نيويورك - زوايا داو جونز - إن المستثمرين الأميركيين الذين كانوا يمتنعون في بادئ الأمر عن استثمار أموالهم في الخليج العربي، بدأت المنطقة تستقطبهم في ظل تباطؤ أسواقهم المحلية.وتقول صناديق الاستثمار العقارية الأميركية إنها تنال طلبات بأعداد متزايدة حول فرص استثمارية في المنطقة. وتشير إحدى التقديرات إلى ان نحو 1.5 تريليون دولار من المشاريع العقارية مزمع تنفيذها أو لا تزال قيد التطوير هناك. ويزداد عدد المستثمرين القائلين ان المنطقة توفِّر بعض أكبر الفرص للاستثمارات الفندقية، في الدرجة الأولى، نتيجة النمو الكبير الذي تشهده المنطقة والأسعار المرتفعة لغرف الفنادق.

وبات المستثمرون الأميركيون، الذين كانوا قد قرروا في بادئ الأمر إبعاد استثماراتهم عن الخليج جراء مخاوفهم إزاء الشفافية، والعائدات الاستثمارية، وعد نضوج السوق، يوجهون أنظارهم أكثر فأكثر إلى خارج السوق المحلي نظراً إلى مواجهتهم صعوبات جمة في إيجاد استثمارات مربحة في ديارهم.

وفي هذا الصدد، قال ستفي اتمياني المسؤول في شركة «آر. سي. بي. ديفلبمنت»، ومقرها واشنطن، التي تعمل بالاشتراك مع شركات على غرار «كارلايل غروب» و «سيتي غروب»: «نتلقى المزيد من الطلبات من المستثمرين لدينا للذهاب إلى الشرق الأوسط. وستؤدي المشاكل الاقتصادية إلى تسريع هذه العملية نظراً إلى ان المستثمرين العقاريين في الولايات المتّحدة يتطلعون إلى تنويع أصولهم بعيداً عن الساحة المحلية، فضلاً عن توزيع رأس مالها جغرافياً».

يشار إلى ان شركات التطوير العقارية في منطقة مجلس التعاون الخليجي، تنفق في الوقت الراهن ما يقارب 1.45 تريليون دولار على مشاريع عقارية، وفق مجلة المشاريع اللندنية «ميدل إيست إيكونومك دايجست» (ميد).

وفي السياق ذاته، أوضحت الشركة الاستشارية العقارية العالمية «سي. بي. ريتشارد اليس» ان أكثر من 55% من الاستثمار في المشاريع العقارية الخليجية تأتي من خارج منطقة مجلس التعاون الخليجي.

وما ساهم في تزايد إقبال الاستثمار الدولي في المنطقة هو تهاوي الدولار الذي تربط معظم دول المنطقة عملاتها به.

وتتوقع دبي، استقطاب نحو 50.1 مليار دولار من الاستثمارات في الميدان العقاري بحلول عام 2010.

وكانت شركة «سي. بي. ريتشارد اليس» قد أعلنت ان «التباطؤ الاقتصادي في الأسواق الأميركية والأوروبية ستفضي إلى تطلع المؤسسات إلى أسواق جديدة لتوسُّعها في العالم، وتشكل دبي هدفاً محتملاً لها».

ولقد افتتحت الشركة العقارية الخاصة «هاينس» التي يقع مقرها في ولاية هيوستن مؤخراً مكتباً لها في أبوظبي من أجل استغلال فرص الاستثمار الإقليمية في منطقة الخليج.

وفي هذا الإطار، قال مايكل طوفام المدير التنفيذي لعمليات «هاينس» في أوروبا والشرق الأوسط وشمال إفريقيا: «نبحث عن فرص إنشاء مشاريع تطوير إما مكاتب أو محال تجارية أو فنادق بالاشتراك مع شركات محلية. ونعتقد أنه ثمة ما يكفي من الفرص للمستثمرين المحليين والأجانب لتحقيق عائدات جيدة على مشاريع التطوير».

ويشكل القطاع الفندقي في الخليج ميداناً آخر حيث يستطيع المستثمرون تحقيق عائدات جيدة. وثمة حالياً نحو 40 ألف غرفة فندقية موزعة في 415 فندقاً في دبي، حيث تراوح نسبة إشغال الفنادق ما بين 85 و 90%. ومن المفترض ان يزداد عدد الغرف الفندقية في الإمارات العربية المتحدة بصورة متسارعة خلال السنوات القليلة القادمة من أجل استضافة الأعداد المتنامية للسائحين من مناطق مثل روسيا وأوروبا، الذين جذبتهم إلى المنطقة الفنادق الفخمة، والمنتجعات البحرية، وميادين الغولف، والتسوُّق، ومنحدرات التزلج في الصحراء.

تجدر الملاحظة ان الدول الخليجية تستثمر بشكل كثيف في السياحة سعياً إلى تنويع الاقتصاديات بعيداً عن الاعتماد على النفط. ومن أجل تحقيق هذا الهدف، تم تخصيص أكثر من 1 تريليون درهم إماراتي (272.23 مليار دولار) إلى مشاريع ذات صلة بالسياحة في الخليج من المتوقع إنجازها بحلول عام 2018.

وفي هذا الخصوص أيضاً، قالت شركة «ارنست آند يونغ» في دراسة استقصائية حول الاستثمارات الفندقية الأربعاء ان «الاستثمار في الشرق الأوسط يواصل نموه، ولا سيما في مشاريع التطوير الفخمة، ومشاريع التطوير المتعددة الاستعمالات خصوصاً في مناطق مثل دبي وأبوظبي».

وقد قال نحو 13% من المستطلعين في الدراسة إنهم يعتقدون بأن الشرق الأوسط يحظى بالإمكانات الأكبر نسبياً للاستثمار في ميدان «الفنادق والضيافة».

وفي هذا المجال، تقول شركة البحوث في نيويورك «ريل كابيتال اناليتيكس» التي ترصد حركة الاستثمارات العقارية الدولية أنه منذ الأزمة الائتمانية في شهر أغسطس، تباطأ نشاط المبيعات بشكل ملحوظ في أميركا الشمالية وأوروبا، فيما بقيت آسيا غير متأثرة بها نسبياً.

كما قال دان فاصولا العضو المنتدب في الشركة أنه «في ظل غياب أي حل للأزمة الائتمانية يلوح في الأفق، قد تفوق مبيعات العقارات في آسيا المبيعات في أوروبا أو الأميركيتين في عام 2008».

وفي الماضي، لقد امتنع العديد من المستثمرين الأميركيين عن الاستثمار في الشرق الأوسط نظراً إلى ان المنطقة كانت تحظى بما يكفي من رؤوس الأموال المحلية.

وقد قال عضو رفيع المستوى في صندوق استثمار عقاري في «وول ستريت» رفض الكشف عن اسمه، أنه رغم عدم استثماره حتى الآن في الشرق الأوسط «درس بعض الاحتمالات في مصر ومناطق أخرى في شمال إفريقيا» ويتطلع إلى فرص استثمارية أخرى.

وأضاف ان «الأمر لا يعني بتاتاً أننا لا نبدي اهتماماً في المنطقة. إلا ان الخليج يتمتع في الأساس بسيولة محلية هائلة ما يزيد من صعوبة المنافسة مع مصادر رؤوس الأموال المحلية».

وأردف قائلاً «لا نزال نجد المنطقة جذابة، ولا سيما المناطق التي تظهر حجماً ديموغرافياً ونمواً جيديْن، على غرار شمال إفريقيا وقطر، ويوفِّر هذا الأمر الفرص الاستثمارية في قلب السوق».

كما يقول طوماس بويتينك، العضو المنتدب في شركة «فاراغوت كابيتال» الأميركية التي تتولى دور الوكيل للمديرين العقاريين حول العالم، ان عدم النضوج النسبي للسوق، وغياب الشفافية ساهما أيضاً في إبعاد المستثمرين.

وأضاف أنه «تاريخياً، أغفل المستثمرون منطقتي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وذلك نظراً إلى ان المؤسسات الأميركية منشغلة جداً بشفافية السوق، وهي تعمل مع مديرين يتمتعون بسجل حافل بالإنجازات وهم أشخاص ذو خبرة وموثوق بهم».