تحول تركيزها من الخدمات المصرفية للشركات إلى الاهتمام بالأفراد
«ميد»: جفاف السيولة يشعل حرب أسعار بين البنوك الخليجية



البنوك الاسلامية في الامارات تأثرت سلباً بأزمة القطاع العقاري





اعداد سمير فؤاد:

يشهد القطاع المصرفي في منطقة الخليج اشتداد المنافسة بين البنوك الخليجية بهدف استقطاب المزيد من العملاء وذلك في الوقت الذي توقف فيه الاقراض بين المؤسسات المالية العالمية ومع تزايد نمو حجم القروض اكثر من نمو الودائع في المنطقة جاء ذلك في تقرير لمجلة ميد بعنوان نقص السيولة في القطاع المصرفي الخليجي ادى الى اندلاع حرب اسعار وسط احتدام المنافسة بين البنوك الخليجية.

وشهد النصف الثاني من عام 2008 نهاية الاقتراض بين البنوك كما ان جفاف السيولة النقدية دفع العديد من البنوك في منطقة الخليج لكي تحول تركيزها من الاستثمار والخدمات المصرفية للشركات الى خدمات مصرفية للافراد.

وتعتبر هذه الخطوة رد فعل لحقيقة ان نمو القروض اصبح اكثر من نمو الودائع في منطقة الخليج. ووفقا لبيانات البنك المركزي في الامارات فإنه قد تزايدت نسبة القروض الى الودائع لتصل الى %107 في نهاية الربع الثاني من عام 2008 مقابل %100 في نهاية عام 2007 و %89 في نهاية عام 2005.

ازمة السيولة

واحد العوامل المسببة لتفاقم ازمة السيولة النقدية في الامارات هو الهروب المفاجئ لاموال المضاربين من السوق والتي كانوا يقومون باستثمارها املا في أن تقوم الامارات برفع سعر عملتها وهي الخطة التي تخلت عنها في مايو الماضي، ومما يذكر ان المضاربين الدوليين في العملة قد قاموا بسحب 57 مليار دولار من بنوك الامارات قبل نهاية الصيف الماضي، ويذكر دوجلاس بيكيت رئيس قسم الخدمات المصرفية للأفراد في بنك المشرق في دبي ان سحب هذه الأموال قد تسبب في تدفقات للودائع خارج البلاد مما ادى الى تضرر البنوك بصفة عامة.

وادى الى سحب الأموال الى ان تشتد المنافسة بين البنوك من أجل ضمان الحصول على حصة أكبر من ودائع العملاء وقد ادت ازمة السيولة النقدية الى ان تهتم البنوك بالدفاع عن حقوق ودائع العملاء عن طريق عرض أسعار اكثر جاذبية.

جذب الودائع

ويذكر الخبراء ان الموقف تحول الى حرب اسعار بين البنوك، ويذكر جون توفاريدس المحلل في ادارة خدمة المستثمرين في وكالة تصنيف موديز في دبي ان المنافسة الشديدة بين البنوك بهدف جذب الودائع ادت الى حدوث تحركات كبيرة للودائع بين البنوك حيث يسعى العملاء لايداع ودائعهم لدى البنك الذي يقدم اعلى العروض، وادى ذلك الى خلق المزيد من التقلبات في قاعدة التمويل مما يشكل ضغوطاً على البنوك للمحافظة على المزيد من السيولة والى زيادة تكاليف التمويل مما ينتج عن التأثير في الربحية.

وقد تزايدت ايرادات وارباح بنك المشرق من الخدمات المصرفية للأفراد بنسبة %30 منذ عام وحتى الآن.

غير ان بيكيت يحذر من ان هناك اوقات صعبة في المستقبل قائلا ان الموقف منذ عام وحتى الآن كان جيدا غير ان الاختبار الحقيقي هو نتائج شهري اكتوبر ونوفمبر عندما اصبحت بيئة الاعمال صعبة الامر الذي يتطلب المزيد من الجهود.

مضيفا انه يعتقد انه من السابق لأوانه التحدث عن بيئة الاعمال التي تشهد تدهوراً والتي تؤثر في الاقتصاد الحقيقي متابعا «سوف نشهد الاثار الكاملة لهذه التطورات في منتصف العام».

ومن ضمن العوامل التي تثير قلق بنوك خدمة الافراد في الخليج هو تعرضها الكبير لسوق الرهون العقارية مما اثر على اسعار العقارات التي نفقد قيمتها بسرعة في الوقت الحاضر.

وقد سجلت اسعار العقارات في دبي انخفاضا بنسبة %4 في المتوسط في الفترة من سبتمبر واكتوبر، كما انخفضت اسعار الفيلات بنسبة %19، كما انخفضت اسعار العقارات في ابوظبي في الفترة نفسها بنسبة %5.

وادى التباطؤ الكبير في القطاع العقاري بالاضافة الى المنافسة الشديدة بين البنوك من اجل ضمان اموال جديدة للمودعين الى ان تقوم البنوك الكبيرة لخدمة الافراد في لخليج بتشديد معاييرها لتوفير القروض التي لها صلة بالرهون.

وقام مانحو القروض بخفض نسب القروض الى القيمة مع رفع الحد الادنى للرواتب المطلوب توفرها في طالب الحصول على القروض، وقام بنك «اتش اس بي سي» بمضاعفة قيمة الحد الادنى للرواتب كشرط للحصول على قروض مرتبطة بالرهون من 10 آلاف درهم اماراتي شهريا الى 20 الف درهم اماراتي، في الوقت نفسه قام بنك« لويدز تي اس بي» بتجميد القروض للعملاء الذين يسعون لشراء شقة في الامارات.

وبينما تزايدت تكلفة الاقراض في اسواق الديون المحلية فان البنوك قامت بزيادة اسعار الفائدة على القروض المحلية، وفي منتصف نوفمبر الماضي قام بنك «اتش اس بي سي» بزيادة سعر الفائدة الشهرية على %70 من الرهون من %7.5 الى %9.5 وفي الوقت نفسه تم زيادة سعر الفائدة على %60 من الرهون من %6.5 الى %8.5.

كما قامت بنوك اخرى مانحة للقروض في المنطقة بزيادة اسعار الفائدة حيث قام بنك «باركليز» بزيادة سعر الفائدة من %7.45 الى %8.5 وقام بنك «لويدز تي اس بي» بزيادة الفائدة من %7.99 الى %8.5.

وفي خطوة اصابت المراقبين بالصدمة اعلن بنك «دبي الوطني» اكبر بنوك الشرق الاوسط من حيث الاصول تعليق كل المعاملات الائتمانية للموظفين الوافدين الذين يعملون في الشركات العقارية وذلك بسبب خطورة التخلف عن سداد القروض نظرا لفقدان الكثيرين لوظائفهم في القطاع العقاري، ومن ضمن الشركات التي تضمنتها القائمة شركات عقارية مشهورة مثل «النخيل» و«اعمار العقارية» و«سما دبي» و«دبي العقارية» و«داماك المتمركزة في دبي»، وفي الحقيقة قامت «داماك» بالاعلان عن الاستغناء عن 200 وظيفة، كما اعلنت «اعمار» اكبر شركة عقارية في الشرق الاوسط انها تعيد مراجعة سياسة التوظيف وسط التباطؤ في نمو القطاع العقاري.

وذكر التقرير ان البنوك الاسلامية في الامارات تعرضت بدرجة كبيرة للتداعيات السلبية لتراجع القطاع العقاري، وذكر انور حسونة المتخصص في شؤون التمويل الاسلامي في وكالة «موديز» ان نسبة الاقراض المرتبطة بالعقارات بلغت نسبتها نحو %30 بالنسبة للبنوك الاسلامية الثلاثة في دبي كما ان التعرض لتداعيات القطاع العقاري كان اعلى بالنسبة للمؤسسات المانحة للقروض المرتبطة بالرهون التي تسير وفق احكام الشريعة الاسلامية وهي (تمويل) و(أملاك) وذكر حسونة ان الرهون تمثل نحو %70 - %80 من نسبة تعرضها لتداعيات القطاع العقاري.

واضاف حسونة ان (تمويل) تعاني في الوقت الحاضر من ازمة سيولة نقدية كما ان (املاك) اعلنت في نوفمبر ايقاف منح القروض المحلية بصفة مؤقتة.

وفي خطوة تدل على خطورة الموقف اعلنت الشركتان في نهاية نوفمبر الماضي اعتزامها الاندماج بهدف دعم الثقة مع تزايد ازمات القطاع العقاري في الامارات.

واختتمت المجلة التقرير بقولها ان من المتوقع اشتداد حدة المنافسة بدرجة اكبر حيث ان القطاع المصرفي في دول مجلس التعاون الخليجي يدخل عصرا جديدا مع ندرة السيولة النقدية ومع زيادة تكلفتها وعلى الرغم من ان نوعية اصول معظم بنوك الخليج وربحيتها بقيت قوية حتى الآن، فإنه ليس من الممكن تجنب الخسائر الاكبر المتوقعة في الربع الاخير من عام 2008 لبعض البنوك الخليجية.

وقال توفاريدس المحلل في ادارة خدمة المستثمرين في وكالة تصنيف مودير في دبي ان اسواق المال تلقت ضربة عنيفة في اكتوبر الماضي وهناك مؤشرات ان الخسائر الاستثمارية في البورصات بدأت في التأثير سلباً على اداء البنوك.

ونتيجة لذلك فإننا سوف نشهد تدهورا متزايدا في اداء بعض البنوك في نهاية هذا العام.



تاريخ النشر 12/12/2008