قال الكاتب / حمد سالم المري .. .. .. في مقالته المعنونة تحت اسم : ( إلى متى المكابرة يا حماس ؟ ) .. .. .. والمنشورة بجريدة " الوطن " الكويتية .. .. الجمعة 12 / 1 / 1430 هـ ـ 9 / 1 / 2009 م .
ما نشاهده من قتل وحشي ودمار لحق بإخواننا المسلمين في قطاع غزة حتماً المسؤول عنه بدرجة كبيرة ومباشرة هي إسرائيل التي أرسلت جيشها الجرار لتدمير القطاع وإلحاق أكبر قدر من الخسائر البشرية والمادية فيه ليس خوفاً من حماس وصواريخها الكرتونية ولكن من أجل إظهار قوتها العسكرية لتخويف كل من يحاول المساس بأمنها .
فإسرائيل أنشئت على أساس الديانة اليهودية وكما هو معلوم أن اليهود قوم غير متجانسين فهم شتات ولهذا فهم جبناء لا يقاتلون إلا من وراء جدر مصداقاً لقول الله تعالى في سورة الحشر الآية 14 .
( لا يقاتلونكم جميعاً إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون ) .
ولكن هناك أيضاً طرفاً آخر تقع عليه مسؤولية الدمار والقتل الذي لحق بالشعب الفلسطيني في غزة ألا وهو حزب ( حركة حماس ) الذي ربط وجود غزة بوجوده .
فقد ضرب هذا الحزب المنتمي لحزب الإخوان المسلمين مصلحة الشعب الفلسطيني في غزة عرض الحائط من أجل مصلحته الحزبية .
فهذا الحزب الذي ظهرت عليه مؤخراً سيره وفق أجندة إيرانية وسورية هو من أعطى السبب لإسرائيل لتدمير غزة وقتل شعبها بعد رفضه التجديد للهدنة التي وقعها مع إسرائيل مطلقاً شعاراته الثورية المهددة للكيان الصهيوني الإسرائيلي بالويل والثبور ، وأنه سيزلزل الأرض تحت أقدام الجيش الإسرائيلي ولم يكتف هذا الحزب بإطلاق الشعارات والتهديدات بل بدأ فعلاً بإطلاق صواريخه القسام التي تعتبر ألعاباً نارية مقارنة بالصواريخ الإسرائيلية على البلدات الإسرائيلية محاولاً دفع إسرائيل للانصياع إلى شروطه متناسياً بأنه الطرف الأضعف في اتفاقية الهدنة .
فبسبب محاولة البعض اختزال القضية الفلسطينية في حزب واحد هو ما أدى إلى ضياع فلسطين واستمرار العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني سواء في قطاع غزة أو جنين أو الخليل أو رام الله أو حتى دول أخرى غير فلسطين يوجد بها الشعب الفلسطيني مثل ما حدث في لبنان عام 1982 .
فحزب منظمة التحرير الفلسطينية اختزل القضية الفلسطينية في حزبه فقط وربط مصير الشعب الفلسطيني بمصيره فأخذ يطلق الصواريخ من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان على الأراضي التي يحتلها الجيش الإسرائيلي عام 1982 مما أدى إلى قيام الجيش الإسرائيلي باجتياح لبنان وتدميرها وقتل ما يقارب من 1400 عنصر مسلح من أتباع حزب منظمة التحرير بالإضافة إلى قتل المئات من المدنيين الفلسطينيين واللبنانيين مقابل قتل ما يقارب 300 جندي إسرائيلي فقط وكانت النتيجة بعد حصار دام 88 يوماً لمخيمات الفلسطينيين هناك تم التوقيع على اتفاقية وقف إطلاق النار بشرط خروج حزب منظمة التحرير من لبنان ، وبالفعل خرجت عناصر هذا الحزب إلى تونس .
والظروف الحالية في قطاع غزة تشابه إلى حد بعيد الظروف التي عاشها الشعب الفلسطيني في مخيمات اللاجئين في لبنان ، فحماس اختزلت قطاع غزة وشعبه في حزبها فقط وأطلقت الصواريخ على البلدات الإسرائيلية فكان الثمن اجتياح القطاع عسكرياً من قبل الجيش الإسرائيلي وقتل أكثر من 600 مدني منهم أطفال وشيوخ بل وأسر أبيدت بالكامل .
فهل سينتهي هذا الاجتياح العسكري الإسرائيلي لقطاع غزة بنفس السيناريو الذي انتهى به الاجتياح الإسرائيلي لمخيمات الفلسطينيين في لبنان عام 1982 ؟
وهل سترضى حماس بمغادرة القطاع أو على الأقل مغادرة السلطة فيه ؟ أم أنها ستقاتل حتى آخر قطرة دم لطفل فلسطيني ؟ .
إن من الحكمة أن يعرف المرء قدر قوته قبل الخوض في معارك عسكرية تأتي على الأخضر واليابس كما من الحكمة ركون المرء إلى الهدنة إذا وجد أن عدوه أقوى منه عدة وعتاداً ، وكذلك أن يؤثر المرء شعبه على نفسه .
فالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عقد صلح الحديبية مع كفار قريش مع أنه نبي مرسل مؤيد من قبل الله تعالى ولكنه أبى إلا أن يعقد الصلح حتى يجنب المسلمين ويلات الحرب وهم ما زالوا ضعافاً .
ولهذا نناشد حماس بعدم المكابرة رحمة بالشعب الفلسطيني في غزة .
أرجو من حماس النظر بعين العقل في مواقف من يحثها على نهجها المتهور مثل إيران وسورية وحزب الله ، فطهران رفضت تقديم أي مساعدة عسكرية واكتفت بالمظاهرات بزعم أن لدى الشعب الفلسطيني الأسلحة الضرورية للدفاع عن قطاع غزة !
كما أنها أمرت حزب الله بعدم فتح أي جبهة عسكرية مع إسرائيل ، أما سورية فقد اكتفت بالتصريحات الدبلوماسية والمظاهرات الشعبية من أجل المحافظة على تحسن علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي ومحاولتها التقرب من الرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما .