دول الخليج العربية قد تفقد المستثمرين بسبب غياب البيانات
رويترز 14/01/2009
يتعين على دول الخليج أن تبدأ في نشر بيانات اقتصادية دورية لاقناع المستثمرين القلقين من تراجع أسعار النفط والازمة المالية العالمية بأن هذه الدول مازالت وجهة جيدة للاستثمارات.

ولم تصدر بعض دول الخليج العربية بعد بيانات النمو الاقتصادي عن عام 2007 ناهيك عن 2008 وهو وضع يجده المستثمرون غير مقبول بشكل متزايد في مثل هذه الاوقات التي تتسم بعدم التيقن.

وخلال ازدهار المنطقة على مدى ست سنوات ارتفعت فيها أسعار النفط لم تكن البيانات الاقتصادية المتفرقة التي تصدرها هذه الدول تثير التساؤلات بين المستثمرين المعتادين على التعامل من النظم الكتومة المحافظة في الخليج. وكانوا يبنون قراراتهم الاستثمارية على قوة أسعار النفط وليس على درجة الشفافية.

وقال جون سفاكياناكيس كبير الاقتصاديين في بنك ساب وحدة اتش.اس.بي.سي في السعودية "المنطقة لا يمكن أن تتوقع أن تؤخذ بجديدة ما لم توفر بيانات دقيقة وفي مواعيد مناسبة. سيقوض ذلك جهودها في اقناع العالم الخارجي باستمرارية النمو الاقتصادي في المنطقة."

وعادة ما يروج صناع القرار لنجاحهم في تنويع اقتصادهم بعيدا عن الاعتماد على ايرادات صادرات النفط على أمل توجيه رسالة مفادها أن النمو الاقتصادي سيستمر خلال فترات تراجع أسعار النفط.

وقال عبد الله جزور مدير صندوق شرودرز لادارة الاستثمار "يتعين توخي الحذر الشديد بشأن الحديث عن التنويع لان أساس النمو كله مازال يعتمد على الطاقة."

وأضاف "أي شخص يتخذ قرارا يتعين أن تكون لديه رؤية لاسعار النفط. كل شيء يعتمد على حركة وتطور اسعار النفط."

وانخفض سعر النفط الى نحو 37 دولارا للبرميل وبلغ أدنى مستوياته في ثلاثة أسابيع يوم الثلاثاء مع ظهور المزيد من الدلائل على أن الاقتصاد العالمي يتراجع بحدة مما أثر على توقعات الطلب. وبلغ سعر النفط ذروته عند 147.27 دولار للبرميل في يوليو تموز الماضي.

والازمة المالية قد تعمل كمحفز للمنطقة لتحسين اصدار البيانات ويشير الاقتصاديون الى كيف حسنت الحكومات الاسيوية شفافية ونوعية وتواتر البيانات الاقتصادية بعد الازمة المالية الاسيوية في عام 1997.

وتسعى دول الخليج لتحسين نوعية ومواعيد اصدار بيانات المؤشرات الاقتصادية في اطار تحضيرها للوحدة النقدية الخليجية واصدار عملة موحدة والذي قد يتأخر كثيرا عن الموعد المقرر في عام 2010.

فهي على سبيل المثال تعمل على توحيد الاساليب التي تستخدمها في حساب تضخم أسعار المستهلكين هذا العام.

لكن منطقة الخليج ستواجه المزيد من التدقيق اذا فشلت في تسريع هذه العملية.

وقال تريستان كوبر نائب رئيس موديز اينفستمنت سيرفيس "هناك الكثير من البيروقراطية في الخليج فيما يتعلق بالاحصاءات."

وأضاف "نقص الشفافية غير مشجع بالنسبة لثقة المستثمرين. لكني لا أبالغ في التفاؤل بشأن ايقاع التحسن."

وفي بعض الحالات تكون الفجوات كبيرة في اصدار البيانات. فالكويت وقطر وعمان لم تصدر بعد بيانات النمو عن عام 2007. وقطر وعمان فقط تصدران معدل نمو سنوي للناتج المحلي الاجمالي أكثر من مرة في السنة.

وكانت اخر مرة نشرت فيها الامارات بيانات نمو عن عام 2007 بعد مرور وقت طويل من ر2008. ولم ينشر البنك المركزي الاماراتي بيانات مؤشرات مصرفية رئيسية مثل نمو الائتمان منذ شهر يونيو الماضي.

ومنذ ذلك الحين توقف ازدهار البناء في دبي وتراجعت البنوك عن تقديم قروض جديدة مع توقعهم الكثير من حالات التخلف عن السداد.

وفي حين تصدر السعودية وعمان بيانات تجارية دورية فان الادارة المركزية للاحصاءات في المملكة تصدر هذه البيانات فقط عن التجارة غير النفطية وكان أحدث ما أصدرته عن شهر سبتمبر أيلول الماضي. وكانت أحدث بيانات تجارية أصدرتها وزارة الاقتصاد الوطني العمانية عن شهر يوليو تموز الماضي.

وقال فابيو سكاسيافيلاني الاقتصادي في مركز دبي المالي العالمي معبرا عن وجهة نظره الشخصية "عدم التيقن بشأن حالة الاقتصاد قد يحد من الاستجابات عن طريق السياسات للازمة المالية."

وأضاف "وبالنسبة للمؤسسات التي تقوم بترحيل ديونها فان ذلك يؤدي الى ارتفاع أسعار الفائدة لان المقترض يطلب بعلاوة مخاطر أعلى."

وطمأنة المستثمرين بأن اقتصاداتهم يمكنها تحمل انخفاض أسعار النفط سيكون حاسما بالنسبة لحكومات الخليج التي ستشهد عجزا في العامين الماضيين للحفاظ على استمرار مشروعات أساسية وتشجيع القطاع الخاص.

ويقول المحللون ان المستثمرين الاجانب يترددون بعد أن ألغت الكويت مشروعا مشتركا بقيمة 17 مليار دولار مع داو كميكال التي تتخذ حاليا اجراءات قانونية بشأن ذلك.

ويوم السبت قال المدير العام للادارة المالية في دبي ان الامارت تتوقع تسجيل أول عجز في ميزانيتها على الاطلاق في عام 2009 وسيبلغ نحو 1.1 مليار دولار.

ومع تدهور الافاق الاقتصادية أصبحت فجوات البيانات الاقتصادية في الخليج أكثر وضوحا من أي وقت مضى.

وقالت كارولين جرادي "العالم أصبح مكانا مختلفا عما كان عليه في يونيو... أصبح من الصعب التوصل الى استجابات مناسبة."