"مادوف".. وما خفي كان أعظم!
ضمن تداعيات الأزمة المالية العالمية صدر يوم أمس الأول حكم بالسجن 150 عاماً على رجل الأعمال الأمريكي "برنارد مادوف" ــ 71 عاماً ــ في نيويورك، وهذه العملية أسمتها الزميلة "الشرق الأوسط" أكبر عملية احتيال عرفها العالم، قيمتها 65 مليار دولار، وقالت: "هذا الابن المدلل السابق للأوساط المالية تلاعب مدة 30 عاماً بمليارات الدولارات التي عهدت إليه بها مصارف وأثرياء ومنظمات خيرية، وقد أقر بالتهم الموجهة إليه في 12 مارس الماضي، وعددها 11 تهمة، بينها النصب والحنث باليمين وتبييض أموال والسرقة، واعتذر "مادوف" عن تصرفاته والعار الذي جلبه على عائلته وصناعة المال، وطلب "مادوف" أمام المحكمة الصفح من ضحاياه مؤكداً انه سيعيش مع الألم ما تبقى من عمره، ورغم ان العقوبة التي أعلنت بحق "مادوف" سترضي رغبة الضحايا في ان ينال جزاءه، فإن الأمر سيستغرق شهوراً، بل وربما سنوات، حتى تتم تسوية مطالبهم المادية".
والسؤال: هل الأزمة المالية العالمية سببها "برنارد مادوف" وحده، أم أن هناك خللاً في النظام المالي العالمي الذي وفر لمادوف فرصة الاحتيال؟
"مادوف" ما هو إلا مظهر واحد من مظاهر الأزمة العالمية، فهناك جشع كبير في أسواق المال، والمصارف والبنوك العالمية هي التي تسببت في حدوث الأزمة المالية، وحين شجعت هذه البنوك الأفراد على الاقتراض بسهولة كبيرة، ودخلت في نفق العقارات تسببت في حدوث أكبر كارثة في سوق العقارات، ومما يؤسف له أن هذه البنوك العالمية (والخليجية أيضاً) كانت حين يأتيها مواطن بسيط لكي يقترض عشرة آلاف دينار مثلاً تطلب منه ضماناً، وهو ورقة ملكية البيت أو ملكية عقار أو ملكية أرض، بينما حين يأتيها بليونير ويطلب قرضاً بمبلغ مليار دولار تمنحه إياه بضمان اسمه في السوق فقط!.. أي بدون ضمان مادي أو عقاري، وهذا ما جعل أمثال "مادوف" يتكاثرون في العالم، وكلنا يتذكر حادثة "باتيل" الهندي الجنسية مع البنوك البحرينية والخليجية منذ سنوات قريبة، حيث سطا على قروض بالملايين مقابل مصنع خردة وحديد لا يساوي "ملاليم"!
"مادوف" مظهر واحد للأزمة المالية العالمية.. وما هو إلا قمة لجبل الجليد المدفون في البحر بانتظار "مادوفات" قادمة!
