بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وحذروا اليمين الغموس
أكمل هذا الدين بجميع أحكامه وأركانه وواجباته وفرائضه، فلا خير إلا دللنا عليه ولا شر إلا حذرنا منه،ومن ذلكم الأحكام
،أحكام اليمين،فقد جاء الإسلام مبيناً أحكام اليمين الجائز منها والممنوع منها وما يتعلق بذلك من آداب اليمين،
ذلكم أن اليمين حلف لتأكيد المحلوف عليه فلابد من بيان أحكامه، وقد دل الكتاب والسنة على مشروعية اليمين، فقد أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم، بالإقسام على يوم القيامة والجزاء والحساب قال تعالى(وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ)
وقال(زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ)
ونبينا صلى الله عليه وسلم،كان يحلف فيقول(وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ)أو يقول(وَالَّذِي نَفْسي بِيَدِهِ)فيحلف الصادق المصدوق،
وللأيمان آداب لابد للمسلم الالتزام بها، أن يعلم أن الحلف تعظيم للمحلوف عليه، ولهذا وجب أن يكون حلفنا بالله جل وعلا،أو بأسمائه وصفاته،فلا يجوز الحلف بغير الله فإن الحلف بغير الله شرك أصغر،
قال صلى الله عليه وسلم(من حلف بِغير اللّهِ فَقد كفر،أو أَشرك)رواه مسلم،
وقال صلى الله عليه وسلم(من كان حالفاً فليحلف باللَه أو ليصمت)رواه مسلم،وصححه الألباني،
وقال عمر رضي الله عنه،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(أن الله نهاكم أن تحلفوا بآبائكم)قال عمر،فما حلفت بعد ذلك بغير الله ذاكراً ولا آثراً)
ويجب أن تقل من الحلف قدر الاستطاعة،فخلق المسلم الصدق فيما يقول وإن احتاج إلى اليمين حلف وإن استغنى عنها كف عن ذلك لأن في الإكثار منها تقلية لتعظيم المحلوف به،فلنتقي الله في ذلك قال تعالى(وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَهِينٍ،هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ)فإن كثرة حلفه ربما دعوا إلى الكذب في يمينه، وقال تعالى(وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ)أي،أحفظوها فلا تكثروا منها،بأن تكفروا إذا خلفتم أيمانكم، كل ذلك احترام لليمين، وتعظيم لشأنها،
ومن آداب اليمين،أن تصدق من حلف لك بالله،يقول صلى الله عليه وسلم(من حلف بالله فليصدق،ومن حلف له بالله فليرض،ومن لم يرض بالله فليس منا)حديث صحيح رواه أبو داود،
وأن تكون صادقاً في يمينك، فحذر أن تحلف بالله كاذباً، فإن الحلف بالله كاذباً كبيرة من كبائر الذنوب،ومعصية من المعاصي،
قال النبي صلى الله عليه وسلم(من حلف على يمين مصبورة كاذباً فليتبوأ بوجهه مقعده من النار)رواه البخاري،
قال تعالى(وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)
فلنتقي الله في أنفسنا ولا نجعل إيماننا صارفة لنا عن القيام بالواجب والمستحبات،
وأن يكون حلفك على وفق ما استحلفت عليه، وعلى وفق ما يريده منك من حلفت له،يقول صلى الله عليه وسلم(يمينك على ما يصادقك عليه صاحبك)رواه مسلم،
فلا تحلف يمين يظن منها خلاف الواقع،بل أصدق في يمينك فإذا حلفت له بالله يميناً فليكن هذا اليمين موافقاً لما يريد ،وإياك أن تخدعه بتعريضات هي بعيد عن المجال، أحلف له بالله يميناً صادقاً على وفق ما طلب منك،
فإن بعض الأيمان أيمان فاجرة جيء بها لأخذ أموال الناس ظلماً وعدواناً،
وفي الحديث يقول صلى الله عليه وسلم(إذا حلف رجل بيمينه ليقتطع بها مال امرئ مسلم فقد حرم الله عليه الجنة وأوجب له النار) فإذا حلفت بيمين لتقتطع بها مال امرئ مسلم أنت فيها كاذب فإن الله حرم عليك الجنة وأوجب لك النار جزاء لكذبك وزورك وباطلك،
إن الحلف الكذب جرب على أصحابه أنهم يعاجلون بالعقوبة لأنه بغي وظلم وأخذ مال بغير حق،
فاتقي الله إياك والحلف الكاذبة الفاجرة وإن نلت بها مكسب في الدنيا لكن تمحق بركة العمر وبركة المال مع ما تحمله من الآثام والعدوان، هذا المال الذي حلفته أمام القضاء بأنه لك هذا المال ستشقى به في حياتك وربما انتفع به ممن بعدك فحملت الأوزار والآثام،
وحذروا اليمين الغموس، أن يحلف بالله على أمر ماضٍ كاذبًا متعمدًا، كأن يحلف أنه ما صار كذا وكذا، ولا كان كذا وكذا، أو يحلف على سلعة أنه اشتراها بكذا، وأنها سليمة من العيوب وهي غير سليمة،فهذه هي اليمين الغموس، وهي من كبائر الذنوب، وسميت غموساً،لأنها تغمس صاحبها في الإثم، ثم في النار،
حلفك بغير الله، حلفك بحياتك، حلفك بشرفك، بأبيك، بجدك، بمهنتك كل هذا من الأمور المحرمة التي لا يجوز أن نحلف بها لأنها تخالف شرع الله، لو قلت والنبي وحياتي وشرفي كل هذا لا يجوز نبينا صلى الله عليه وسلم القائل(مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ كفر،أو، أشرك)فلا نحلف بالنبي ولا بغيره كل الحلف بالله جل وعلا،
ومن الخطأ في اليمين أن تحلف بغير ملة الإسلام،والعياذ بالله، بأن تقول أنا بريء من الإسلام إن كان كذا وكذا، فإن كنت صادقا فكما قلت،وإن كنت كاذباً لم تعد إلى الإسلام صادقاً، فحذر الحلف بغير الإسلام، اقطع الحلف بالله جل وعلا،
ومن الأخطاء،الحلف بالطلاق بأن يقول دائماً على لسانه،علي الطلاق لأفعل، علي الطلاق لا تخرج أيها المرأة إلى غير ذلك، فلحلف بالطلاق منكر ولا يجوز لأن الحلف الواجب أن يكون لله جل وعلا،أو بأسمائه وصفاته، أما الحلف بالطلاق فأمر منكر مخالف للشرع،
فلنتقي الله في أيماننا، ولنعظم ربنا حق التعظيم اللائق بجلاله جل وعلا، ولنحذر أن تخدعنا الدنيا وزخارفها وزينتها وكثرتها أن نحلف بالأيمان في الخصومة ونحن لا نعلم أن فاجرون فيها وغير صادقين فهذه خيانة وخداع وظلم وربما ما أخذته بهذه الدنيا في هذا اليمين صار حطباً عليك تعذب به يوم القيامة، فراقب الله في أقوالك وأعمالك،
فيا مسلم،أتقي الله عند الحلف،عندما تتوجه الخصومة لك ويطلب القاضي أن تحلف بالله على هذا الأمر فحاسب نفسك وقف وقفات هل أنت صادق فتحلف أم كذب فلا،إياك أن تغريك الدنيا أو يغريك حب الظهور والانتصار على الخصم أن لا تبالي باليمين، لا،قف مع نفسك موقف محاسبة،واعلم أن الله مطلع عليك وعالم بشرك وعلانيتك لا يخفى عليه شيء من أمرك،فلنحاسب أنفسنا هل نحن صادقون أم كاذبون،هذه الدنيا مهما عظمة فإنها والله بلاء لمن أخذها بغير حقها، فلنتقي الله في ذلك،فحافظوا على أيمانكم،
اللهم احفظ لنا ايماننا،ونسالك رضاك والجنة ونعوذ بك من سخطك والنار،وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم لما يحبه ويرضى.
