التوحيد والعمل الصالح،والصلة بالله والارتباط بالسماء
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
التوحيد والعمل الصالح،والصلة المستمرة بالله والارتباط بالسماء وضـرورة تعاهد الإيمان،
(أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُون،وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ،يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاء)
إلى من يَزْهدون في تربية نفوسهم،ويكتفون بسوابق العمل،هذه دار عمل وبذل عطاء إلى آخر رمق وآخر لحظة من العمر
كما سئل الإمام أحمد، متى يجد العبد طعم الراحة
فقال،عندما يضع أول قدم في الجنة،
هذا الدين شجرة في قلبك يجب أن لا تكف عن ريّها ومعالجة الآفات وإلا انزوت النبتة وتآكلت،
من الخير لك أن يصعد لك كل ساعة وكل غدوة وكل عشية، عمل صالح تُعرف به فيتصل قلبك بالسماء،
أصل هذا الدين وجذوره في قلبك وهذا يصلك بالسماء فتبقى مرتبطا بها وأنت تدب على هذه الأرض وذلك من خلال ثمار هذا التوحيد من العمل والكد لله،
إلى العبد الذي يشعر باحتياجه إلى التثبيت وإلا زالت قدماه هنا ويوم يلقى ربه تعالى،هذا طريق التثبيت وهذا مأخذه ومن هنا يُنال،والتثبيت هنا كالتثبيت هناك تحت التراب به الحول وبه القوة وبيده الخير،والخذلان هو أن توكل إلى نفسك فتهوى،
(أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء،تؤتي أُكُلَهَا كُل حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُون،وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ،يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاء)
يقول ابن القيم رحمه الله(فشبه سبحانه وتعالى الكلمة الطيبة بالشجرة الطيبة لأن الكلمة الطيبة تثمر العمل الصالح والشجرة الطيبة تثمر الثمر النافع،
وهذا قول المفسرين، الذين يقولون الكلمة الطيبة هي، شهادة أن لا إله إلا الله فإنها تثمر جميع الأعمال الصالحة الظاهرة والباطنة،فكل عمل صالح مرضي لله ثمرة هذه الكلمة،
وعن ابن عباس قال(كَلِمَةً طَيِّبَةً شهادة أن لا إله إلا الله(كَشَجَرةٍ طَيِّبَة)وهو المؤمن(أَصْلُهَا ثَابِت) قول لا إله إلا الله في قلب المؤمن(وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء)يقول،يرفع بها عمل المؤمن إلى السماء
وقال الربيع بن أنس(كَلِمَةً طَيِّبَةً)هذا مثل الإيمان؛فالإيمان الشجرة الطيبة،وأصلها الثابت الذي لا يزول الإخلاص فيه،وفرعه في السماء خشية الله،
إنه سبحانه شبه شجرة التوحيد في القلب بالشجرة الطيبة الثابتة الأصل الباسقة الفرع في السماء علوا التي لا تزال تؤتي ثمرتها كل حين،وإذا تأملت هذا التشبيه رأيته مطابقا لشجرة التوحيد الثابتة الراسخة في القلب التي فروعها من الأعمال الصالحة الصاعدة إلى السماء،ولا تزال هذه الشجرة تثمر الأعمال الصالحة كل وقت بحسب ثباتها في القلب ومحبة القلب لها وإخلاصه فيها ومعرفته بحقيقتها وقيامه بحقوقها ومراعاتها حق رعايتها،
فمن رسخت هذه الكلمة في قلبه التي هي حقيقتها، واتصف قلبه بها وانصبغ بها بصبغة الله التي لا أحسن صبغة منها فعرف حقيقة الإلهية التي يثبتها قلبه لله ويشهد بها لسانه وتصدقها جوارحه ونفى تلك الحقيقة ولوازمها عن كل ما سوى الله وواطأ قلبه لسانه في هذا النفي والإثبات وانقادت جوارحه لمن شهد له بالوحدانية طائعة سالكة سبل ربه ذللا غير ناكبة عنها ولا باغية سواها بدلاً كما لا يبتغي القلب سوى معبوده الحق بدلاً،
فلا ريب أن هذه الكلمة من هذا القلب على هذا اللسان، لا تزال تؤتي ثمرتها من العمل الصالح الصاعد إلى الله كل وقت،فهذه الكلمة الطيبة هي التي رفعت هذا العمل الصالح إلى الرب تعالى وهذه الكلمة الطيبة تثمر كلامًا كثيرًا طيبًا يقارنه عمل صالح فيرفع العمل الصالح إلى الكلم الطيب
كما قـال تعالى(إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُه)
فأخبر سبحانه أن العمل الصالح يرفع الكلم الطيب،وأخبر أن الكلمة الطيبة تثمر لقائلها عملاً صالحًا كل وقت،
والمقصود،أن كلمة التوحيد إذا شهد بها المؤمن عارفًا بمعناها وحقيقتها نفيًا وإثباتًا متصفًا بموجبها قائمًا قلبه ولسانه وجوارحه بشهادته،
فهذه الكلمة الطيبة هي،التي رفعت هذا العمل من هذا الشاهد،أصلها ثابت راسخ في قلبه وفروعها متصلة بالسماء وهي مخرجة لثمرتها كل وقت،
ومن السلف من قال، إن الشجرة الطيبة هي النخلة ويدل عليه حديث ابن عمر الصحيح وهي،المؤمن نفسه،
وعن ابن عباس قوله(أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَة)
يعني،بالشجرة الطيبة المؤمن،ويعني بالأصل الثابت في الأرض والفرع في السماء يكون المؤمن يعمل في الأرض ويتكلم فيبلغ عمله وقوله السماء وهو في الأرض،
وقال عطية في قوله(ضرب اللّهُ مثلاً كلمةً طيبةً كشجرة طيبة)قال، ذلك مثل المؤمن لا يزال يخرج منه كلام طيب وعمل صالح يصعد إلى الله،
وقال الربيع بن أنس(أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء) ذلك المؤمن ضرب مثله في الإخلاص لله وحده وعبادته وحده لا شريك له،أصلها ثابت قال،أصل عمله ثابت في الأرض وفرعها في السماء أي(ذكره في السماء)
فإذا أراد الداعي الدعاء فإنّه يتوسّل بأسمائه تعالى دون تحديد واحدٍ منها،ما جاء في حديث عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه، في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم الشهير بدعاء الهم والغم، حيث قال(أسألك اللهم بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدًا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حُزني، وذهاب همّي) رواه أحمد،
أن يتخيّر الداعي من أسماء الله تعالى ما يتناسب مع مُرادِه فيتوسّلَ به،وهذا أدعى لإجابة الدعاء، فمن كان يشكو قلّة المال وضيق الحال ناسبَ أن يتوسّل باسم(الرزّاق،والغني)ومن أذنبَ وأسرف على نفسه بالمعاصي كان الأجدى به أن يتوسّل بأسماء(الرحمن، والرحيم، والتوّاب، والعفو الغفور)
ولننظر إلى الدعاء النبوي(اللهم إني ظلمتُ نفسي ظلماً كثيراً، ولا يغفرُ الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرةً من عندك، وارحمني، إنك أنت الغفور الرحيم) متفق عليه،
قوله صلى الله عليه وسلم(اللهم بعلمك الغيب، وقدرتك على الخلق، أحيني ما علمت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي) رواه أحمد
والمقصود بالمثل المؤمن والنخلة مشبهة به وهو مشبه بها وإذا كانت النخلة شجرة طيبة فالمؤمن المشبه بها أولى أن يكون كذلك،
ومن قال من السلف إنها شجرة في الجنة فالنخلة من أشرف أشجار الجنة،
فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول(دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة، عند رأسه ملك كلما دعا لأخيه بخير قال الملك الموكل به،آمين ولك بمثل) رواه مسلم،
اللهم إنا نسألك زيادة في الدين وبركة في العمر وصحة في الجسد وسعة في الرزق وتوبة قبل الموت وشهادة عند الموت ومغفرة بعد الموت وعفوا عند الحساب واماناً من العذاب ونصيبا من الجنة
اللهم لا تحرمنا النظر الى وجهك الكريم
اللهم أعنا على ذكرك،وشكرك،وحسن عبادتك،اللهم أمين