مخاوف من هروب الرساميل الخليجية بسبب انهيار الأسواق المالية
مخاوف من هروب الرساميل الخليجية بسبب انهيار الأسواق المالية
الرياض - بادي البدراني:
سرت مخاوف خليجية امس، أن تؤدي حالة تهاوي أسواق المال في دول مجلس التعاون إلى هروب الرساميل الخليجية إلى الأسواق الخارجية وأن يبدأ كبار المستثمرين في السعي وراء الملاذات الآمنة في الأوقات التي يسود فيها الغموض باسعار الأسهم الخليجية في اعقاب تلك الانخفاضات.
وقال ل «الرياض» مسؤول خليجي بارز :«احتمال هروب الاستثمارات الخليجية أمر وارد ومطروح بقوة في الوقت الذي تزداد فيه المخاطر وتتقلص المكاسب» . وتابع «لا بد أن يكون هناك تحرك سريع وواسع من قبل الجهات الخليجية المعنية لتدارك الأمر واتخاذ الإجراءات المناسبة التي تعيد للأسواق ثقتها وتقليل الآثار السلبية التي يتوقع أن تحدث بالفعل».
وانخفضت امس سوق دبي للأوراق المالية بأكثر من 10,5 في المائة في أوائل المعاملات بعد هبوطها عن مستوى دعم رئيسي عند 680 نقطة لتتزايد وتيرة الاتجاه النزولي. ونزلت الاسهم السعودية أكبر بورصة في العالم العربي بنسبة خمسة بالمائة تقريبا في التعاملات المبكرة ليوم امس الثلاثاء لتهبط دون مستوى 15 ألف نقطة فيما تشتد حركة التصحيح التي تشهدها السوق منذ أسبوعين، كما تراجعت بورصة الكويت بنحو 9،382 نقطة مع نهاية اغلاق تدوال امس مواصلا بذلك تسجيل الارقام الخاسرة ليستقر عند مستوى 4،10057 نقطة.
وأعتبر المسؤول الخليجي الذي يتبوأ منصباً اقتصادياً رفيعاً وفضل عدم الإفصاح عن هويته، أن غالبية المستثمرين الخليجيين يُعاب عليهم أنهم مستثمرون قصيرو الأمد ومعتمدون بشكل أساسي على المضاربات الجنونية وإغفال الأسس المالية السليمة للاستثمار مثل المركز المالي للشركات وأدائها ومشاريعها المستقبلية، مؤكداً أن هذا الأمر يتزامن في ذات الوقت مع أنظمة مالية وأجهزة رقابة خليجية حديثة بعض الشيء .
وقال «التراجعات الحادة التي تشهدها أسواق المال الخليجية كانت متوقعة بعد الارتفاعات الجنونية التي ضربت كافة الأسواق، مطالباً بضرورة أن يستفيد المستثمرون من هذه التجربة بتغيير سلوكيات الاستثمار التي يتبعونها وكيفية التعامل مع الأسهم».
الى ذلك، أصيب المتعاملون في سوق الأسهم السعودية بحالة من الارتباك الشديد اثر استمرار حالة الانهيار التي يشهدها السوق وتهاوي أسعار جميع الأسهم وسط غياب أي مؤشرات نحو توقف هذا النزيف الذي كبدّ غالبية المستثمرين خسائر فادحة .
وقال متعاملون في السوق «الجميع يتساءل عما اذا كان ما يمر به السوق تصحيحاً بالفعل أم انهيار قوي..لن يكون التعامل في الأسهم محل اهتمام من احد في ضوء ما يحدث».
وأكد احد المتعاملين أن «أسعار الأسهم أصبحت تُفتتح على هبوط حاد فور بدء السوق». وتابع «اعتقد ان المؤشر سيهوى. انه لامر مستحيل التصور على الإطلاق».
وقال ان «الناس يبيعون الاسهم بكميات كبيرة ويتساءلون ما الذي سيفعله السعوديون بعد هذه الانهيارات .هناك حالة من الذعر وغياب الرؤية الواضحة تجاه ما يمكن ان تصير اليه الأمور في المستقبل».
وكان المتعاملون يراهنون على شيوع حالة إيجابية بالسوق بعد التراجع الذي سجلته لأكثر من أسبوعين متتاليين، لكن الآمال سرعان ما تبخرت عقب توالي أخبار تفيد بأن الوضع يسير من سيئي إلى أسوأ مع عدم وجود تفسيرات لأسباب هذا الانخفاض .
وذكر مستثمر في الأسهم التقته «الرياض» في إحدى صالات الأسهم أن الانهيار الجاري حالياً في سوق الأسهم ليس من الصعب تفسيره. فما كان عبارة عن أسهم مبالغ بسعرها بشكل واضح يجب ان ينخفض الى المستوى الواقعي.
وأضاف : ان ما يتعين تفسيره ليس الهبوط في الأسعار وانما كيف يمكن ان تكون أسعار السوق لأسهم شركات لا عائدات لها ولا أرباح مرتفعة جداً انه الطمع فالجميع أرادوا أن يصبحوا أثرياء وكنا نعرف ان الاسعار ستنخفض في النهاية، ولكننا اعتقدنا ان بمقدورنا الخروج قبل ان يبدأ الهبوط. ولكننا كمجموعة لايمكننا ان نخرج من السوق في الوقت نفسه. فلابد من ترك أحد لكي يحمل الحقيبة على حد وصفه .
وذكر أن المتعاملين مستمرون بالتدافع بحثاً عن أبواب الخروج، ما أثر في انهيار الأسهم من المستوى الطبيعي الى مستويات منخفضة بشكل غير طبيعي، مشيراً إلى أن عملية بيع «القطيع «أثرت سلباً على أسهم ذات عوائد محترمة وأرباح ونشاط أعمال جيدة جنباً إلى جنب مع تلك الأسهم التي لاتملك أياً من هذه الصفات.
في غضون ذلك، تراوحت آراء الخبراء الاقتصاديين والمحللين الماليين عن الحالة الراهنة التي يمر بها السوق، ففي الوقت الذي يعتبر فيه البعض ان الحالة التي يشهدها هي حالة تصحيح طبيعية، يرفض آخرون تسمية حالة السوق بأنها (تصحيح) بل ويرونها انهياراً كاملاً للسوق يجب مواجهته عن طريق وضع الحلول اللازمة للتغلب عليه .
لكن جميع الخبراء يعلقون آمالا كبيرة على إعادة انتعاش السوق وأن ما حدث سيتيح الفرصة أمام المستثمرين لإعادة تنظيم محافظهم الاستثمارية والإعداد لانطلاقة جديدة بوعي وتخطيط وتفادي ما حدث، إلا أنهم يعتقدون في نفس الوقت أن هناك أزمة ثقة بين المستثمرين والاقتصاد سببها ظاهرة هروب المستثمرين ورفض الشراء من جهة وتورط المستثمرين بسوق الأسهم المحلية وتكبدهم لخسائر فادحة.
--------------------------------------------------------------------------------
