بسم الله الرحمن الرحيم
الراديو
يالها من مدينة مزدحمة ، تكتظ بالسكان نهارا وكأنها القاهرة ،
لايهدأ لها بال إلا بعد منتصف الليل او مايزيد قليلا – واحيانا كثيرا -
محمد - مواطن من مواطني هذه المدينة الجميلة
ذات يوم ،، جلس محمد على اريكة طويلة في غرفة المكتب
في منزله المملوك بهدية من أبيه بعد زواجه
جلس محمد وهو على كرسيه الممدود
يستمع للراديو من هاتفه النقال من نوع نوكيا N95
حيث يتميز بمزايا عديده
منها احتوائه على الكاميرا عالية الدقة ونظام متطور للملاحة
بالاضافة للراديو
نظر محمد في هاتفه نظرة المتأمل
مدققا فيه وعيناه تصارعان النعاس صراعا
دخل لMenu الراديو وقلب فيه القنوات
وبينما هو كذلك ، اذ غلبه سلطان النوم
ولاسلطان فوق سلطانه ، غط في سبات عميق
وماأكثر الأحلام ان نام الانسان اثناء عمل وانقطع عنه
الحلم
بدأ الهلام والغبار والفقاقيع أمام الشاشة
=>> بلفيت ان احنا نشوف حالته ، مؤثرات سينمائية
ودخلنا لما يحلم فيه محمد ، فما كان ياترى !!
استيقظ محمد من نومه في حلمه
=>> ( حلمان انه صحى من النوم لكنه نايم )
ولم يرى الN95 في يده ولكنه سمع صوت الراديو !! ،،
فمن أين كان الصوت ياترى ! التفت يمينا وشمالا
فاذا هو مكان قديم مبني من الطين
وبعض الحجارة المجصوصة وسعف النخل ،،
ذهب لمصدر الصوت
فاذا هو بجهاز أشبه بالمايكروويف او اكبر قليلا
يصدر أصواتا ، اقترب ورآه بنظرة المتعجب
تماما كما لو جئنا بشخص من زمن الماضي ليرى اجهزة الحاضر
فكذلك الحال لمحمد وهو ينتقل من الحاضر للماضي – في حلمه –
استوعب محمد – في حلمه –
انه انتقل من الحاضر للماضي
وتذكر احدى الأفلام المصرية القديمة
ففيها رأي مثل هذا الفرن المسمى بالراديو
المدينة القديمة
جاءه الفضول فأحب مواصله السير
خرج من باب المنزل
رافعا رجله عن – دجة – الباب لعالم الماضي
فاذا به يرى من اول مارآه
خشبة علقت بها -دلتين- يتوسطها رجل حاملا لهما
انه بائع الماء – وهل يباع الماء !! فقد تعودنا عليه مجانا !!
مشى في ردهات تلك المدينة الجميلة
بقدمها وبساطتها ،، في كل زاوية رجل حوله رجال
إما امام المحلات ، وإما في مجالس عامه مفتوحة
وكتب تذهب وكتب تأتي من فلان الى فلان ، فان وصلك كتابي ف ..........
وتتيسر الأمور .. الكل حامد والكل شاكر
ولابد من استثناء ولكنه لايشكل رقما ينبغي الالتفات له
فالرضى أكبر من الشكاية عند العموم
مكان صغير فيه تجمع لغالب سكان البلاد
وأما ماسواه ففضاء في فضاء ورمال في رمال
لو نال كل منهم مد بصره من الأرض لبقى المزيد لاحفادهم
ولكن القناعة تأبى قول – هل من مزيد –
كان بيت الطين ساترا للأسرة ، وكفى
نظر محمد بعقله الحاضر لكل تلك الأراضي
وحاول مقاربة مايستطيع من هذه الأراضي القديمة بحاضره اليوم
ليرى اين مكانها بالضبط وأين يقف هو الآن
التفت يمينا وشمالا فلم يستدل على دليل
إلا حين رأي مطعما ذكر عليه اسم الله – بسم الله –
مع صاحب المحل
عرف مكانه تماما وكان مد بصره غالبه فراغا وأراض جدباء
دخل –بلقافته المعهودة –على أحد الباعة
سائلا إياه
مستنكرا
غاضبا
مكفهر الوجه =>> حلوة مكفهر صح !
ماتشوف هذي الأراضي الفاضية
ماتفكر في مستقبلك ومستقبل أطفالك
البورصة ماراح تدوم لك
ومحلك مافيه ضمان ،
الأراضي أمان
الأراضي ضمان
الأراضي بترتفع بترتفع بترتفع ،(صوت صدى )،
أغمض صاحب المحل عينيه ثم فتحها
وعينه قد ارتفعت نحو محمد
ثم حناها نحو ابنه في نفس المحل
ناظرا اليه نظرة المتعجب
ارجع عينيه نحو محمد
حرك شفته المتشققة
ونطق سائلا محمد :: يابوك ،،، اذكر الله ،
وان بغيت شي ترانا نعين ، لكني مافهمت عليك وش قلت يبا !!
انتبه محمد لما قاله ولما – خبصه –
وانتبه انه في حلم لايخص الواقع الا بالكتب والصور المعتقة
وانتبه محمد انه غيب بالنسبة لصاحب المحل
ولايعلم الغيب إلا الله ، فلم يقسو عليه ؟؟
خرج محمد من هذا المحل
وعيناه مليئتان حسرة على كل هذه الأراضي الفضاء
وفي أماكن – استراتيجية في زمانه –
لم لا ، فمحمد من الزمن الحاضر
ويحب مايحبه أهل زمانه من التكاثر في المال وعدم القناعة
والرغبة في تامين المستقبل والمستقبل والمستقبل
ويضيع حاضره كدحا رغبة في مستقبل مريح
فلا نال الحاضر ولا المستقبل
المنارة
نادى المنادي لصلاة الظهر
صاعدا منارة المسجد
مطلا على المدينة من اعلى
مناديا الله أكبر الله أكبر
خطرت لمحمد فكرة ، ولكنه اجلها لما بعد الصلاة ،،
دخل المسجد وصلى مع جماعة المسلمين
ويالها من صلاة تعادل ألف صلاة تاثيرا في نفسه
لما لقي من وجوه الناس
من البش وكثرة السلام على بعضهم
خرج محمد من الصلاة متجها لمنارة المسجد
ليشرف على المدينة من أعلى
صعد المنارة ودرجاتها متهالكة
الى أن وصل الى قمتها ومنها نظر إلى المدينة
فرأى منطقة مكتضة بالبيوت
متلاصقة في بعضها جدارا بجدار
واحيانا بها بعض الفراغات تليها بيوت أخرى
بين هذه البيوت وتلك
أخذ في رسم دائرة حمراء في رأسه أحاط بها تلك البيوت
فلم تجاوز – فريجا – من ايام حاضر محمد
وماحولها خاوي خواء الصحراء
قلب النتيجة في رأسه فوصل للرأي التالي
إن كان أهل الحي في رضى وفي عيش هانئ
واهل المدينة في رضى
وأهل المحيط في رضى وسعادة
فم الداعي لتوسيع الرقعة السكانية
وأخذ مساحات من الصحراء لاداعي لها ؟؟
فلكل بيته المسكون وايجاره المقسوم والكل سعيد .
زلزال
دب زلزال في باطن الأرض
سقط على أثره محمد من أعلى منارة المسجد على الأرض
وما أن سقط على الارض أظلمت الدنيا بقوة
وصحى محمد من حلمه فزعا من جراء السقطة
تفل عن شماله حسب السنة في الكوابيس
وذكر الله واخذ يفكر في حلمه ،،
ليست المنطقة منطقة زلازل فما كان ذاك الزلزال !!؟
وبعد ربط الكلمات الحاضرة بالماضية
وربط كلمات التغيير بالهزات والصدمات والتغيرات
والتحولات وباقي معجم اللغة ، استنتج محمد
أن الزلزال ماهو الا ظهور النفط من باطن الأرض
وسقطته هي انتقال الانسان القديم فجاة
من زمن إلى زمن مغاير
بسرعة غير طبيعية وهي سرعة سقطته
منارة Google
أخذ يفكر في حاضره وفي ماضيه ومارآه فيه
كان السكان في محيط واحد ، والفضاء يلفهم
ولاشكوى من الندرة ولامن التمديد ولا من الماء ولا الكهرباء
فكر في صعود أحد الأبراج لرؤية مدينتة مرة اخرى بالحاضر
لكنه عدل عن هذه الفكرة حين رأي – اللابتوب – على طاولة المكتب
فتح جهازة ،، ودخل الى برنامج Google Earth
ودخل إلى مدينته الحبيبة فلم يعشق سواها ماضيا ولا حاضرا
فيااااال مارأى حين رأى
رأى من برنامجه مثل مارآه من منارته
مع فارق حجم المحيط – لزوم الانفجار وتوابعه –
بيوت متلاصقة وبينها احيانا فراغات
لازالت تسد وتسد بعضها بعضا ..
كما لفت نظره رؤية بحار تتحول لأراض صلبة
بحيث يزيد سعر الفوت البحري المنشف قسرا
عن سعر الفوت الصخري الناشف أصلا
وهذه هي الدائرة الحمراء كما رسمت خيالا في راسه فوق المنارة
ترسم حاضرا وهذه هي النتيجة وهذا هو المستغل من الأرض
ولكنه مالبث أن صعد لمنارة أعلى في برنامجه
ليرى باقي الصورة ولكن بنظرة أعلى
فلم ير إلا صحار قاحله
ونفس الدائرة السابقة في مكانها لمقارنتها بما حولها
عادت ذاكرته لما رآه من منارة المسجد القديم
فهل ماصلح للماضي من تركز للسكان
وعدم حاجتهم للمزيد يصلح للحاضر !
وهل مد المنطقة كلها – او تدريجيا - بالخدمات
غربا وشمالا وجنوبا
وتخفيف الضغط عن المركز ليس ذا فائده للجميع
– مقدم الخدمة والمستفيد منها -
ثم منحها شراء وبيعا او هبة او او او للجميع
فلازال الفارغ من الصحاري يكفي مئات السنين
وحتى ان تضاعف السكان أضعافا مضاعفة
إلى هنا نقول Stop.