فبِتقواه تصلُحُ الأحوال، وتسعَد النفوس
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فبِتقواه تصلُحُ الأحوال، وتسعَد النفوسُ
فذلك فرضٌ إلهيٌّ، وأصلُ ذلك ورُكنُه الأساس ،تحقيقُ توحيد الله،جل وعلا،والبُعد عن الشِّرك ووسائلِه وطُرقه وذرائِعه،كلُّ ذلك وفقًا للالتزام الكامل بأوامر الله،وأوامر رسولِه،صلى الله عليه وسلم ،
يقول،جل وعلا(إِنْ تَنْصُرُوا اللّه ينصركم ويثبت أَقدامكم)
ونصرُ الله يكون من المؤمنين بالقيام بتوحيده والعمل بشريعته،ونصر دينِه والقيام بحُقوقه سبحانه،
فبهذا الأصل مهما بلغَ مكرُ الأعداء،وعظُمَت قوّتُهم،فهم أمام قوَّة المُسلمين حينئذٍ لا شيءَ يُذكَر،لأن الله،جل وعلا،معهم بمعيَّتِه الخاصَّة التي تقتضِي التأييدَ والتمكينَ والنُّصرة، ومن كان الله معه فهو منصورٌ مكينٌ،عزيزٌ متين(إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيط)
العملُ بالإسلام بصدقٍ وإخلاصٍ في جميع الأمور،تحكيمُ شريعة الله،جل وعلا،والالتِزام بسُنة نبيِّه صلى الله عليه وسلم،
يقول، صلى الله عليه وسلم (احفَظ اللهَ يحفَظك، احفَظ اللهَ تجِده تُجاهَك)
فمتى حكمت أمةُ الإسلام دينَ ربِّها الذي جاء به نبيُّ الله،صلى الله عليه وسلم،على وفقِ منهَج الصحابة،رضي الله عنهم،حينئذٍ يعمُّ رخاؤُها،ويستقرُّ أمنُها وتعلُو مكانتُها،وتعظُمُ شوكتُها،كما كان عليه المُسلمون في الأزمان السالِفة،
فإن وعد الله حقٌّ لا يُخلَف(وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِين)
(أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ،الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُون)
فمن وفَّى وفَّى الله،جل وعلا،معه،
حينئذٍ تتحقق العزَّةُ والغلَبَةُ لهم(وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيز،الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُور)
إن العزة،في هذه الحياة والقوَّة البشريَّة الحقيقيَّة،لا تكونُ إلا لمن التزمَ بالقُرآن الكريم، وتقيد بسُنَّة النبي عليه أفضل الصلاة والتسليم،
يقول ربُّنا،جل وعلا (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَاد)
فرضٌ على مُجتمعات الأمة أن يُعِدُّوا ما استطاعوا،يقول،جل وعلا(وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُم)
الله،جل وعلا،يقول(وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ)
أليس هو خالِقُنا ويعلمُ مصالِحَنا وأسبابَ ضعفِنا،فهو القائِل(وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ،مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِك)
إن فُشُوَّ المُنكرات في مُجتمعاتِ المسلمين،وكثرةَ القبائِح والمُوبِقات أمرٌ لا يُنكِرُه إلا مُكابِر
وذلك نذيرُ شُؤمٍ،
ربُّنا،جل وعلا،يقول(ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُون)
النبي،صلى الله عليه وسلم،يقول(إن الناسَ إذا رأَوا المُنكرَ فلم يُغيِّرُوه أوشكَ الله أن يعمَّهم بعِقابِه)رواه أحمد بإسنادٍ صحيح،
وفي الحديث الآخر في حديث أم سلمة(أنهلَك وفينا الصالِحون،قال،نعم، إذا كثُر الخبَث)
وهل نحن إلا أمةٌ نقتدِي برسُولنا،صلى الله عليه وسلم،وإلا فلا خيرَ فينا،
تدبَّروا هذه الآيه،تجِدون أن مِصداقَها في واقِعنا(أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَاب)
ونبيُّنا،صلى الله عليه وسلم،يقول(إذا تبايَعتُم بالعِينة،وأخذتُم أذنابَ البقر،ورضِيتُم بالزَّرع،وتركتُم الجهادَ سلَّط الله عليكم ذُلاًّ لا ينزِعُه حتى ترجِعوا إلى دينِكم)رواه أبو داود،
كما قال بعضُ السلَف(أليس لنا كتابٌ واحدٌ، ونبيٌّ واحدٌ، وهدفُنا واحدٌ، فلماذا الاختلاف)
الله،جل وعلا،يقول(وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُم)أي،قوَّتُكم وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِين(وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا)
ثم إن الله أوجبَ علينا واجبًا عظيمًا،أن يصدُق مع الله،جل وعلا،وأن ينفّذ أوامرَه،وأن يكون له مُخلِصًا(فحينئذٍ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُم)
اللهم ارحمنا برحمتك،ونجِّ المسلمين من كل مصيبةٍ وفتنةٍ،
اللهم أنت ربنا وأنت أرحم الراحمين،أنزِل رحمتَك علينا،وعجِّل بالفرج.اللهم آمنَّا في أوطاننا، اللهم آمنَّا في أوطاننا،
اللهم آمنَّا في أوطاننا،واعمُرها بالإيمان والتقوى،وبالتوحيد والسنَّة،اللهم آميـــــن.