السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
إكرام ذي الشيبة المسلم
من أراد تعظيم الخالق المنعم(فليكرم ذا الشيبة المسلم)
وقد جاء فيما رواه أبو داود،وصححه الألباني،
قال صلى الله عليه وسلم(إن من إجلال الله تعالى، أي،من تعظيمه الذي يملك به الإنسان خير الدنيا والآخرة(إكرام ذي الشيبة المسلم)
النصر والرزق يناله ويستحقه من أحسن إلى الضعفاء من الرجال والولدان والنساء،
حبيبنا ونبينا محمد،صلى الله عليه وسلم،يوصينا برحمة الضعفاء، ففي سنن الترمذي،قال رسول الله،صلى الله عليه وسلم(أبغوني ضعفاءكم،فإنكم إنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم)أي،اطلبوا الضعفاء فأحسنوا إليهم،وبروهم،وتفقدوا أحوالهم،فمن أراد نصرًا أو رزقًا من الله، فليرحم الضعفاء،
الجنة والدرجات العلا تُزف لأصحاب القلوب الرقيقة بكل ذي قربى ومسلم،
روى مسلم،من حديث عياض،رضي الله تعالى عنه،قال(أهل الجنة ثلاثة،ذو سلطان،مقسط متصدق ،موفق)أي،صاحب ولاية، عادل، محسن، مسدد في قوله وعمله،
ثم قال،صلى الله عليه وسلم،في بيان أصحاب الجنة الثلاثة،قال(ورجل رحيم رقيق القلب بكل ذي قربى ومسلم)
ثم قال صلى الله عليه وسلم في ثالث أصحاب الجنة(وعفيف متعفف ذو عيال)أي،صاحب حاجة، وصاحب قلة ذات اليد،وله من يعول،لكنه عفيف في نفسه عما يكون من المكاسب الرديئة،متعفف عن أن يسأل الناس،
هذا الأجر العظيم يناله من أحسن إلى المسلمين وذي القربى،فكيف بالإحسان إلى الوالدين،لا شك أن الأجور مضاعفة،فالسعادة والفوز في الدنيا والآخرة ينالها من أحسن إلى والديه وبر بهما،خاصة عند الكِبر،والخسارة والخزي والعار لمن فرط في حق والديه،
روى مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال(رغم أنف،ثم رغم أنف،ثم رغم أنف، قيل،من يا رسول الله، قال(من أدرك والديه عند الكبر،أحدهما،أو كليهِما،فلم يدخل الجنة)
فبر الوالدين عند الكِبَر من أوجب الواجبات علينا جميعًا،رسولنا صلى الله عليه وسلم ،يضرب لنا أروع المثل في احترامه لكبير السن حين جاءه الرجل مسلمًا،
ففي مسند الإمام أحمد أن أبا بكر الصديق رضي الله تعالى عنه،جاء بأبيه أبي قحافة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح، يحمله حتى وضعه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يسلم بين يديه،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر الذي جاء بأبيه وقد كبرت سنُّه، ووهن عظمه،قال(لو أقررت الشيخ في بيته لأتيناه)أي لو تركته في مكانه نحن نأتيه،ثم دعاه،صلى الله عليه وسلم،للإسلام فأسلم،
الله أكبر،أمير المؤمنين هي لا تعرفه، لكن الله يعرفه،
عمر رضي الله عنه أمير المؤمنين يتعهد عجوزًا عمياءَ في سواد الليل والناس نيام، لكن الله لا ينام،عمر يتعهدها ويقوم بخدمتها وإصلاح الطعام لها ورعايتها،والاهتمام بشؤونها، وهي لا تعرفه، لكن الله يعرفه،قمة في إكرام ذي الشيبة المسلم،صاحبها أول المبشرين بالجنة،
أبوبكر الصديق رضي الله عنه يتعهد امرأة مع ابنتها، فيقوم بحلب شاتهما ليطعمهما، الأم وابنتها تعرفان أن الذي يحلب شاتهما هو أبوبكر،فلما تولى الخلافة قالا،من يحلب لنا الشاة بعد أن تولى الخلافة،
فقال،رضي الله تعالى عنه(بل لأحلبنها لكم وأرجو ألا يغيرني ما دخلت فيه،أي،لا يغيرني ما تولَّيت من ولاية عظمى عن أن أقوم بشأنكم،وأسير على ما كنت عليه من صالح العمل،
رجل كبير السن،كما في حديث عبد الله بن بسر،يأتي للنبي صلى الله عليه وسلم فيقول(يا رسول الله، إن شرائع الإسلام قد كثرت عليّ،فأخبِرني بشيء أتشبث به،
فقال عليه الصلاة والسلام( لا يزالُ لسانك رطبًا من ذكر الله تعالى) رواه الترمذي،
بل جعل الإسلام للشيب الذي يظهر على رأس المسلم ولحيته قيمة عظيمة،وأجرًا كبيرًا،
قال،صلى الله عليه وسلم(ما من مسلم يشيب شيبة في الإسلام إلا كتَب الله له بها حسنة، وحَطَّ عنه بها خطيئة)صححه الألباني،
فإذا كانت توجيهات هذا الدين نحو الكبار واحترامهم بهذا السمو،ماأعظم هذا الدين يراعي حقوق الكبار والصغار،
روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة أن رسول الله قال(إذا صلى أحدكم للناس فليخفِّف، فإن منهم الضعيف والسقيم والكبير،وإذا صلى أحدكم لنفسه فليطوِّل ما شاء)
روى البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(يسلم الصغير على الكبير، والمار على القاعد، والقليل على الكثير)
قال عليه الصلاة والسلام(مَن لم يرحم صغيرنا ويعرِفْ حقَّ كبيرنا، فليس منا)رواه البخاري،وصححه الألباني.
أسال الله أن يوفقني وإياكم لما يحب ويرضى،واسأله أن يجعلني وإياكم من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب،
اللهم اجعل بلدنا هذا آمنًا وسائر بلاد المسلمين من كل سوء ومكروه،واجعَل لنا من كل همٍّ فرجًا، ومن كل ضيق مخرجًا، ومن كل عسر يسرًا، ومن كل ظالم نجا ،وارزُقنا جميعًا من حيث لا نحتسب، ومن أراد بلدنا بسوء، فاشغله بنفسه، واجعل كيده في نحره،