يكفرن العشير،ويكفرن الإحسان
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركته
يكفرن العشير،ويكفرن الإحسان
عن ابن عباس،رضي الله عنهما،قال،قال رسول الله صل الله عليه وسلم(أريت النار فإذا أكثر أهلها النساء يكفرن قيل،أيكفرن بالله قال(يكفرن العشير،ويكفرن الإحسان،لوأحسنت إلى إحداهن الدهر،ثم رأت منك شيئاً،قالت،مارأيت منك خيرقط )صحيح البخاري،ومسلم،
عن ابن عباس رضي الله عنه( فَجَاءَ إِبراهِيم بعدما تزوج إِسماعيل يطالع تركته
فلم يجد إِسْمَاعِيلَ فسأل امرأته عنه،فقالت،خرج يبتغي لنا،ثم سألها عن عيشهم وهيئتهم،فقالت،نحن بشر نحن في ضيق وشدّ وشكت إليه،قال، فإذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام وقولي له يغيّر عتبة بابه،
فلما جاء إسماعيل كأنه آنس شيئاً، فقال،هل جاءكم من أحد،فقالت،نعم جاءنا شيخ كذا فسألنا عنك فأخبرته،وسألني كيف عيشنا فأخبرته أنا في جهد وشدة
قال،فهل أوصاك بشيء،قالت،نعم أمرني أن أقرأ عليك السلام،ويقول لك غيّر عتبة بابك،
قال،ذاك أبي وقد أمرني أن أفارقك، فالحقي بأهلك،
وطلقها وتزوج بأخرى ولبث عنهم إبراهيم ما شاء الله،ثم أتاهم بعد فلم يجده، فدخل على امرأته فسألها عنه،فقالت،خرج يبتغي لنا،قال،كيف أنتم،وسألها عن عيشهم وهيئتهم فقالت نحن بخير وسعة،وأثنت على الله عز وجل، فقال،ما طعامكم،قالت،اللحم قال،فما شرابكم،قالت
الماء،قال اللهم بارك لهم في اللحم والماء،قال،فإذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام ومُريه يثبت عتبة بابه،
وقد أمر الله رسوله بشكر النعم،وجاء فى الحديث(لا يشكر الله من لا يشكر الناس)وشكر نعمة الزوج هو من باب شكر نعمة الله ، لأن كل نعمة فضل بها العشير أهله،فهى من نعمة الله أجراها على يديه ،أن المعاصى تنقص الإيمان ولا تخرج إلى الكفر الذى يوجب الخلود فى النار،لأنهم حين سمعوا رسول الله قال،يكفرن ،ظنوا أنه كفر بالله ، فقالو ،يكفرن بالله،قال يكفرن العشير ويكفرن الإحسان،
فبين لهم رسول الله عليه السلام،أنه أراد كفرهن حق أزواجهن ، وذلك لا محالة ينقص من إيمانهم ، ودل ذلك أن إيمانهن يزيد بشكرهن العشير وبأفعل البر كلها ، فثبت أن الأعمال من الإيمان ، وأنه قول وعمل ، إذ بالعمل الصالح يزيد ، وبالعمل السيئ ينقص،
وفيه ،دليل أن المرء يعذب على الجحد للفضل والإحسان وشكر المنعم،وقيل،إن شكر المنعم فريضة،
ألا ترى أن النبى،عليه السلام ، قد فسره،فقال( لو أحسنت إلى إحداهن الدهر)لجازت ذلك بالكفران الدهر كله،فغلب استيلاء الكفران على دهرها،فكأنها مصرة أبدًا على الكفر،والإصرار من أكبر أسباب النار،
هل النساء جاحدات أو ناكرات الجميل،وفى هذا الحديث تعظيم حق الزوج على المرأة ، وأنه يجب عليها شكره والاعتراف بفضله ،لستره لها وصيانته وقيامه بمؤنتها وبذله نفسه فى ذلك،ومن أجل هذا فضل الله الرجال على النساء فى غير موضع من كتابه،فقال(الرجال قوامون على النساء بما فضل )
وقال( وللرجال عليهن درجة )
وقد أمر عليه السلام من أسديت إليه نعمة أن يشكرها ، فكيف نعم الزوج التى لا تنفك المرأة منها دهرها كله،
وقد قال بعض العلماء،شكر الإنعام فرض،واحتج بقوله عليه السلام( من أسديت إليه نعمة فليشكرها )
وبقوله( أن اشكر لى ولوالديك )فقرن بشكره شكر الآباء ، قال،فكذلك شكر غيرهم واجب ، وقد يكون شكر النعمة فى نشرها ، ويكون فى أقل من ذلك ، فيجزئ فيه الإقرار بالنعمة والمعرفة بقدر الحاجة،
وفيه أن الكسوف والزلازل والآيات الحادثة إنما هى كما قال الله(وما نرسل بالآيات إلا تخويفًا )وأمرهم عليه السلام عند رؤية آيات الله بالفزع إلى الصلاة،فدل أن الصلاة تصرف النقم، وبها يعتصم من المحن ، إذ هى أفضل الأعمال،
لذلك الرسولُ شبَّهَ هذا الذنبَ بالكفرِ فقال(تكفُرن)ثم فسّرَ هذا الشيء بأمرينِ، إكثارِ اللّعن وكُفْرانِ العشيرِ أي جحدِ الجميلِ من الزوجِ، جحدِ جميلِ الزوجِ أي إحسانِه،
فإياكن، احذرن وحذِّرن، فلا تنكرْ جميلَ زوجِها مهما غضبت، مهما ساءتِ الحالةُ بينَهما إلى التنافرِ والتباغضِ لا تنكرِ الجميلَ الذي سبقَ من الزوجِ أن عمِلَه معها، لتقتصِرْ على طلبِ حقِّها إن كان لها منه حقٌّ شرعيٌّ وإلاّ تسكتْ، هناك في الآخرةِ حسابٌ للإنسانِ على ما يقولُه من القولِ وحسابٌ على العملِ الذي يعملُه، على القولِ المحرّمِ، على الكلامِ الذي يتكلمُ به الإنسانُ مما هو حرامٌ، من أيِّ نوعٍ كان، والكلامُ المحرّمُ كثير، وعلى الفِعلِ المحرّمِ هناك حسابٌ، ذلك اليومُ اللهُ تبارك وتعالى يكشِفُ الأمور التي كانت خافيةً، التي كان الإنسانُ يُبْطِنها في صدرِه، هذه الأمورُ اللهُ تعالى يُظهِرها، لذلك ينبغي للنساءِ ولغيرِهن الابتعادُ من كفْرانِ الجميلِ أي الإحسانِ،
قد روي عن علي رضي الله عنه قوله(إن النعمة موصولة بالشكر،والشكر متعلق بالمزيد،وهما مقرونان في قرن،فلن ينقطع المزيد من الله حتى ينقطع الشكر من العبد)
وترك الذنوب والمعاصي، فإنه إذا كان الشكر وسيلة لحفظ النعم، فإن المعاصي سبب في زوالها، وقد قال تعالى،عن أقوام أمدهم الله بنعم كثيرة، غير أنهم قابلوا تلك النعم بالجحود والعصيان فكان الجزاء أن سلبهم الله تلك النعم وقلبها عليهم عذاباً قال عز وجل:(وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ)
ولهذا كان الحسن البصري يقول(إن الله ليمتع بالنعمة ما شاء،فإذا لم يشكر قلبها عليهم عذاباً)
ولهذا قال عز وجل(وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيد)فجعل سبحانه وتعالى الشكر عنوانا للحفظ والزيادة،
وقد روي عن علي رضي الله عنه قوله(إن النعمة موصولة بالشكر،والشكر متعلق بالمزيد،وهما مقرونان في قرن،فلن ينقطع المزيد من الله حتى ينقطع الشكر من العبد)
كان من دعائه عليه الصلاة والسلام(اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك)
فاللهم احفظ علينا نعمك وارزقنا شكرها وتسخيرها فيما يرضيك يا رب العالمين،واحفظ بلادنا وديم علينا نعمة الأمن والآمان،في ظل أميرنا الغالي تميم المجد والعز)اللهم آمين.