صفحة 3 من 5 الأولىالأولى 12345 الأخيرةالأخيرة
النتائج 21 إلى 30 من 46

الموضوع: ( مقالات تداعيات الأزمة المالية العالمية 2008 )

  1. #21
    مؤسس الصورة الرمزية إنتعاش
    رقم العضوية
    6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2005
    الدولة
    الدوحة - قطر
    المشاركات
    12,902
    مَن سيدفع فاتورة خطة الإنقاذ؟
    (1 من 3)


    د. حمزة بن محمد السالم


    تباكى مشفقون عندما انهارت مؤسسة استثمارية أمريكية كبرى خوفا من تبعيات ذلك على الاقتصاد العالمي بينما شمت شامتون وتأملوا مستبشرين بانهيار أمريكا ونظّر منظرون في ثبات بطلان الرأسمالية، واستخدم أذكياء خبثهم فرقّّصوا صعودا وهبوطا سوق الأسهم (المحلي السعودي).

    والأزمة المالية هذه لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء فالأمر كله لا يعدوا أن يكون حلقة أخرى من حلقات استخدام أمريكا لهيمنة الدولار وكونه عملة الاحتياط (بدلا من الذهب) من أجل أن يعيش الأمريكي في رفاهية على حساب العالم أجمع بلا استثناء.

    فما هذه الأزمة المالية وما حقيقة خطة إنقاذها؟
    هي ببساطة أن الأموال قد قُدمت بسهولة وبرخص لتمويل نمو الاقتصاد الأمريكي، ولمنع انكماش كان متوقعا وطبيعيا عام 2001م بعد أطول فترة ازدهار ونمو عاشتها أمريكا، وذلك بطريقة "سجل على الدفتر يا ولد".

    وعندما يمتلئ الدفتر بالديون يُحول ما به من الديون على العالم الخارجي عن طريق بيع بعض مستحقاته للمستثمرين الأجانب (وهذا هو الجديد في هذه الأزمة عن سابقاتها).
    وعندما لا يوجد من يشتري سجلات (سندات) هذا الدفتر( دفتر الديون) تجاريا نظرا لارتفاع المخاطرة تصبح البنوك الأمريكية عاجزة عن تقديم المزيد من التسهيلات للشعب الأمريكي وسينقطع التمويل السهل والرخيص فتزول بذلك الدعامات التي كانت تمنع الاقتصاد من أخذ دورته الطبيعية (أي الانكماش بعد الازدهار) فهنا يقوم بوش الابن باقتراح خطة إنقاذ مالية تُجير بها هذه الديون (قروض المنازل) على دول العالم بطريقة رسمية (السندات الحكومية)، ولا تكتفي الحكومة الأمريكية بذلك بل تنتهز الفرصة لضمان زيادة واستمرارية خفض الضرائب وتقديم التمويلات والتسهيلات للشعب الأمريكي لخمس سنوات أخرى تحت اسم خطة الإنقاذ المالي والتي سيدفع فاتورتها دول العالم الأخرى.

    وهذا ليس بجديد على أمريكا سواء من حيث تحميل الديون على الآخرين عن طريق السندات الأمريكية أو من حيث الأزمة نفسها، فقد مرت أمريكا حديثاً بأزمة مشابهة للأزمة الحالية تماما من حيث المسببات وذلك في عام 1987-1988م مع اختلافات بسيطة، غير أن الرئيس الأمريكي الحالي لا يريد لهذه الأزمة أن تنتج نفس نتائج الأزمة المشابهة لها في أواخر الثمانينيات، تماما كما أنه استطاع منع الدورة الاقتصادية من أخذ دورتها في الانكماش رافعا بذلك الدين الوطني الأمريكي من 5.5 تريليون دولار إلى 10 تريليونات دولار في عهد رئاسته فقط، أي أن بوش الابن وحده قد أنفق على مصالح بلاده من جيوب الدول الأخرى (وغالبها هي الصين واليابان ودول الخليج) ما يقارب 45 ضعف الميزانية السعودية الأخيرة، ولننتقل من الإيجاز المبهم إلى التفصيل الميسر.

    إفلاس البنوك في أمريكا أمر طبيعي ويتكرر سنويا مثلها مثل كل دول العالم باستثناء دول الخليج والدنمارك وبعض الدول الصغيرة في أمريكا الجنوبية. فمنذ عام 1934م لم يمر عام من غير أن تعلن مجموعة من البنوك في أمريكا إفلاسها، اللهم باستثناء عامي2005م و2006م.

    وقد وصلت ذروة إفلاس البنوك في أمريكا خلال فترة أزمة بنوك الإيداع والإقراض التي تهاونت وتهورت في الإقراض من أجل تسهيل شراء البيوت للأمريكيين أي من عام 1986-1995م وذلك يشمل آخر عهد ريجان مرورا بفترة بوش الأب كلها وانتهاء بأوائل الفترة الرئاسية لكلينتون.

    فقد وصل مجموع إفلاس البنوك آنذاك إلى ما يقارب 2377 بنكا تحققت ذروتها في إفلاس 1004 بنوك خلال فترة رئاسة بوش الأب عامي 1988 و1989م أي بمعدل إفلاس بنكين كل ثلاثة أيام تقريبا. (ولا أريد أن يُستوحى من كلامي هنا تشابها بين بوش الابن وبوش الأب في السياسات الاقتصادية، فبوش الابن سار على خطى أبيه في السياسات العسكرية بينما اقتفى أثر سلفه ريجان في السياسات الاقتصادية ولكنه كان في الحالين عنيفا ومتهورا ويأتي تفصيل ذلك لاحقا).

    الأزمة المالية الحالية سببها المباشر هو التوسع في الإقراض مقابل الرهن العقاري خلال فترة طفرة في أسعار العقارات الناتجة عن نمو اقتصادي قوي أي أنها السبب المباشر نفسه لأزمة أواخر الثمانينيات.

    ورجوعا إلى الثمانينيات لكي نفهم الوضع الذي نعيشه الآن، فقد تولى الرئيس ريجان الرئاسة بعد كارتر والاقتصاد الأمريكي يمر بأسوأ مراحله فتوسع في الإنفاق الحكومي وخفف الضرائب وأتى بجرينسبان، رئيس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) السابق، الذي خفض سعر الفائدة (أي رخص التمويل) فازدهرت البلاد واشتغلت المصانع وأصبح الأمريكي قادرا على العمل وعلى الإنفاق، كما أن انخفاض الفائدة الذي قام به جرينسبان أرخص الدولار مما زاد السيولة ورفع من تنافسية البضائع والخدمات الأمريكية داخليا وخارجيا.

    وفي أجواء الانتعاش والازدهار الاقتصادي تبدأ الأسعار بالارتفاع فوق السعر العادل وذلك لتوقعات الناس التفاؤلية المستقبلية وخاصة أسعار السلع غير القابلة للاستيراد والمحدودة كماً ومن أهمها العقارات. وبما أن الناس قد حصلوا على وظائف ذات رواتب عالية فتراهم يقبلون على شراء منزل للسكن وآخر لموسم الشاطئ وثالث لموسم التزلج فترتفع الأسعار وينشط البناء والعمران وتتسابق البنوك والمؤسسات المالية على تقديم القروض على حساب تخفيض أسعار الفائدة وتقليل الدفعة الأولى المقدمة والتهاون في الشروط اللازم تحققها في المتمول. ولكل بداية نهاية.

    تبدأ نهاية صعود الدورة الاقتصادية عندما يشعر المجتمع الاقتصادي بأن قيمة ما يستثمره أكبر من الطاقة الإنتاجية لأفراد المجتمع أي سكان البلد، أو /و أكبر من الحاجة الاستهلاكية، أو/ و التوقعات بتطور الإنتاج غير عقلانية فهنا تبدأ دورة الانكماش وتكون بدايتها بانهيارات في أسواق الأسهم والسندات وتنتهي بانهيار سوق العقار فإذا تجاوزت دورة الانكماش ذلك إلى انهيار النظام البنكي فهنا البلاد تمر بكارثة اقتصادية كالتي مرت بها أمريكا في الثلاثينات.
    وكما أن في فترة الازدهار الأسعار لا تكون عادلة ارتفاعا، فإن في فترة الانكماش الأسعار لا تكون عادلة انخفاضا.

    وهذا ما حدث تماما في أواخر الثمانينيات فبدأ الانكماش ووصل ذروته بالإثنين الأسود 1987م وبانهيار المئات من البنوك الأمريكية في أسابيع. ثم عادت الدورة الاقتصادية في الصعود وكان حافزها هو ثورة التقنية والإنترنت (دوت كم) والتي بلغت ذروتها في أواخر التسعينيات ثم بدأت الدورة الاقتصادية بالانكماش ابتداء بانهيار سوق الأسهم عام 2000م.

    وكان من المفترض أن تأخذ الدورة دورتها إلا أن الرئيس الجديد بوش الابن كان قد عقد النية على منع ذلك فتوسع في الإنفاق الحكومي وأزال قدرا عظيما من الضرائب عن الأمريكيين فحفز الإنتاج والاستهلاك ثم جاء الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) فدخل معه جرينسبان في عزمه هذا وخفض الفائدة وأرخص الدولار وتحركت البلاد كلها تحركا وطنيا لإبطال الآثار الاقتصادية التي كانت أحد أهداف هجوم 11 من أيلول (سبتمبر) كما فُتحت جبهات الحرب على الإرهاب في أفغانستان وفي العراق فتضاعف الإنفاق الحكومي مما فتح مجالات العمل والإنتاج في كثير من القطاعات فكانت الدورة الاقتصادية في انكماشها بسيطة جدا وقصيرة لم تتجاوز ستة أشهر من آذار (مارس) 2001م إلى تشرين الثاني (نوفمبر) 2001م وهي أقصر وأبسط دورة انكماشية مرت على تاريخ الولايات المتحدة.

    وفي حزيران (يونيو) 2005م توقفت أسعار العقارات عن ارتفاعها بعد أن وصلت حدا مبالغا فيه ثم بدأت بالنزول حتى أصبحت أسعارها أقل من نصف قيمة القروض المرهونة بها مما جعل البعض يتوقف عن السداد مخاطرا بمنزله عوضا عن دفع أقساط قيمة منزل لا يساوي نصف قيمة رهنه وهذا الذي أشعل فتيل الأزمة، فلا يوجد لدى البنك حيلة سوى بيع المنزل ويخسر البنك بذلك نصف ما له من الدين، وبما أن البنك يحتفظ احتياطا بنسبة تراوح بين5 و10 في المائة من أموال المودعين تحت الطلب و0 في المائة من الودائع في حساب الادخار حسب القوانين الأمريكية فالبنك المتهور الذي لم يترك احتياطيات كافية لا بد له من أن يعلن إفلاسه لعدم وجود موجودات تغطي أموال المودعين فضلا عن أن يستطيع البنك بالقيام بعمله كممول للمجتمع الاقتصادي.

    وأما بالنسبة لصاحب المنزل المتمول أو المقترض فما عليه إلا أن يعلن الإفلاس وبعد سبع سنوات يمسح إفلاسه ذلك من سجله الائتماني. وذلك أفضل من الاستمرار في دفع الأقساط لمدة 30 عاما لمنزل لا يساوي نصف قيمته ويستطيع أن يحصل على تمويل لمنزل آخر بعد سبع سنوات. وللعلم فاتباعا لقوله تعالى (وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة) فإنه يمنع ولا يجوز قانونيا في أمريكا السجن مع الإفلاس أو الحجر على الراتب كما هو مطبق عندنا هنا في بلادنا.


    فما هي الخطوط العريضة لخطة الإنقاذ المالي وما أهدافها وكيف سينتفع بها البنك وصاحب المنزل والمجتمع، ولماذا لم تتدخل الحكومة في بنك ليمان وتدخلت بعد ذلك؟

    ومن سيدفع تكاليف ذلك كله، وهل نفع بوش الابن أمريكا اقتصاديا أم أضر بها وكيف حولت الديون على الأجانب وهل صحيح أن للأزمة آثارا اقتصادية سيئة على العالم وعلى أوربا والسعودية وإن لم يكن فلم الصياح والنياح إذن؟
    وما حقيقة ما يتردد عن التدخل في اليد الخفية للسوق؟
    كل ذلك يأتي لاحقا إن شاء الله.

  2. #22
    مؤسس الصورة الرمزية إنتعاش
    رقم العضوية
    6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2005
    الدولة
    الدوحة - قطر
    المشاركات
    12,902
    ستتوالى الانهيارات لعدم محاسبة المتسبب!!

    عبدالرحمن ناصر الخريف

    في الوقت الذي تطمئننا فيه الأخبار قبل بدء الحروب نسمع بمن يجلي رعاياه ومع اشتداد المعارك تنشغل عواطفنا بصور القصف والقتل والدمار فلا ننتبه لمن يبرم تحت قصف الطائرات عقود إعادة الاعمار! هل تصدق عزيزي القارئ بان ذلك هو حال أسواق الأسهم عندما تنهار؟ يجب أن تصدق إذا أردت أن تنجو!.

    إن معظمنا يعتقد بان الانهيار الحالي مختلف كليا عن الانهيارات السابقة التي اعتدنا على حدوثها بسوقنا لكونه يتزامن مع انهيار أسواق عالمية وفق مايتردد، ونسينا انه أثناء أيام انهيارات مايو2004م وفبراير 2006م واكتوبر 2006م ويناير 2008م صور لنا سوء الوضع وكأن هناك انهيارا كليا لاقتصادنا! واكتشفنا متأخرين بان هناك من خرج من السوق قبيل الانهيار (إجلاء الثروة) وشاهد معنا بصمت المآسي التي راح ضحيتها من سيلت محافظه (دماؤه) بأقل الأسعار ومنحت لمن قصف السوق ليرفع بعد ذلك أسهمه معلنا انتهاء الانهيار (الحرب) مزهوا بانتصار حققه على أفراد (عزل) فقدوا كل مايملكونه ليضيف لثروته المزيد وليضيف لشريحة الفقراء أيضا المزيد! تلك الانهيارات التي أصبحت وسيلة للإثراء السريع وهي الحقيقة التي لم نصدقها حتى لاتتم مساءلتنا عن الفشل المتكرر! ولأننا لم نحقق في صحة أسباب الانهيار ولم نعاقب من تلاعب واستفاد شاهدنا الانهيارات تتوالى! ولن أبالغ.. فالجميع يعلم بان الانهيار سيتوقف بعد تسييل المحافظ المستهدفة بغض النظر عن وضع الأسواق العالمية (فقط يومي الثلاثاء والاربعاء تم تداول29مليون سهم بسابك) والارتداد سيتزامن مع خلق محفزات شعارها الإنقاذ! لنستأنف "الرفع الجزئي ومن ثم الكبس الكلي"!

    إن هدف الانهيارات بالأسواق هو إعادة دورة الأسهم من جديد بإعادة الشراء بأقل الأسعار! ومع تسارع هذه العملية بسوقنا لم نحاول كجهة مشرفة تتبع حركة السيولة والأسهم بالمحافظ التي تخرج قبيل الانهيار وتمارس الضغط على السوق كما إننا لم نحاول تجنيب السوق لنقاط الضعف التي تستغل ومنها المحافظ الممولة من البنوك (التسهيلات)! كما ان عدم تطبيق التقنية العالية بنظام "تداول" لضبط التداولات افقدنا الثقة كليا بالسوق حتى وان كانت لمحافظ صانع السوق! وبالمقابل نصدق التضليل بالفضائيات باتهام صغار المتداولين بالاندفاع للبيع والتسبب بالانهيار في الوقت الذي مازلنا نرى أوامر البيع تعرض بكميات ضخمة (نصف مليون سهم واكثر) ليفتح السوق منخفضاً (10%) فما حدث لم يحدث بالسوق الذي يعاني من الأزمة! أليس هذا انهيار متعمد لعدم السماح بالبيع والإرهاب للمشتري؟ فهل للصمت تجاه مايحدث علاقة بتحجيم السوق ومعدلات التضخم؟

    إننا إذا أردنا الحد من تكرار الانهيارات والأزمات التي تحدث لدينا يجب أن نحاسب المتسبب في ذلك! فنحن منذ ثلاث سنوات نعاني من فجوة بين هيئة السوق المالية والمتداولين بمن فيهم المحللون المستقلون! فالفكر القديم المعتمد على الفردية في اتخاذ القرار مازال موجودا منذ أن كانت مؤسسة النقد تشرف على سوق الأسهم وبمنطق "نحن من يفهم فقط" فهو قد تسبب في استمرار حالة الانهيار بعدم التعرف على حقيقة الأسباب وعزل متخذ القرار عن المستفيدين او المتضررين منه فعلاً! فنحن نشعر بتجاهل كبير لمطالبنا من قبل الجهة الرسمية المنشأة لحماية استثماراتنا وتحصل إيراداتها من حساباتنا، فهذا الفكر مازال يرفض قبول الرأي الآخر (على الرغم من أن الحوار وسماع الآخر أصبح سمة العصر الحديث) ويعتمد على ثقة مفرطة بالتوصيات الأجنبية التي تتركز مصالحها بالجانب المالي فقط، فالأجانب هم من يدير فعلا شركاتنا وسوقنا وبنوكنا واستثماراتنا! فالخلل ليس دائما بشخص المسئول حتى نطالب باستبداله، فقد يكون بالفكر الذي يتحكم ويسير ويوجه جهاتنا! فالمتداول المؤهل ذو الخبرات الدولية يصدم دائما بمستوى التعامل ولغة التصاريح وتجاهل المطالب، فنحن نطالب فقط بالشفافية بإيقاف تسرب الإخبار ومنع التلاعب وإيقاف الإرهاب بالعروض الضخمة! فلدينا الوسائل الفعالة لإبطال أهداف من يستهدف الانهيار (مثلما تم صباح يوم 1426/6/26 ه) وكنا نتطلع ان تكون الإدارة أكثر حكمة بتمديد إجازة السوق لتلافي الأوضاع الغير مستقرة (حسب ما اقترح من البعض) حتى لاتعطى الفرصة لاستغلال غموض الإحداث ! كما إن التطمينات التي تطلعنا لها كنا نأمل ان تكون بحقائق تناسب وتقنع الجيل الواعي بالوضع العالمي وبلغة واضحة وبدون عبارات مطاطية وصور تلفزيونية لحجم النقود! فالغموض يسمح لضعاف النفوس باستغلال الوضع لبث شائعات قد تتسبب في انهيار ماكان يجب أن يكون!

    إننا نخجل عندما نسمع عبارات بها إساءات شخصية من بعض المتضررين بقنوات أجنبية تسعد بانهياراتنا لتستفيد ماليا! فننشر مشاكلنا فضائيا بسبب تهربنا من المواجهة وتفهم المطالب، فعلى الرغم من ان المحللين بالصحف والقنوات قدموا استشارات مجانية لهيئة السوق لتصحيح الأوضاع وشاركنا بالرأي حيال القرارات التي استطلعت الهيئة آراءنا، إلا أن الواقع هو عدم مناقشة الآراء المخالفة للتوجه والاكتفاء بآراء مدراء المحافظ وشركات الوساطة والخبراء الأجانب! كما لم يتم الاهتمام بمطالبات إيقاف الاكتتابات التي أثبتت قوى السوق فشلها وتسببت في انعدام السيولة لدى الأغلبية وتركزها لدى القلة! فأهملنا معالجة مشكلة سوقنا واهتممنا بتحقيق أهداف جهات أخرى (مكافحة التضخم) ومانخشاه بعد انكشاف حقيقة الأسواق العالمية وخشاشية البنوك الأمريكية هو الاستمرار بذات الفكر "التابع للغير" الذي سيقود بنوكنا وشركاتنا لتحطيم أسس حافظت عليها لسنوات مثلما حدث بالدولة العظمى فالمشكلة العالمية لم تنته! والمؤسف إننا لانطبق محاسبة المسئولية بأعمالنا، فكارثة الرهن العقاري معروفه قبل أكثر من عام والبنوك المنهارة عرضت نفسها للبيع على جهات استثمارية قبل أشهر الصيف، فلماذا لم نحاسب من أهمل متابعة استثماراتنا لإنقاذها قبل الكارثة؟ ولماذا وثقنا بمكاتب وخبرات فقط لكونها أجنبية؟ الم يكن بالإمكان أن تهرب بعض الاستثمارات مثلما هربت الاستثمارات الأجنبية من أسواق الإمارات قبل شهرين؟

    ان الواقع الجديد يفرض علينا اتخاذ خطوات سريعة لتأسيس فكر مؤسسي مستقل يدار وطنيا قادرا على استشراف المستقبل (القريب على الأقل) لاستثماراتنا ومتحررا من الضغوط لسلامة القرار، وبدون تدارك الوضع سيظل الإرث كما هو وسنصل الى ماوصلت إليه شركاتهم! والمأمول من اللجان التي كلفها المقام السامي الكريم بدراسة أوضاع السوق أن تدخل فكر جديد يتعامل بواقعة أكثر مع أحداث السوق، فالفائدة من إدخال فكر جديد لوزارة التجارة بدأنا في جني ثماره فقد أتى كبديل لفكر أهمل مانشر بصحفنا عن سائل الاحتكار وتمسك بنظرية "السوق الحر" ! فخلال أسابيع اكتشفنا كيف تتم الاحتكارات وضبطنا استراحات خزن بها الحديد ولمسنا اثر الحد من تصدير مواد البناء التي نحتاجها على أسعارها!.

  3. #23
    مؤسس الصورة الرمزية إنتعاش
    رقم العضوية
    6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2005
    الدولة
    الدوحة - قطر
    المشاركات
    12,902
    هل كان بالإمكان تجنب انهيار أكتوبر؟


    فهد الشثري

    كان التراجع الذي شهدته سوق الأسهم السعودية متوقعاً بالنظر إلى الشحن الكبير الذي واجهه المستثمرون والناتج عن الأحداث التي شهدتها "وول ستريت" خلال إجازة عيد الفطر المبارك.

    لكن ما لم يكن متوقعاً هو حجم هذا التراجع الذي لا يمكن وصفه إلا (بالانهيار) لشموله جميع قطاعات السوق. المشكلة أن الإجازة كانت فرصة للمسؤولين ومديري البنوك لإبداء مزيد من الشفافية المدعومة بإحصاءات مقنعة للمستثمرين بمحدودية أثر الأزمة الاقتصادية العالمية في الاقتصاد السعودي وللتقليل من انعكاسات الأزمة العالمية على السوق السعودية.

    إذ إنه من غير المنطقي ألا يتأثر الاقتصاد السعودي (على الإطلاق) بهذه الأزمة وهو الاقتصاد المنفتح بشكل كبير سواء مصرفياً أو تجارياً على مركز الأزمة في أمريكا. لذلك كان من الأفضل أن يعلم المستثمر البنوك التي تأثرت بشكل أكبر بالأزمة العالمية لكيلا يمتد التأثير السلبي إلى جميع الشركات في السوق.

    وكنت قد أشرت في مقال سابق في منتصف أيلول (سبتمبر) إلى أهمية أن تفصح البنوك السعودية عن حيازاتها في السندات الأمريكية ذات المخاطر العالية، خصوصاً تلك المتعلقة باستثمارات مرتبطة بسندات أو مشتقات سندات الرهن العقاري وبشكل واضح ومفهوم للمستثمر العادي، لكيلا يؤدي ذلك إلى اجتهادات فردية تربك المستثمرين وتزيد من ضبابية الصورة أمامهم بما يؤدي إلى عملية هروب جماعي للمستثمرين من السوق كما حدث يومي الإثنين والثلاثاء الماضيين.

    ولا يكفي في مثل هذا الوقت أن تصدر البنوك بيانات متأخرة ومشابهة للبيانات الرسمية لتطمين الناس دون دعم ذلك بما لديها من معلومات عن استثماراتها الأجنبية أو عن الخسائر المحققة أو غير المحققة في تلك الاستثمارات حتى تاريخه.

    إذ إن ذلك لا يؤدي إلا إلى مزيد من الارتباك داخل السوق كما حدث بالضبط في حالة إفلاس "ليمان براذرز" التي كانت الشرارة التي أشعلت فتيل الأزمة الحالية. إذ إنه على الرغم من أن "ليمان براذرز" كان تحت الإشراف المباشر من قبل هيئة الأوراق المالية الأمريكية منذ انهيار "بيرن ستيرنز". إلا أن مسؤولي البنك كانوا يؤكدون خلال تلك المدة على متانة الوضع المالي للبنك إلى أن فوجئ المستثمرون بإعلان إفلاس البنك.

    وعلى الرغم من اختلاف طبيعة نشاط "ليمان براذرز" عن البنوك التجارية السعودية، إلا أنني أريد أن أؤكد هنا أن التصريحات الغامضة وغير المدعومة بمؤشرات وإحصاءات عن الوضع المالي لاستثمارات البنوك لن تؤدي إلا إلى مزيد من الغموض, وبالتالي مزيد من الاضطراب داخل السوق المالية. ويكفي لأي مسؤول الدخول إلى مواقع المنتديات الاقتصادية لأخذ فكرة عن مدى تأثير هذا الغموض في انطباعات المستثمرين عن الوضع في السوق بشكل عام.

    إن البنوك السعودية (التقليدية) لها استثمارات داخلية تتركز في معظمها في سندات التنمية الحكومية أو في قروض محلية, إضافة إلى استثمارات خارجية تتجاوز 70 مليار ريال, وهي تمثل إما استثمارات في سندات متنوعة الجودة الائتمانية أو في محافظ مدارة خارجياً تتركز في الولايات المتحدة وأوروبا. وهذه الاستثمارات ستتأثر بدرجات مختلفة اعتماداً على المخاطر المرتبطة بها (سندات خزانة، سندات محلية، سندات شركات، أو سندات مشتقة).

    فعلى سبيل المثال أظهر بنك سامبا في قوائمه المالية لعام 2007 استثمارات خارجية متاحة للبيع تقدر بـ 22 مليار ريال تقريباً. كما أظهر البنك نفسه في تلك القوائم أن قيمة الاستثمارات الخارجية غير المصنفة التي عرفها على أنها (استثمارات خاصة واستثمارات في صناديق تحوط وحصص في قروض والتزامات ديون مضمونة) بلغت 7.16 مليار ريال.
    إضافة إلى ذلك هناك استثمارات في سندات من الدرجة الثانية حسب تصنيف موديز BBB فأقل أو ما يسمى السندات ذات العائد العالي High Yield Bonds (وذات المخاطر العالية) بقيمة 1.6 مليار ريال.

    السؤال الآن:
    ما قيمة هذه الاستثمارات؟
    وما تصنيفاتها الائتمانية الحالية؟
    هل يحتاج المستثمر إلى الانتظار حتى نهاية العام لإعادة تقييمها
    أو أن الظروف الحالية تحتم الإفصاح عن قيمتها السوقية الحالية؟

    وهذا الوضع يشمل جميع البنوك التي لديها محافظ استثمارية خارجية التي يتم الإفصاح عن الوضع المالي لها في نهاية العام المالي وليس في القوائم الربعية.

    إنني أرى أن هذه الأزمة تشكل فرصة لصانع القرار الاقتصادي لإعادة النظر في السياسات المتعلقة بالنظام المصرفي والمالي في المملكة (وهو في طور التشكل), خصوصاً تلك التي أعطت للبنوك مجالاً واسعاً للدخول في استثمارات تنطوي على مخاطر عالية كإدارة المحافظ الاستثمارية أو الاستثمارات التي تنطوي على سيولة منخفضة كالاستثمار العقاري.

    إذ يجب وضع خط فاصل واضح بين النشاط المصرفي والنشاط الاستثماري, وبالتالي تحديد نطاق الضمان والإشراف الحكومي الذي يجب أن يقتصر على البنوك التجارية. إذ إنه ليس من المنطق توفير ضمانة الدعم الحكومي المطلق للبنوك، وفي الوقت نفسه إطلاق يدها لاستثمار ودائع عملائها كيفما تشاء.

    وهذا بدوره سيوفر للبنوك التجارية استقراراً مالياً وسيقلل من مخاطر الانزلاق إلى وضع مشابه لوضع البنوك التجارية الأمريكية المنهارة كبنك واشنطن ميوتشوال وبنك واكوفيا سادس أكبر بنك في الولايات المتحدة، بسبب استثمار ودائع العملاء في أصول ذات مخاطر عالية

  4. #24
    مؤسس الصورة الرمزية إنتعاش
    رقم العضوية
    6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2005
    الدولة
    الدوحة - قطر
    المشاركات
    12,902
    هل أجهزتنا الاقتصادية الرسمية على مستوى المسؤولية في مواجهة الأزمة؟

    عبدالله ناصر الفوزان



    هذه الأجهزة الاقتصادية الرسمية تعرف أن سوقنا المالي الذي هو (خبز يديها) سوق أفراد وليس سوق مؤسسات. أي إن الأفراد هم الذين يستثمرون فيه بأنفسهم، والفرد يختلف عن المؤسسة في أنه أكثر ضعفاً وأشد تأثراً وخوفاً وقلقاً وأقل قدرة على الحصول على المعلومات الصحيحة وأكثر فزعاً واستجابة للشائعات وحملات الأراجيف.

    تلك الأجهزة الاقتصادية هي التي أوجدت هذا السوق على تلك الشاكلة، وقد حاولت تطويره ـ كما تقول ـ فلم تعمل عل تحويله إلى سوق مؤسسات أولاً، بل عمدت ـ كما قالت ـ إلى تعميقه مع أنه أصلاً لا يعرف السباحة، ويغرق في (شبر ميه) فظلت تلهب ظهره بسياط الاكتتابات المتلاحقة والمتسارعة... اكتتاب بعد اكتتاب... فدفع كل فرد من أفراد السوق كل دم قلبه في تلك الاكتتابات حتى جفت عروقه من الدماء، واستمرت تلك الأجهزة في طرح الاكتتابات بطريقة أكوام البطيخ في سوق الخضار، ولهذا كان من الطبيعي أن تواصل الأسعار انخفاضها مع كل اكتتاب جديد حتى تجاوزت في نزولها أسعار الاكتتابات بفارق كبير في حالة عجيبة تدين تلك الأجهزة بشكل صارخ.

    وفي هذا المستوى من الضعف تفجرت الأزمة المالية العالمية فسيطر الرعب والفزع على هؤلاء الأفراد كأمر طبيعي فظل السوق ويا للعجب يسجل نسب هبوط أكثر من نسب هبوط الأسواق الأمريكية المعنية بالمشكلة في حالة فريدة لافتة للنظر لكنها مفهومة في سوق أفراد وجدوا أنفسهم في الساحة المرعبة بلا معين، وكان المفروض أن تقف تلك الأجهزة وقفة وطنية مع هؤلاء الأفراد الفزعين المرعوبين في تلك الأحوال العصيبة فتقوم بدور المؤسسة بالنسبة لهم... تقدم لهم المعلومات الصحيحة، وصورة ما حصل على حقيقته، وتوضح مدى حقيقة علاقة سوقنا وشركاتنا بالأزمة ودرجة تأثرها بها، وتدعم السوق بالوسائل العديدة المشروعة، ولكنها لم تفعل في الوقت المناسب وبالشكل المناسب،وتركت هؤلاء الأفراد يعيشون مع كوابيسهم كل ليلة ليقرروا البيع في اليوم التالي بأي ثمن، وتفاقمت المشكلة بعد أن أصبح هؤلاء الأفراد أو جلهم بائعين ولم يعد هناك راغب في الشراء لأن الكل مرعوب لدرجة أن السوق دخل في حالة انهيار عجيبة إذ ظل يفتتح نزولاً على النسب القصوى من الدقيقة الأولى بعروض لا تقابلها طلبات في حالة عجيبة لا نجد لها مثيلاً حتى في الأسواق المعنية بالمشكلة.

    بصراحة موقف تلك الأجهزة الاقتصادية محبط جداً فهي تستثمر في الخارج مبالغ ضخمة تجاوزت الألف مليار بنسب فائدة ربما لا تتجاوز 3% بينما تحجم عن الاستثمار في السوق المحلي الذي يوفر نسب فائدة تتجاوز 10%...مع أن الداخل أكثر أمناً... وكان المفروض أن تبادر تلك الأجهزة فور حصول الكارثة بالاتصال بالأجهزة الاقتصادية الخليجية المماثلة خاصة خلال إجازة العيد وتقودها في جهد مشترك... ليس بهدف إيقاف حركة التصحيح في السوق... فحركة التصحيح لا ينبغي على الجهات الحكومية التدخل فيها... بل لإيقاف الانهيار... فإيقاف الانهيار واجب على الجهات الرسمية إذا كانت قادرة على ذلك... وهي قادرة... والذي حصل هو انهيار وليس حركة تصحيح... فسوقنا كان يهبط منذ أمد بعيد قبل الأزمة العالمية بفعل سياسات حكومية ليس هذا أوان الحديث عنها ولأنه كان في وضع ضعيف جداً وسوق أفراد فقد انهار.

    لو اتصلت أجهزتنا الاقتصادية الرسمية بمثيلاتها الخليجية أثناء إجازة العيد وقادتها في جهد مشترك يقوده بالنسبة للمملكة صندوق (سنابل) الذي أعلن وزير المالية عن تكوينه ولم نر له أي أثر مع الأسف مع أن هذا هو أوانه ...أقول لو حصل هذا وتم دعم الصندوق بجزء يسير من استثماراتنا الضخمة الحكومية الموجودة الآن في السوق الأمريكية وتم الإعلان عن الأرقام التي تم تعزيز الصندوق بها ثم قيل في الإعلان إن الصندوق سيشرع في شراء الأسهم التي يشكل شراؤها فرصة واعدة للصندوق وأنه ينبغي أن يأخذ جميع المتداولين علماً بهذا حتى لا يلوموا الحكومة في المستقبل ويقولوا إنها قد أخذت أسهمهم بسعر رخيص... أقول لو حصل هذا لتوقف الانهيار وعاد التوازن للسوق واستأنف حركاته التصحيحية المعتادة.

    كان المفروض أن تكون أجهزتنا الاقتصادية الرسمية على قدر المسؤولية فتقوم بما يجب عليها... لا نقول بأن تتدخل في السوق ولا نقول بأن توقف حركة التصحيح... ولكن بأن تتخذ القرار الاستثماري السليم فتقتنص الفرصة الاستثمارية الأفضل من حيث العائد والأقل من حيث درجة المخاطرة... وتنقذ سوقها الوطني الذي هو واجهتها الاقتصادية من الانهيار... ولكنها مع الأسف الشديد لم تفعل ذلك وتقف مع مواطنيها الذين كانوا في أشد الحاجة لعونها.

    بعد كل هذا.. ليس أمامنا سوى أن نتساءل: هل أجهزتنا الاقتصادية الرسمية على مستوى المسؤولية وهي تواجه أخطر أزمة اقتصادية يتعرض لها سوقنا المالي؟

  5. #25
    مؤسس الصورة الرمزية إنتعاش
    رقم العضوية
    6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2005
    الدولة
    الدوحة - قطر
    المشاركات
    12,902
    تأثير أزمة الرهن العقاري على الصيرفة الإسلامية



    في وقت تتعرض فيه الكثير من المصارف التقليدية لخسائر فادحة وأزمة سيولة نتيجة أزمة الرهن العقاري التي تعصف بالعالم هذه الأيام، نجد ان المصارف الإسلامية تظهر أرقامها المعلنة نموا في الأرباح مع توفر سيولة قد تصل حد التخمة في بعض المصارف الإسلامية. ولا يعني هذا الأمر أنها بمنأى عن التأثر بهذه الأزمة العالمية، حيث ان المصارف الإسلامية لا تعمل في جزر منفصلة معزولة عن بقية العالم، بل هي جزء من المنظومة المالية العالمية تؤثر وتتأثر بما يجري في العالم. ولكن تأثرها لا ينتج من تعرضها للأزمة مباشرة والتي خرجت منها المصارف الإسلامية سليمة مائة بالمائة.


    حيث ان المصارف الإسلامية لا تتعامل في الأوراق المالية المسببة للأزمة لحرمتها الشرعية، بل ينتج من توابع هذه الأزمة كانخفاض البورصات العالمية مما يؤثر على استثمارات هذه المصارف في هذه البورصات سواء كان استثمارا مباشرا أو عن طريق صناديقها الاستثمارية. كما أن هذه الأزمة قد تحد من قدرتها على منح الائتمان نتيجة أزمة الثقة التي يعاني منها القطاع المصرفي في العالم اليوم مما يضعف قدرتها على إدارة السيولة المتوفرة لديها وجميع هذه العوامل قد تؤثر في نمو أرباحها، إذا أضفنا إلى ذلك ان الكثير من المصارف الإسلامية خصوصا في منطقة الخليج تعاني من تضخم في محافظها التمويلية الخاصة بالتمويل العقاري، فإن أي ركود عالمي سيؤثر حتما في هذا القطاع تأثيرا سلبيا مما سينعكس بدوره على نتائج هذه المصارف. هذا من ناحية تأثيرات الأزمة السلبية على المصارف الإسلامية، إلا ان هذه التأثيرات تبقى محدودة بالنظر لما أصاب القطاع المالي التقليدي من أضرار بليغة ستؤدي إلى تغيير جذري في القوانين والمبادئ التي تحكم هذه الصناعة في المستقبل بالنظر إلى المطالبة العديدة بضرورة مراجعة المبا دئ الاقتصادية والمنظومة الفكرية التي يقوم عليها الاقتصاد الرأسمالي الحر الخاضع لقوانين السوق.

    أما بالنسبة للآثار الايجابية لهذه الأزمة على صناعة الصيرفة الإسلامية فتتمثل في إقرار العالم بصلابة الأسس التي تقوم عليها الصيرفة الإسلامية وصحة القوانين التي تحكمها، بل تعدى الأمر الإقرار بصحة هذه المبادئ إلى الدعوة إلى الأخذ بها في العديد من افتتاحيات الصحف الأوربية؛ حيث كتب «بوفيس فانسون» في افتتاحية مجلة «تشالنجر» (أظن أننا بحاجة أكثر في هذه الأزمة إلى قراءة القرآن بدلا من الإنجيل لفهم ما يحدث لنا وبمصارفنا لأنه لو حاول القائمون على مصارفنا احترام ما ورد في القرآن من تعاليم وأحكام وطبقوها ما حل بنا ما حل من كوارث وأزمات وما وصل بنا الحال إلى هذا الوضع المزري، لأن النقود لا تلد النقود). في حين كان عالم المال قبل هذه الأزمة ينظر إلى قواعد الشريعة الإسلامية ومبادئ الاقتصاد الإسلامي على أنها مبادئ قديمة تعيق تقدم هذه الصناعة. كما ان هذه الأزمة عجلت بفتح الكثير من الأسواق الأوربية التي كانت مغلقة أمام صناعة الصيرفة الإسلامية ومن أهمها السوق الفرنسية، حيث دعا مجلس الشيوخ الفرنسي إلى ضم النظام المصرفي الإسلامي للنظام المصرفي في فرنسا. وقال المجلس في تقرير أعدته لجنة تعنى بالشؤون المالية في المجلس إن النظام المصرفي الذي يعتمد على قواعد مستمدة من الشريعة الإسلامية مريح للجميع مسلمين وغير مسلمين.


    وأكد التقرير الصادر عن لجنة المالية ومراقبة الميزانية والحسابات الاقتصادية للدولة بالمجلس، أن هذا النظام المصرفي الذي يعيش ازدهارا واضحا قابل للتطبيق في فرنسا.

    لقد عززت هذه الأزمة وخروج المصارف الإسلامية منها دون خسائر الثقة في هذه المصارف مما أدى إلى تحول العديد من عملاء المصارف التقليدية من غير المسلمين في بريطانيا إلى التعامل مع المصارف الإسلامية وفق تقرير نشرته جريدة «برمنغهام بوست».

    ان هذه الأزمة منحت الصيرفة الإسلامية فرصة ذهبية لتقدم للعالم نموذج أعمالها بديلا عن المصرفية التقليدية؛ وهي مطالبة بتوضيح هذا النموذج عن طريق عقد المؤتمرات والندوات وورش العمل التي تشرح أسس ومبادئ هذه الصناعة مع تشخيص الأزمة المالية العالمية الراهنة في ضوء هذه الأسس والمبادئ. كما أن هذه الأزمة منحت الصيرفة الإسلامية فرصة لتنشيط أعمالها وتوسيع أسواقها عبر فتح أسواق جديدة لها وتوسيع قاعدة المتعاملين معها مما سيقلل من الآثار السلبية لنواتج هذه الأزمة على صناعة الصيرفة الإسلامية.


    * نقلا عن جريدة "الشرق الأوسط" اللندنية

  6. #26
    مؤسس الصورة الرمزية إنتعاش
    رقم العضوية
    6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2005
    الدولة
    الدوحة - قطر
    المشاركات
    12,902
    الكساد الاقتصادي

    عبدالله الرفيدي


    توقع الكثير من المحللين أن تكون الخطوة الدولية الكبرى لإنقاذ المصارف ستعزز الثقة في أسواق المال وتمنحها حقنا من الأنسولين، وما لبثت أن ارتفعت الأسواق بشكل كبير في يومين فقط ليتم الإعلان عن دخول الاقتصاد الأمريكي في الكساد حتى ذهبت الأرباح أدراج الرياح.

    حالة من الضعف والخوف الكبير يكتنف الاقتصادي الأمريكي. فسوف يزيد عدد العاطلين عن العمل بإقدام الشركات الكبرى على فصل عشرات الآلاف من موظفيها مع ذهاب مدخرات العاملين في سوق المال.

    وسوف تزداد الأمور صعوبة عندما يستقبل سوق المال الأمريكي إعلانات من الشركات العملاقة تؤكد انخفاض الأرباح وتوقعها مستقبلاً صعباً.

    ما هي الآثار المترتبة على ذلك كله. سوف يقل الطلب على النفط وتتجه أسواق المال إلى الضعف من جديد ويصبح المواطن الأمريكي في حال لا يحسد عليها كما اعتاد.

    أما بالنسبة للأسواق الأخرى كالخليجية فإن أسواقها المالية عادت إلى الهبوط من جديد بعد إعلان دخول الاقتصاد الأمريكي في مرحلة الكساد. وسوف يعاني الاقتصاد الخليجي من أمرين مهمين هما انخفاض سعر النفط وانخفاض سعر الدولار لو استمر، على الرغم من ارتفاعه في المدة القصيرة الماضية، لذا يجب على دول الخليج أن تضع الاحتياطات اللازمة لمواجهة هذه المشكلة على الرغم من أنني لا أتوقع وقوف أوروبا متفرجة حتى يعادل سعر اليورو دولارين. إلا أن التفكير في الأمر والاجتماع المتواصل بين دول الخليج لوضع حلول سريعة وخطة طويلة الأمد محكمة التنفيذ لتجنيب الاقتصاد الخليجي عدوى الكساد، وأن تكون هناك شفافية عالية وحرص على تحقيق نتائج صحيحة لا تحتمل الخطأ، وأن يتحمل المواطن الخليجي تبعات أخرى فوق التي تحملها سابقاً جراء التضخم.

    التدخل من حكومات الخليج ينبغي أن يكون سريعاً وشاملاً لكل الأنشطة الاقتصادية بدءاً من سوق المال حتى لا تتعرض هذه السوق إلى انهيارات أخرى لا يستطيع أحد إيقافها خاصة لو استمر الكساد الأمريكي وانخفض الدولار والنفط.

    وعلى الرغم من ذلك الحديث الذي أرى أنه اتسم بالحذر إلا أن التفاؤل قد يظهر لنا بعد أن تجد سوق المال القاع المناسب لها، لتعاود الصعود ولكن هذه المرة بشكل مستمر دون توقف مثل ما كان يحدث سابقاً، ولعل التجارب الصعبة دائماً مفيدة لأخذ الدروس.

  7. #27
    مؤسس الصورة الرمزية إنتعاش
    رقم العضوية
    6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2005
    الدولة
    الدوحة - قطر
    المشاركات
    12,902
    سوق الأسهم والتضخم



    د. عبدالله بن عبدالمحسن الفرج


    حسب الاستطلاعات التي أجرتها صحيفة Wall Street Journal، والتي شملت 56من الاقتصاديين البارزين المستقلين، فإن نمو الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي في الربع الرابع من هذا العام سوف ينخفض إلى 1.2%. وفي الربع الأول من عام 2009سيطرأ بعض التحسن عندما تخف وتيرة الانخفاض وتصل إلى 0.1%. وأن الانكماش لن يتوقف إلا في الربع الثاني من العام المقبل حينما يسجل الناتج المحلي الإجمالي، حسب الاستطلاع االذي أجرته الصحيفة، نمو نسبته 1.1%.


    وهذا الانكماش، الذي يعتبر الأسوأ منذ نصف قرن، سوف يؤدي إلى ارتفاع البطالة وذلك بعد أن تنتقل عدوى أزمة القطاع المالي إلى القطاع الصناعي. فنسبة العاطلين عن العمل الذي وصلت في يونيو الماضي إلى 6.8% سوف تزداد خلال الفترة القادمة. خلال الاثني عشر شهراً المقبلة سوف يفقد العمل في الولايات المتحدة ما يقارب 75ألف عامل كل شهر. وسيترافق ذلك مع نمو معدل التضخم الذي لا يتوقع الاقتصاديين تراجع مستواه إلا في شهر يناير القادم.

    وفي الحقيقة فإن قراءة الارقام المذكورة أعلاه ومقارنتها مع الارقام المقابلة لها في دول مجلس التعاون الخليجي تقودنا إلى التأمل في جدوى ارتباط السياسة النقدية لدول المجلس بالسياسة التي يتبعها مجلس الاحتياطي الفدرالي. ففي بلداننا لا يتوافق معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي ومستوى التضخم والبطالة مع تلك الأرقام الواردة في استطلاع Wall Street Journal.

    إن الاستفادة من الايجابيات التي لدى الغير هي أمر في غاية الأهمية. أما مجارات السياسة النقدية لأي بلد، حتى لو كانت أمريكا، فإنه من الممكن أن يكون مجدياً مرة ولكنه مضر مرة أخرى أو مرتين. ويعود السبب إلى أننا في دول المجلس لا نمر باستمرار بنفس المرحلة من الدورة الاقتصادية التي تمر بها الولايات المتحدة. فمثلاً خفض سعر الفائدة المتواصل، الذي شهدناه خلال هذا العام، من قبل مجلس الاحتياطي الفدرالي لمواجهة الركود الاقتصادي لا يعطي نفس النتائج عندما نطبقه لدينا. وذلك لاننا بكل بساطة لا نعاني من الركود الاقتصادي. فاتباع الولايات المتحدة لسياسة نقدية توسعية في ظل الانكماش الذي تعانيه يعتبر صحيحاً 100%. أما بالنسبة لنا في دول مجلس التعاون، التي يشهد اقتصاد بلداننا فيه وتائر نمو عالية، فإن خفض سعر الفائدة لا يمكن له أن يؤدي إلا إلى زيادة معدل التضخم- خصوصاً في ظل ارتفاع الانفاق الحكومي على التنمية. وأعتقد أن التخفيف من تأثير السياسة النقدية التوسعية في دول المجلس عن طريق زيادة عدد الشركات المكتتبة لم يؤدي، مثلما رأينا خلال العامين الماضيين، إلى التخفيف من ارتفاع الأسعار في أي من بلدان المجلس. وذلك لأن محصلة التدفق المالي الناجم عن السياسة النقدية والمالية التوسعية أكبر من حجم السيولة التي تمتصها الاكتتابات. فإذا ما أخذنا بعين الاعتبار أرتفاع الميل الحدي للاستهلاك في منطقة الخليج فإنه يمكننا أن نتصور الرواج التضخمي الذي يمكن أن تؤدي إليه السياسة الاقتصادية التوسعية.

    ففي مثل هذه الظروف لا يمكن للاكتتابات الجديدة أن تحد من السيولة بنفس القدر الذي يتوقعه المخططون لها - خصوصاً وأن الشريحة الرئيسية المساهمة في هذه الاكتتابات هي من الفئات المنخفضة الدخل. وهذه الأخيرة هي أقل فئات المجتمع مساهمة في رفع نسبة التضخم.

    بيد أن سوق الأسهم من الممكن أن تساهم في خفض نسبة التضخم، وذلك عندما ترمي المحافظ الاستثمارية بثقلها ويدخل أصحاب الأموال إلى السوق ويرفعون معهم بالتالي حجم الكتلة النقدية المتداولة بداخلها إلى مستويات عالية - على غرار ما شهدناه خلال الفترة التي سبقت إنهيار أسواق الأسهم الخليجية عام 2006.

  8. #28
    مؤسس الصورة الرمزية إنتعاش
    رقم العضوية
    6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2005
    الدولة
    الدوحة - قطر
    المشاركات
    12,902
    أزمة المال الأمريكية: الشاويش عبده وحرائق كَفر النار



    ما علاقة الأزمة المالية بالشاويش عبده وكفر النار؟ الفكرة بسيطة جدا: التدخل الحكومي الزائد هو أحد مظاهر الاشتراكية، والاشتراكية نظام مدمر للمجتمعات الإنسانية!

    المنظر أصبح مألوفا في كفر النار: سيارات الإطفاء تجوب الشوارع، تطفئ حريقا هنا وحريقا هناك، والشاويش عبده بسيارة الشرطة يجوب المدينة، مثله مثل سيارات الإطفاء، من حريق إلى حريق. ترجل الشاويش عبده من السيارة وهو ينظر إلى بيت أبو ترباس وهو يحترق، لم ير أي سيارة إطفاء أو إسعاف، فاتصل باللاسلكي يطلبهم فورا لإطفاء الحريق وإنقاذ أي مصابين. أغلق باب السيارة واتجه نحو الحشد الذي بدأ يكبر مع مرور كل ثانية. اجتاز الناس، وقف بينهم وبين البيت وأعلن بصوت أجش أنه يجب عليهم أن يبتعدوا عن المكان حتى لا يصاب أحد، وحتى تتمكن سيارات الإطفاء من الوصول إلى البيت بسهولة. بدأ البعض يصيح بصوت عال، أين المطافئ؟ لماذا تأخروا؟ هل يوجد أحد في البيت؟ أين أبو ترباس؟ أين أم ترباس؟ كان الشاويش عبده ينظر إلى الناس تارة وإلى البيت الذي يحترق تارة أخرى ثم صاح: إني أحذركم مرة أخرى، عليكم الابتعاد والذهاب إلى الطرف الآخر من الشارع. ولم يكد ينتهي من كلامه حتى شاهد أبو عنتر يدفع الناس في محاولة للوصول إلى الأمام حتى أصبح أمام الشاويش. واتضح من تعابير وجه الشاويش أن آخر شخص يريد أن يراه هو أبو عنتر.


    حاول تجاهله، نظر إلى الناس مرة أخرى، إلا أن أبو عنتر تجاوزه واتجه نحو البيت. "أبو عنتر، قف مكانك، ولا خطوة، قف"! نظر إليه أبو عنتر بازدراء وتابع مشيه، إلا أن الشاويش عبده ركض بسرعة وأمسكه قائلا، ماذا تفعل، هل أنت مجنون؟ "علينا إطفاء الحريق يا شاويش، وعلينا التأكد أنه لا أحد في البيت"! ولكن الشاويش قال له بصرامة وهو يضع يده على العصا الكهربائية المعلقة في حزامه في إشارة إلى أنه سيستخدمها لو اضطر إلى ذلك "هذه مهمة رجال الإطفاء، والقانون يمنع المدنيين من إطفاء الحرائق". نظر إلى الناس ثم إلى أبو عنتر وقال "ألا تدري أن ما تنوي القيام به سيكلفك ثلاثة أشهر في السجن؟ اذهب إلى الطرف الآخر من الشارع". ويبدو أن تصرف أبو عنتر شجع بعض الشباب على التدخل لإطفاء الحريق، فاقتربوا من الشاويش، إلا أنه حذرهم أيضاً: " قيام المدنيين بإطفاء الحرائق في أمرستان ضد القانون وعقابه السجن". رغم أن تهديده كان ضعيفا، إلا أن الناس أخذت كلامه محمل الجد لأن كل واحد منهم يعرف شخصا ما قد سُجن بتهمة إطفاء الحريق!

    فجأة سمع الناس صرير عجلات سيارة مسرعة، ثم أصوات فرامل، ثم صرير العجلات مرة أخرى، الأمر الذي فرّق الناس قسمين حتى لا تصدمهم السيارة القادمة. ترجل أبو ترباس من السيارة والرعب يملأ وجهه "يا إلهي، ماذا حصل، أين زوجتي، أين ابني؟" طمأنه أحد الجيران بأن زوجته وابنه في الطرف الآخر من الشارع، وأنهما نجيا من الحريق بأعجوبة. نظر أبو ترباس إلى المكان الذي أشار إليه جاره فشاهد زوجته تلوّح له بيدها من بعيد، وتحمل ابنهما الصغير ترباس في اليد الأخرى. فجأة ذهب الذعر الذي كان به وظهرت مكانه ابتسامة صفراء لم يفهم أحد معناها إلا جاره أبو ضريس الذي اقترب منه وقال "أنت رجل محظوظ، القانون يجبر شركة التأمين على دفع القيمة الأصلية للبيت، رغم أن قيمته انخفضت 50 في المائة بعد الأزمة الأخيرة، الآن تستطيع أن تشتري بيتا أفضل وأكبر، لو كنت مكانك لأغلقت باب الحارة وأخرت سيارات الإطفاء قليلا".


    سمع الناس أبواق سيارات الشرطة والإطفاء وهي تقترب من مكان الحريق، طلب الشاويش عبده من الناس الابتعاد، فابتعدوا بسرعة، ولم يبق هناك في منتصف الشارع سوى سيارة أبو ترباس "حرك سيارتك يا أبو ترباس ، بسرعة" ولكن أبو ترباس اتجه إلى سيارته ببطء شديد، متذكرا نصيحة أبو ضريس!

    تحرك رجال الإطفاء بسرعة، داروا حول البيت في محاولة لتقييم الوضع، بينما قام آخرون بتمديد خراطيم المياه. نظر الشاويش إليهم بحسد شديد، لقد كان يتمنى منذ صغره أن يصبح إطفائيا، وعندما كبر تبين له أن أجورهم عالية وتبلغ أضعاف رواتب الشرطة. نظر إلى أحدهم، وهو شاب مفتول العضلات، وسأله عن إمكانية السيطرة على الحريق، ولكن الشاب قال بسرعة: أنا متطوع فقط, أساعد رجال الإطفاء، يمكنك أن تسأل الكابتن كركر". نظر إلى الجهة التي أومأ الشاب برأسه باتجاهها ورأى الكابتن كركر يتكلم باللاسلكي. مشى باتجاهه إلا أن الشاب استمر في كلامه قائلا "حسب القانون عليهم أن يوظفوني قريبا لأنني متطوع وشاركت في إطفاء تسعة حرائق، وهذا الحريق العاشر. أعتقد أنه أصبح لدي الخبرة الكافية". توقف الشاويش عبده عن المشي، استدار نحو الشاب وقال "كم متطوع في المحطة ممن يبحثون عن عمل فيها" أجابه الشاب "نحو خمسة أشخاص، ولكن مشاركتي كانت أكثر من أي واحد منهم، لذلك أعتقد أنهم سيوظفونني قبل الآخرين". بدأت الأفكار تتصارع في عقل الشاويش عبده، فكثرة الحرائق في الفترات الأخيرة لا يمكن شرحها بأي طريقة.

    عاود الشاويش المشي باتجاه الكابتن كركر وهو يتساءل: القانون يقضي بتوظيف المتطوع بعد مشاركته في عدد معين في إطفاء الحرائق، هذا يعني أنه من صالح هؤلاء المتطوعين أن يشعلوا الحرائق ثم إطفائها .. هممم! فجأة رن هاتفه الجوال، رفعه إلى أذنه وهو يقول "الشاويش عبده" سمع ضجة مماثلة للضجة التي حوله، ثم صوت رجل يقول "اسمع يا شاويش، أنا مواطن صالح أريد أن أبلغ عن أبو ترباس. أعتقد أن له علاقة بحرق بيته لأن القانون يجبر شركة التأمين على دفع القيمة الأصلية للبيت، وليس قيمته الحالية بعد حدوث الأزمة المالية" ولكن ما فاجأ الشاويش أنه سمع بوق سيارة بالقرب منه، وسمعه أيضا عبر الهاتف! نظر حوله فرأى أبو ضريس يتكلم من الهاتف العام، بالقرب من باب البنك! أغلق الهاتف وقال متمتما "القانون يشجع متطوعي الإطفائية على حرق المنازل! والقانون يشجع أصحاب المنازل على حرقها، آه. تذكرت، والقانون يمنع الناس من إطفاء الحرائق! بدأ يحس بضيق شديد، نظر في الاتجاه المعاكس، فرأى أبو ضريس يمازح أبو ترباس، يا له من عالم عجيب! عندها تذكر أن القانون، لحماية شركات التأمين، يجبر هذه الشركات على دفع مكافآت لمن يساعدهم على كشف عمليات النصب على التأمين!

    اقتربت امرأة عجوز من الشاويش وقالت له بصوت متقطع يدل عمرها: هل نسحب الفلوس من البنك؟ هل تعتقد أنه سيحترق لأنه قريب من هذا البيت؟ أجاب الشاويش بسرعة: لا ..لا لا تهتمي، حتى لو احترق البنك فإن القانون يجبر الحكومة على تغطية ما لديك في حسابك في البنك! كانت العجوز مازالت تمشي ببطء تجاه الشاويش ثم قالت "ولكن هذا حافز لحرق البنك! يمكن لموظفي البنك أن يسرقوه، ثم يحرقوه، ثم تقوم الحكومة بتغطيته، أليس كذلك؟

    انتشار الحرائق في كفر النار بشكل لم يسبق له مثيل جعل حكومة أمرستان الفيدرالية ترسل لجنة للتحقيق. كان من أهم نتائج التحقيق أن عدد سيارات الإطفاء لا يتناسب مع عدد الحرائق، ولكن ليست هناك أموال كافية لشراء سيارات إضافية، وتوظيف المزيد من رجال الإطفاء. وأوصت اللجنة أن أفضل وسيلة لحل المشكلة هي تغيير القانون الحالي الذي يعاقب الناس على المساعدة على إطفاء الحرائق واستبداله بقانون يكافئ الناس على إطفاء الحرائق. تبنت الحكومة هذه التوصية، وخصصت بعض المال للمواطنين الذين سيشاركون في إطفاء الحريق. تم تطبيق القانون يوم الإثنين صباحا، وما إن جاء المساء حتى كان أغلب كفر النار يحترق. وقف الشاويش عبده أمام أحد البيوت التي احترقت بالكامل وهو يقول "إنه القانون مرة أخرى! إعطاء مكافآت مالية لكل من شارك في إطفاء الحريق جعل الناس تشعل بيوت بعضها، فعلا إنها اسم على مسمى " كفر النار"!

    مرة أخرى، ما علاقة أحداث كفر النار بالأزمة المالية الحالية؟ الجواب.. كلاهما نتج عن التدخل الحكومي! الأزمة المالية الحالية لاعلاقة لها بالرأسمالية وحرية الأسواق، ولكنها نتجت عن تبني حكومة أمرستان قوانين اشتراكية خلال السنوات الماضية أحرقت الأخضر واليابس! إذا لم تصدقوا هذا الكلام، اتصلوا بالشاويش عبده!

  9. #29
    مؤسس الصورة الرمزية إنتعاش
    رقم العضوية
    6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2005
    الدولة
    الدوحة - قطر
    المشاركات
    12,902
    سهم عادل!

    عبدالله صايل

    وعادل هذا، بالمناسبة، إنسان مجهول الهوية، ويتم إقحامه في لعبة الأسهم دون علم منه أو إذن! فمن منكم لم يسمع محللاً "يتقوقل" علينا، ويصرح:
    * هناك تباشير ظهور سعر عادل لهذا السهم، وأراها تلوح في الأفق!
    وآخر يبرطم مشوشاً:
    * السعر العادل للسهم يقتضي وصوله لمنطقة القاع قياساً على (مكركر) الربحية!

    وأخشى أن يأتي يوم نسمع فيه عن "سعر عادل" إضافة إلى "سعر مرعي" و"سعر مرزوق" وحتى "سعر دنقور" لهذا السهم أو ذاك!! لم لا؟ أنسيتم جيش "المحلحلين" الذين التهموا وقتنا من خلال إطلالهم "المطوّل" في الصحف والإذاعات والتلفزة.. وحتى في الإنترنت؟! ألم تسألوا أنفسكم أين اختفى كل هؤلاء خلال عام 2008؟


    يعتب علينا بعض الأعزاء من الإعلاميين أننا لا نسخّر زوايانا لتنوير القارئ بما يدور من حوله، مع التفسير للظواهر ما أمكن! ولكن مهلاً.. كيف لمستطيع أن يمارس فضيلة التنوير فيما تزاحم مساحته إعلانات الترويج؟! حتى من منطلق بصري يا سادة يا كرام، كيف يمكن أن تلفت نظرك زاوية "قزيمة" حوصرت من كل اتجاه بتصريحات وإعلانات وتغطيات تتخذ من الصفحة ونصف الصفحة مقبلات "يمزمز" عليها القارئ قبل حضور وليمة الاكتتاب أو إشهار ربحية لا تعرف صدقها من مغالطتها؟! ناهيكم عن أن جرعة التنوير في المجال التربوي أو الاجتماعي أو الفني أو الثقافي عموماً يمكن أن تتسرب كلها أو جزء منها، لكن ما جرى في سوق الأسهم والاستثمار المالي عموماً لا يمكن أن يخضع لأي رؤية تنويرية تبصر العطشى بتفاصيل ورود الماء من الألف إلى الياء.
    مخطئ من يعتقد أن وسائل الإعلام قادرة على الاستغناء عن الإعلان، ولكن كيف للقارئ المغلوب على أمره أن يعرف الفرق بين "المنوّر" و"المروّج"؟! والنفعيون المستفيدون من هذه المشكلة مدركون تماماً لأهمية الرقص على حواف فجواتها تاركين مهمة السقوط لغيرهم... دون شفقة! حتى إن احتمال "العنقلة" أو "العكرفة" وارد جداً للتعجيل بسقوط مَن يستيقظون متأخراً وقبل إدراك وسيلة النجاة بتفعيل خاصية التشبث بحركة بهلوانية أو حتى حركة "طهبلانية" من صناعة وطنية!!
    أعود لـ (عادل) وأقول، إن هناك عدداً من الآباء المتضررين من سوق الأسهم ومن الذين لديهم أبناء يحملون اسم عادل قد تزاحموا على مكاتب المواليد لتبديل أسمائهم، ويقول البعض إن التركيز كان كبيراً على أسماء من نوع (غافل)، (فاصل) و(مماطل)!!


    *** مليحظة:
    عزيزي القارئ، كتب هذا المقال قبل أسبوع من موعد نشره، أي في عز انهيار المؤشر السعودي إثر تداعيات انهيار وول ستريت، ولا أعلم إن كان (السعر العادل) للسهم القيادي "انحداراً" قد "شمَــر" من شدة البلل بعرق المتداولين أو تمدد من شدة الحرارة الناتجة عن احتكاكات شراء المندفعين!! وعموماً، لن ييئس المحللون من اختلاق ذريعة لوصف الوضع بـ (سعر عادل) حسب معطيات كل أسبوع من التداول المناضل!

  10. #30
    مؤسس الصورة الرمزية إنتعاش
    رقم العضوية
    6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2005
    الدولة
    الدوحة - قطر
    المشاركات
    12,902
    أسعار الأسهم لا تعكس أوضاع الشركات

    زياد الدباس

    يعتقد الكثيرون أن الانخفاض الكبير في أسعار أسهم الشركات سوف يؤدي إلى خسائر مماثلة لها، وذلك نتيجة عدم إدراكهم أن أسواق الأسهم ما هي إلا أداة أو وسيلة لتداول (بيع وشراء) حصص الملاك أو المساهمين في رؤوس أموال هذه الشركات، وبالتالي فإن التعامل في الأسواق المالية يتم على حقوق المساهمين أو قيمة ثرواتهم وليس على أصول أو موجودات الشركة نفسها.

    ويتميز الاستثمار في الشركات المساهمة العامة بأنه يعطي الحق للمستثمرين أو المساهمين في هذه الشركات، ومن خلال الأسواق المالية، قي بيع أو تصفية استثماراتهم لأي سبب متعلق بحاجتهم إلى السيولة النقدية أو الانتقال إلى استثمار آخر أو بسبب توقعاتهم لانخفاض ربحية الشركات، وبالتالي فإن انخفاض أسعارها السوقية.

    وهذا البيع من طرف وشراء من طرف آخر ليس له أية تأثير على قيمة رأسمالها أو على أصل الثروة المتمثلة في قيمة موجودات هذه الشركات، والمفترض بالطبع عندما تكون الأسواق المالية كفؤة أن يتناسب سعر أسهم أية شركة في السوق مع قيمة موجوداتها وقيمة حقوق المساهمين، وانفصام هذه العلاقة مثلما يحدث الآن يعبر عن عدم كفاءة السوق بسبب الخوف الذي يسيطر على المستثمرين، وبالتالي البيع العشوائي دون الالتفات إلى القيمة الحقيقية لأصول هذه الشركات.

    ونلاحظ حاليا، وهي فترة انتقالية، انفصام في العلاقة بين الأصول المادية المملوكة للشركات، والتي تمثل أصل الثروة، وبين الأصول المالية التي تباع وتشترى في السوق (الأسهم) وتمثل حقوقا على هذه الثروة.

    وهذه الحالة أيضا نشاهدها بصورة عكسية عندما تمر الأسواق بفترة مضاربة شديدة، أو عند إدراج أسهم بعض الشركات حديثة التأسيس، حيث نجد أن القيمة السوقية لأسهم بعض الشركات (عدد أسهمها مضروبا في سعر السهم في السوق) يعادل أضعاف قيمة أصولها باعتبارها لم تباشر أعمالها التشغيلية وأصولها مقتصرة فقط على رأسمالها.

    والانخفاض الكبير في القيمة السوقية لأسهم العديد من الشركات خلال هذه الفترة، والذي يقابله نمو ربحية الشركات ونمو أصولها وحقوق مساهميها، يخلق فرصاً استثمارية هامة للمستثمرين على الأجل الطويل، خاصة وأن عدداً كبيراً من الشركات انخفضت قيمتها السوقية عن قيمتها الدفترية، والقيمة الدفترية تمثل قيمة حقوق المساهمين (أرباح الشركات مضافا إليها الاحتياطيات المختلفة والأرباح المدورة) مقسوما على عدد الأسهم وحسب اللغة الشعبية فإن بعض الشركات لو تم تسييلها حاليا، أي بيع موجوداتها وممتلكاتها.

    فإن كل مساهم سوف يحصل على أضعاف السعر السوقي، خاصة وأن أسعار أسهم بعض الشركات اقتربت من قيمتها الاسمية، أو قيمتها عند بداية تأسيسها، وبعض الشركات مضى على تأسيسها خمس سنوات وبعضها عشر سنوات وبعضها 30 سنة، وبالتالي لا علاقة للشركات المساهمة العامة بما يحدث على أسعارها السوقية في هذه الظروف الاستثنائية، فلا نستطيع القول أن انخفاض سعر أسهم "اتصالات" بنسبة 30% سوف يؤثر على ربحية الشركة.

    حيث أن انخفاض الأسعار ليس له أي تأثير على قيمة رأسمال الشركة أو قيمة حقوق مساهميها أو قيمة أصولها أو أرباحها التشغيلية، وانخفاض الأسعار له تأثير فقط على ربحية الشركات التي تستثمر في أسهم الشركات المدرجة الأخرى.

صفحة 3 من 5 الأولىالأولى 12345 الأخيرةالأخيرة

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •