مليارات المستثمرين الجدد تثير علامات الاستفهام
توالت الأحداث سريعا أمس فيما يتعلق بأحداث تعاملات سهم دبي الإسلامي وما أعقب ذلك من شطب كافة التعاملات على السهم التي تمت يوم الأحد الماضي بعد ثبوت التلاعب في بعض الصفقات التي قام بها مستثمرون كبار، وعلى الرغم من إعلان هيئة الأوراق المالية والسلع أمس عن تشكيل لجنة خاصة للتحقيق والبت في أمر تلك التعاملات، إلا أن الغموض مازال يكتنف الموضوع برمته وسط تردد أسماء عديدة وتساؤلات حول ذلك التدفق الطاغي المقدر بالمليارات لمستثمرين حديثي العهد بالسوق·
واعتبر المراقبون قرار تشكيل لجنة من هيئة الأوراق المالية والسلع وسوق دبي المالي للتحقيق في ملابسات صفقة أسهم دبي الإسلامي لا يكفي في الوقت الراهن، وكذلك قرار شطب التعاملات التي تمت على أسهم البنك ليوم الأحد الماضي، وطالبوا بتحرك فعلي للتحقيق نسمع فيما بعد عن نتائجه، فكم من حالة ضبط تم الإعلان عنها خلال السنوات القليلة الماضية، ولم يتم الإعلان عن التحقيق ونتائجه، وكذلك لم تتخذ أية عقوبة ضد المتورطين·· وتساءل الخبراء حول مدى استمرار الأمر كما هو عليه لنوسع المجال والفرص أمام المتلاعبين بالسوق ونمنحهم مزيدا من الفرص للعبث بالاقتصاد الوطني؟·· أم هذه المرة ستكون العبرة لكل من يحاول التلاعب والإضرار بالصالح العام وبمقدرات هذا البلد؟!
ومن خلال متابعة ''الاتحاد'' أمس لكافة الأحداث المتعلقة بفضيحة التعاملات في الأسهم، أشارت المعلومات الأولية إلى أن التحقيقات التي أجريت بالأمس بينت عدم ضلوع شركات سعودية بصورة غير مباشرة في موضوع أسهم دبي الإسلامي، وأن التعاملات محل التحقيق قام بها مستثمرون محليون·
خبراء السوق أكدوا لـ ''الاتحاد'' أن هناك مجموعة من الثغرات لابد من علاجها سريعا لمنع تكرار ما حدث، يأتي في مقدمتها إعادة النظر في الشفافية والإفصاح المعمول بهما حاليا، ولابد كذلك من تحديث الأنظمة والقوانين الحالية في السوق لمواكبة النمو التطور الذي تشهده البلاد حاليا، للوصول إلى الشفافية المطلقة بما يخدم مصالح كافة الأطراف المتعاملة في السوق، وبما يصب في نهاية الأمر في مصلحة الاقتصاد الوطني·
تراوحت ردود افعال المستثمرين في سوق دبي المالي على قرار إدارة السوق بإلغاء التداولات التي تمت على سهم دبي الاسلامي يوم الاحد الماضي بين الرضا والتحفظ والانتقاد، ففي حين اشادت شريحة من المستثمرين بالقرار وقالوا إن من شأنه منح المزيد من الثقة لدى المستثمرين بالسوق، انتقد عدد آخر منهم هذا الإجراء الذي قالوا انه وضع المذنب والبريء في كفة واحدة بإلغائه جميع التداولات على السهم دون استثناء·
وقالوا إن انعكاس هذا القرار امتد ليشمل مستثمرين قاموا ببيع اسهم دبي الاسلامي ثم اشتروا اسهما في شركات اخرى بناء على ذلك، وهو ما تسبب في الزامهم بتعويض الفرق خصوصا إن الاسهم الجديدة اصبحت في حساباتهم بعد إن قاموا بشرائها بناء على الارباح التي كان يفترض انهم جنوها من بيع اسهم دبي الاسلامي، الا إن المستثمرين اتفقوا على ثقتهم بالاستثمار في السوق المالي بالرغم مما حدث، مؤكدين إن العوامل الايجابية والمكاسب الكبيرة التي حققتها اسواق المال المحلية والتي تضعها على رأس اسواق المال الناشئة بالمنطقة كفيلة بعدم اهتزاز هذه الثقة·
وطالب بعض المستثمرين ادارة السوق المالي بالكشف عن هوية المتلاعبين بالسهم واتخاذ اجراءات عقابية بحقهم لضمان عدم تكرار ما حدث بالسوق ولاكساب السوق المزيد من الثقة خلال المستقبل· ومع افتتاح جلسة التداول صباح امس سجل سهم دبي الاسلامي انخفاضا محدودا بعد افتتاحه على سعر 31 درهما ووصل الى 30,15 خلال الدقائق الاولى للتداول الا انه عاد ليرتفع مرة اخرى وسجل 33,40 درهم، قبل إن يغلق عند 32,5 درهم، وهو الامر الذي جاء مخالفا لتخوفات عدد كبير من المستثمرين الذين توقعوا إن يسجل السهم تراجعا كبيرا بعد الاحداث الاخيرة·
قرار ناقص
وفي استطلاع لآراء المستثمرين بالسوق اجرته ''الاتحاد'' امس، وصف المستثمر خليل الشيراوي ما حدث يوم الاحد الماضي بأنه عبارة عن دخول مستثمرين كبار قاموا بشراء كمية كبيرة من سهم دبي الاسلامي لاستثمارها على المدى البعيد، وانتقد قرار ادارة السوق ووصفه بأنه قرار ناقص، وقال: اعتقد إن قيام السوق بالغاء الصفقات كان قرارا صحيحا لكنه كان بحاجة لبعض التعديلات التي تراعي المتضررين من المستثمرين العاديين الذين قاموا ببيع كميات من اسهم دبي الاسلامي بأسعار مرتفعة وبناء عليها قاموا بعمليات لشراء اسهم اخرى، وبالاضافة الى ذلك اعتقد إن تحديد سعر الافتتاح على سعر اغلاق يوم السبت الماضي لم يكن عادلا ولم يعط المتضررين فرصة كافية للتعويض·
وتحدث الشيراوي ايضا عما وصفه بالبطء في تدخل السوق، وقال إن التلاعب حصل في يوم واحد وكان من المفترض إن تقوم ادارة السوق بوقف التداول على السهم خلال جلسة التداول وليس بعد انتهائها، وهو الامر الذي كان سيقلل من خسائر المستثمرين·
ووصف الشيراوي شفافية الشركات بأنها غير واضحة، وطالب وزارة الاقتصاد وهيئة الاوراق المالية باتخاذ اجراءات صارمة على مجالس ادارات الشركات لضمان اكبر قدر ممكن من الشفافية بما يضمن دقة المعلومات التي يحصل عليها المستثمرون·
من جهته قال عبدالحميد محمد العامري إن الاحداث التي شهدها سوق دبي يوم امس الاول يعتبر امرا غير متوقع، مشيرا الى إن ذلك يحدث لاول مرة على مستوى اسواق المال بالامارات او بدول الخليج، واضاف: تفاجأنا حين رأينا حجم التداول على سهم دبي الاسلامي يوم الاحد الماضي والذي تجاوز 9 مليارات درهم، وبالتالي شعرنا بأن هناك مشكلة سوف تحدث·
ضبط السوق
وحول رأيه بالاجراءات التي اتخذتها ادارة سوق دبي المالي اشار العامري الى إن الامر الذي قامت به ادارة السوق من خلال الغاء التداولات على السهم يعتبر امرا في غاية الاهمية، كما انه يعكس قوة الادارة وقدرتها في ضبط السوق الى جانب انه بمثابة رادع لكل من يقدم على التلاعب بأسهم الشركات في المستقبل، الا إن ذلك لا يمنع من تشديد الرقابة بشكل اكبر على السوق والمداولات التي تتم فيه·
وبالنسبة لوضع السهم ليوم امس اشار عبدالحميد العامري الى انه بالرغم من وجود توقعات بانهيار السهم الا إن وضعه كان طبيعيا الى حد ما، واتصور إن هناك مستثمرين كبارا لن يقبلوا بسقوط السهم وهم يقدمون الدعم الكافي لضمان قوة السهم·
من جانبه تحدث عمير بن عمير عن وضع الشفافية في السوق، وقال إن الشفافية ليست معدومة في السوق مع ضرورة إن يتم ترتيب الوضع بشكل افضل لتوفير قدر اكبر من الشفافية امام المستثمرين في المستقبل·
واضاف إن الاجراء الذي قامت به ادارة السوق وبالرغم من انه فوت بعض الربح على مجموعة من المستثمرين الا انه اجراء يصب في مصلحة جميع المستثمرين، وبالرغم من وجود بعض الخسائر التي تعرضنا لها الا اننا راضون عن هذا الاجراء لانه في مصلحة المستثمرين واستمرار قوة السوق في المستقبل، واعتقد إن اغلب المستثمرين يملكون نفس الاحساس تجاه ما حدث خصوصا إن هذا الموقف يعكس مصداقية وشفافية السوق وقدرته على التدخل للحد من أي عمل يؤثر بشكل سلبي على وضعية المستثمرين·
وطالب عمير باتخاذ اجراءات ضد المتسببين في المشكلة الاخيرة وان تكون هذه الاجراءات معلنة وبصورة تردع من تكرار ما حدث مرة اخرى·
وابدى اعجابه بسهم دبي الاسلامي وقال انه يعتبر من الاسهم القيادية وبالرغم من إن الكل كان يتوقع إن يكون اداؤه سلبيا الا إن ذلك لم يحدث، مشيرا الى إن بنك دبي الاسلامي يعتبر من اكثر البنوك والشركات المساهمة العامة في جانب الشفافية، وقال انه بالنسبة للشائعات حول زيادة رأس المال او عدمه فإن مثل هذا القرار يرجع الى ادارة البنك ودراستها له ولا نستطيع إن نطالبها بالاعلان عن ذلك ما دامت لم تتخذ قرارا بهذا الشأن حتى الآن·
ضرر للمستثمرين
من جانبه اشار بدر التميمي ''مستثمر'' الى إن قرار ادارة سوق دبي المالي بالالغاء يعتبر قرارا صائبا وصحيحا في حق المتلاعبين في السوق والذين تسببوا في المشكلة الاخيرة، الا انه كان في نفس الوقت مضرا باعداد كبيرة من المستثمرين الذين لا دخل لهم بالمشكلة التي حدثت· واضاف انه بالوضع الحالي قامت ادارة السوق بوضع المتهم والبريء في كفة واحدة، فما ذنب الشخص الذي اشترى السهم بسعر مرتفع او باعه خلال جلسة تداولات الاحد، مطالبا باتخاذ اجراءات اكثر دقة تقوم على محاسبة المتسببين في المشكلة وتضمن حقوق الآخرين·
قيمة اضافية
واضاف إن هناك شرائح وفئات متعددة من المستثمرين تحملوا عبئا بسبب ذلك، فمن قام ببيع سهم دبي الاسلامي واشترى بقيمتها اسهما اخرى سيكون عليه إن يتحمل قيمة اضافية، مؤكدا بأن هناك الكثير من المستثمرين الذين وقعوا في هذه المشكلة· واشار التميمي الى إن سهم بنك دبي الاسلامي يعد من الاسهم الجيدة وبالرغم من الاحداث الاخيرة التي قام بها بعض المستثمرين، الا انني لا ارى وجود أي خوف على السهم خلال الفترة القادمة·
ونبه الدكتور عبدالرحمن الطريفي ''مستثمر'' الى انه كان يفترض إن يكون تدخل السوق اسرع مما رأيناه، واتصور انه كان المفترض إن تتم ملاحظة الحالة غير الطبيعية من قبل ادارة السوق منذ بدايتها، صحيح إن القرار اعطى نوعا من الاطمئنان للمستثمرين وللسوق بشكل عام الا إن الامر كان سيكون افضل لو كان هناك ايقاف فوري للتداول بناء على ذلك·
واضاف الطريفي: اعتقد انه بالرغم مما حدث فان سوق دبي المالي يعد سوقا واعدا ويعتبر احد اقوى الاسواق بالمنطقة وتمكن من جذب اعداد كبيرة من المستثمرين على مستوى المنطقة، كما إن هناك عاملا ايجابيا آخر وهو انتقال السوق من مرحلة وجود سهم قيادي واحد الى مجموعة من الاسهم القيادية وهذا من مؤشرات الاسواق العالمية ودليل على التطور الكبير في سوق الاسهم بالامارات·
تدخل سريع
من جهته ابدى عارف لوتاه استغرابه من عدم قيام ادارة السوق بايقاف التداول وانتظارها الى انتهاء الجلسة ثم قيامها بالاعلان عن الغاء التداولات على السهم، مشيرا الى انه بالرغم من انه كان من الافضل إن يكون التدخل اسرع مما رأيناه الا إن ما قامت به ادارة السوق يعتبر بحد ذاته خطوة جريئة ومهمة، خصوصا إن الغاء التداولات على احد الاسهم لا يعتبر امرا بسيطا·
مشيدا بشفافية وموضوعية الاتحاد:
خرباش: التحرك السريع أكد قدرة الأجهزة الرقابية على محاربة التلاعب
أكد معالي الدكتور محمد خلفان بن خرباش وزير الدولة لشؤون المالية والصناعة رئيس مجلس ادارة بنك دبي الاسلامي، أن الاجراءات التي اتخذتها هيئة الاوراق المالية وسوق دبي المالي وتضافر جهود كافة الاطراف حيال عمليات التلاعب التي جرت على سهم بنك دبي الاسلامي السبت والاحد الماضيين، أثبتت قدرة الاجهزة الرقابية المحلية على كشف أي تلاعب والتصدي له بقوة، لمواجهة اية محاولات تؤدي الى اضرار على الاقتصاد الوطني·
وقال في تصريحات لـ (الاتحاد) امس انه عقد اجتماعا امس مع الادارة القانونية في بنك دبي الاسلامي حيث اصدر تعليمات رسمية بتوجيه الادارة لبحث ودراسة تداعيات التعاملات الوهمية على سهم بنك دبي الاسلامي وتقييم هذه التعاملات قانونيا لاتخاذ اجراءات الدعوى القضائية ضد المتعاملين وفقا لما تحدده بنود قانون الشركات وقانون هيئة الاوراق المالية او القوانين الاخرى ذات الصلة·