"الكريديت كارد".. مصيدة لتوريط عملاء البنوك في نكد الديون


دبي – محمد عايش
تحولت بطاقات الائتمان في دول الخليج إلى مصيدة لصغار الموظفين من أجل الإيقاع بهم في قروض مالية تفرض عليها البنوك فوائد مالية عالية، تضطر بعض المتورطين بها إلى التسديد على مدى سنوات أو شهور طويلة قبل الوفاء بكافة الالتزامات المترتبة على البطاقة.

ووصف خبير مالي هذه البطاقات بأنها "قروض بلاستيكية" يتورط بها بعض صغار الموظفين الذين لا يدركون خطورتها، كما لا يعلمون الاستخدامات الصحيحة لها وسط غياب الوعي والتثقيف، مما يجعلهم لقمةً سائغة للبنوك التي لا ترمي إلا لتحقيق الربح المادي مهما كانت الطريقة.

ويقول العديد من صغار الموظفين في أقطار خليجية مختلفة "إن البطاقات الائتمانية أوقعتهم في قروض ستبقيهم ملتزمين تجاه البنوك بسداد دفعات مالية شهرية لسنواتٍ طويلة"، فيما يشير غالبيتهم إلى أنهم حصلوا على تسهيلات كبيرة من البنوك شجعتهم على اقتناء هذه البطاقات، ووصلت هذه التسهيلات في بعض الأحيان إلى وجود "خدمة التوصيل المجاني إلى المنازل"، من قبل بعض البنوك لهذه البطاقات!

تسهيلات هائلة
وقال معتز، وهو موظف في إحدى الشركات الإماراتية في دبي "إنه حصل على بطاقة ائتمانية مجانية دون أية رسوم أو ضمانات من بنك تجاري كان راتبه الشهري يُحول إليه"، مضيفا "استخدمت البطاقة بما قيمته 18 ألف درهم إماراتي، وكنت أسدد لحساب هذه البطاقة 1700 درهم شهريا، لأفاجأ بعد ستة شهور أن المبلغ المترتب عليَّ لهذه البطاقة هو 30 ألف درهم، اضطررت لدفعه بالكامل لأتمكن من إلغاء البطاقة ووقف هذا الاستنزاف".

واستعرض معتز في حديثه لـ"الأسواق.نت" بعض التسهيلات التي تقدمها البنوك لتسويق بطاقاتها الائتمانية؛ حيث أشار إلى أن العملاء يحصلون على البطاقات مجانا ودون رسوم، كما يحصلون أحيانا على تأمين على الحياة مرافق لإصدار هذه البطاقات، فضلا عن خصومات ومزايا عند بعض شركات الطيران ومحلات السوبر ماركت.

وقال "إن المشكلة الأبرز في هذه البطاقات أنها تمنحك فرصة الإنفاق بسهولة ومهما كان الثمن، لكنها عند حلول موعد السداد لا تراعي ظروفك المالية؛ حيث يقوم البنك بخصم مستحقاته بعد خمسين يوما من حسابك دون سابق إنذار، وإذا لم يتوفر في الحساب تبدأ الفوائد بالتراكم".

خدعة البطاقات المجانية
ووصف خالد، وهو موظف في شركة إماراتية كبرى، هذه البطاقات الائتمانية بأنها "مصيدة لتوريط الموظفين في قروض بنكية"، مضيفا "البنوك تقدم تسهيلات بالجملة لإغراء العميل، وتصدر له البطاقة حتى وإن كان رصيده البنكي غير كافٍ أو راتبه متدنٍ، أو غير محول إلى البنك، وبعض البنوك تُصدر هذه البطاقات حتى دون أن يكون للعميل حساب بنكي أصلا لديها".

وأضاف خالد متحدثا لـ"الأسواق.نت" "أن قصة البطاقات المجانية والمعفاة من الاشتراك ليست سوى "مجرد خدعة"؛ حيث تتقاضى البنوك بدلا من الرسوم السنوية عمولاتٍ لا يشعر بها مستخدمو البطاقات".

وقال "إن السلوك الاستهلاكي لحاملي البطاقات الائتمانية يتغير؛ إذ إن المستهلك يشعر بأنه لا يدفع على الفور نقودا فيستسهل الإنفاق، ولا يكترث كثيرا بالأسعار، كما لا يحاول اغتنام فرص التخفيضات، مما يتراكم عليه مبالغ كبيرة عند استحقاق الدفع".

فوائد عالية وغريبة
الخبير الاقتصادي والمحلل المالي السعودي د. عبد العزيز الغدير أيد فكرة أن هذه البطاقات تحولت إلى "مصيدة"، ووصفها بأنها "قروض بلاستيكية"، وقال لـ"الأسواق.نت" "إن المشكلة في بطاقات الائتمان أن الفوائد المترتبة عليها عالية جداً؛ حيث إن طريقة احتساب الفوائد في بلادنا من أغرب الطرق في العالم، حيث يتم احتساب فائدة مضاعفة، فبدلاً من أن تسقط الفائدة عن المبلغ المسدد من القرض، يستمر المدين في دفع فوائد المبالغ التي سددها من قرضه".

وقال "إن البنوك المركزية ومؤسسات النقد في منطقة الخليج تحمي البنوك التي تمارس الجشع والنهم، وتعتقد هذه البنوك المركزية أن مهمتها هو الحفاظ على ديمومة ونمو الأرباح البنكية دون النظر إلى المخاطر التي يتعرض لها المستهلكون".

وأضاف الغدير "نتيجة أن منطقة الخليج هي جزء من العالم الثالث فهي تفتقد إلى وجود مؤسسات مجتمع مدني تحمي المستهلك وتقوم بتوعيته وتثقيفه، وتدافع عنه في حال تعرضه لجشع من قبل بعض البنوك".

ويعتقد الغدير أن ثمة جشع منظم تمارسه بعض البنوك الخليجية لإدخال البسطاء وصغار الموظفين في شرك القروض التجارية من خلال هذه البطاقات.

وخاطب الغدير البنوك بالقول "يجب أن تعطيني قرضا قابلا للسداد وليس قرضا يحيلني إلى القائمة السوداء في البنوك".

ورغم المساوئ التي يشير إليها الخبير المالي د. الغدير إلا أنه في الوقت ذاته يرى ألا غنى في الوقت الراهن عن بطاقات الائتمان، ويضيف "من السذاجة الاعتقاد بأن الاستغناء عنها بالكامل ممكن لأنها احتياطي مالي مهم، لكن المطلوب توعية مستخدمي هذه البطاقات والدفاع عن حقوقهم وحمايتهم من أي استغلال"، ويصف الغدير هذه البطاقات بأنها "كالسكين تماما تستطيع أن تقطع بها التفاح وتستطيع أن تقطع بها يدك".

الإنسان يجب أن يكون حكيما
من جهته، أقر المدير المالي في بنك دبي التجاري إبراهيم عبد الله بأن البنوك تفرض فوائد مالية عالية على البطاقات الائتمانية، معتبرا أن السبب في ذلك يعود إلى ارتفاع نسبة المخاطرة في هذا النوع من القروض.

كما أشار عبد الله إلى أن بعض البنوك أيضا تُقدم تسهيلات كبيرة في منح البطاقات الائتمانية، وقال "إن هذا راجع إلى المنافسة الشديدة بين البنوك في استقطاب الزبائن".

لكن إبراهيم عبد الله نفى بشدة أن تكون هذه البطاقات مصيدة لتوريط الزبائن في قروض بنكية طويلة الأجل، وقال "يُفترض أن يكون الإنسان حكيماً وواعياً ومدركاً لقدراته المالية ويتصرف على ضوئها"، وتابع "البنوك لديها أهداف ربحية وتريد تحقيقها، وتتفاوت في سياساتها بين متشددة ومتوسطة ومتساهلة في منح القروض وبطاقات الائتمان".

http://www.alaswaq.net/articles/2008/02/22/14137.html