى العرض والطلب في السوق. وسوف يشتمل هذا السعر على عملات اخرى سوى الدولار، وفي وقت انخفاض سعر الدولار فان مثل هذه الخطوة قد تكون لها عدة عوامل لجذب الكثيرين لاتخاذها غير ان عوامل الجذب هذه سوف تختفي عندما يستعيد الدولار قوته.

ورصدت الصحيفة سيطرة مشاعر الخوف والقلق على دول مظمة اوبك في كل مرة ينخفض فيها سعر الدولار وتنخفض القوة الشرائية للنفط بدون ان تتمكن من عمل التصرف لتحسين الموقف.

وذلك لان القوة الشرائية للنفط مرتبطة بالدولار، غير انه يبدو ان منظمة اوبك بدأت في البحث عن آلية للتغلب على هذه الازمة وتكمن هذه الالية في محاولة التوصل الى سعر يبنى على عدة عملات. غير ان التحديات المرتبطة بكيفية تحديد عملة موحدة تتضاءل بالمقارنة بالقضية الاكثر اهمية التي سوف يواجهها اعضاء الوحدة النقدية، ونقصد بذلك التخلي عن المظاهر المهمة الخاصة بالسيادة الوطنية حيث يتم التخلي عن السياسة النقدية والاستقرار المالي لصالح تشكيل هيئة مشتركة واحدة تسيطر عليها اكبر دول الخليج.


السياسة النقدية

ومهما تباينت اراء الاقتصاديين فان السياسة النقدية هي في واقع الامر شأن سياسي، وعند الدخول في مثل هذه الوحدة فانه يتعين على الحكومات ان تقبل فكرة انها لم تعد تسيطر على الادوات المهمة مثل اسعار الفائدة.

واحدى المؤشرات الرئيسية المستخدمة بواسطة البنوك المركزية للتأثير في الظروف النقدية هو مقياس العرض النقدي الخاص بقيمة العملة المتداولة وودائع الماضي اعلنت اثنتين من دول الخليج انها تشكلان %70 من كل العملة المتداولة وودائع التوفير في منطقة الخليج، حيث شكلت السعودية %37 وشكلت الامارات %35 وفي الوقت نفسه شكلت الكويت %15 من العملة المتداولة وودائع التوفير في الخليج وقطر %8 والبحرين وعمان مجتمعتين %5.

وتحت اطار الوحدة النقدية بين دول مجلس التعاون الخليجي فإن السياسة النقدية الخاصة بالدول الست لمجلس التعاون الخليجي سوف تسيطر عليها الظروف الاقتصادية في السعودية والامارات، وفي حالة ما اذا سجل الاقتصاد في هاتين الدولتين نشاطا كبيرا مع ارتفاع الاسعار فإن اسعار الفائدة في الدول الاخرى لمجلس التعاون الخليجي سوف ترتفع ايضا، وفي حالة حدوث تباطؤ في اقتصاد هاتين الدولتين فإن اسعار الفائدة في باقي الدول سوف تنخفض ايضا والسؤال الآن هل تقبل باقي دول الخليج بذلك؟

ومن الممكن ان يدور الجدل حول حقيقة ان اقتصاديات دول مجلس التعاون الخليجي متشابهة جدا لدرجة انه عند التنفيذ فإن الاحتياجات النقدية لكل الدول الست بالكاد سوف تتباين، وكل دول مجلس التعاون الخليجي تعتمد بدرجة كبيرة على اسعار النفط والغاز بالاضافة الى ان كلها لديها احتياطيات عملة صعبة، كما ان كل دول الخليج تعتمد بدرجة كبيرة على الواردات، كما انه لا احد من هذه الدول لديها قاعدة صناعية أو زراعية.

غير ان هناك اوجها للتباين والاختلاف بين دول مجلس التعاون الخليجي. ويشكل انتاج النفط والغاز الطبيعي حوالي %50 من اجمالي الناتج المحلي للسعودية و%40 في الامارات، غير ان انتاج النفط والغاز الطبيعي. يشكل حوالي %15 في البحرين.

وتسعى السعودية التي يبلغ عدد سكانها حوالي 25 مليون نسمة لتطوير قاعدة صناعية بخلاف البتروكيماويات.

وعلى النقيض من ذلك فإن اقتصاد الامارات التي يبلغ عدد سكانها اكثر من 4 ملايين نسمة تقوم بتوسيع قطاع الخدمات والعقارات.

ومن ناحية اخرى، فإن هناك معدلات مختلفة للتضخم في دول الخليج العام الماضي تتراوح بين نقاط مئوية قليلة الى حوالي %15 في قطر والامارات.

وتحت اطار الوحدة النقدية فإنه يجب بحث الاستقرار المالي عن طريق اتخاذ سياسة واحدة، وعلى سبيل المثال اذا سيطرت المخاوف في دولة بخصوص تزايد المضاربات في القطاع العقاري الامر الذي يهدد اقتصادها، فعند ذلك سيكون امام السلطات اتخاذ خيار رفع اسعار الفائدة، غير انه تحت اطار الوحدة النقدية لا يمكن اتخاذ مثل هذه الخطوة.

وبمرور الوقت فإن السلطة النقدية الخليجية الموحدة سوف تسعى للحصول على سلطات اوسع لمنع حدوث ازمات المضاربة وسوف تشرع في بدء السيطرة المصرفية عبر دول الخليج.

وخلال العشرين سنة الماضية حققت دول الخليج تقدما كبيرا نحو التكامل الاقتصادي، وحتى الآن فإن التقدم الذي تم تحقيقه لم تتضح له أي آثار سيئة بالنسبة للسيادة السياسية لأي دولة، غير ان قضية السيادة السياسية هو ما يجب بحثه مع سعي دول الخليج الست للتحرك لتحقيق الوحدة النقدية.