بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حسن العشرة بين الزوجين
تتبع أحوال الزوج، في الحياة كثير مما يعكر الصفو،وقد يكون ظاهراً،وقد يكون خفياً،
وقد يحدث عند أحد الزوجين شيء من هذا يلاحظ في أسلوب كلامه ونظراته وبعض أفعاله،
فمن حسن العشرة أن ينظر الطرف الآخر في أسباب ذلك ويحاول إزالته،ليرجع الصفو وتدوم العشرة،
روى الشيخان عن عائشة،رضي اللَّه عنها،قالت،قال لي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم(إني لأعلم إِذا كنت عني راضية،وإذا كنت علي غضبى،قالت،من أين تعرف ذلك،فقال،أَمَّا إِذا كنت عني راضية فإنك تقولين،لا،ورب محمد،وإذا كنت علي غضبى قلت،لا،ورب إبراهيم،قالت،قلت،أجل،واللهِ يا رسول اللَه ما أهجر إِلا اسمك)رواه البخاري،ومسلم،
قال ابن حجر،رحمه الله،يؤخذ منه اِستقراء الرجل حال المرأَة من فعلها وقولها فيما يتعلق بالميل إليه وعدمه,والحكم بما تقتضيه القرائن في ذلك,لأنه صلى الله عليه وسلم،جزم برضا عائشة وغضبها بمجرد ذكرها لاسمه وسكوتها,فبنى على تغير الحالتين من الذكر والسكوت،تغير الحالتين من الرضا والغضب,
وقول عائِشة(أجل يا رسول اللَّه ما أهجر إِلا اِسمك ) قال الطيبي،هذا الحصر لطيف،لأنها أخبرت أنها إذا كانت في حال الغضب الذي يسلب العاقل اِختِياره لا تتغير عن المحبة المستقرة،ولا يترك قلبها التعلق بذاته الكريمة مودة ومحبة،
في الصحيحين عن عائشة قالت،كان رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم،
يحب الحلواء والعسل،فكان إِذا صلى العصر دار على نسائه فيدنو منهن) البخاري ، ومسلم،
ومن حسن العشرة تطييب خاطر الزوجه،ومراعاة مشاعرها، وهذا مما يدخل السرور على النفس ويزيل آثار الحزن والهم،
وقد قال الله تعالى لنبيه(تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ)الأحزاب،
وعن صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَي،رضي الله عنها،قالت،دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم،وقد بلغنِي عن حفصة وعائشة كلام فذكرت ذلك له،فقال(أَلا قلت،فكيف تكونان خيراً مني،وزوجي محمد،وأَبي هارون،وعمي موسى،وكان الذي بلغها أَنهم قالوا،نحن أَكرم على رسول اللَه صلى الله عليه وسلم،منها،وقالوا،نحن أزواج النبِي صلى الله عليه وسلم،وبنات عمه)رواه الترمذي،والطبراني،والحاكم،
وعن صفية بنت حيي،رضي الله عنه،أن النبي صلى الله عليه وسلم،حج بنسائه، فبرك بصفية جملها فبكت،وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما أخبروه،فجعل يمسح دموعها بيده،وهي تبكي وهو ينهاها،
فليتنا نتعلم من قدوتنا صلى الله عليه وسلم،في حياته مع أهله ، ليكون لنا نبراساً في حياتنا الزوجية ،
ومن حسن العشرة،الإغضاء عن الهفوات، للإنسان هفوات ذكراً كان أو أنثى،ولابد،وفهم هذه الحتمية تجعل للزوجين فهماً للإغضاء عن الهفوات،ولكن طبيعة المرأة العاطفية،قد يكون منها التسرع،فلابد للزوج أن يدرك ذلك منها،وأن يغمض عينيه عن تلك الهفوات،ليفتحها على جوانب الخير فيها،وفي صحيح مسلم،عن أَبي هريرة،رضي الله عنه،قَال،قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم(لا يفرك مؤمن مؤمنةً إِن كره منها خلقاً رضي منها آخر)رواه مسلم،
وفي الصحيحين عن أبي هريرة،رضي الله عنه،قال،قال رسول اللَّه،صلى الله عليه وسلم(استوصوا بالنساء فإن المرأة خلقت من ضلع،وإِن أعوج شيءٍ فِي الضلع أَعلاه،فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء)رواه البخاري، ومسلم،
قال ابن حجر رحمه الله،قيل،اقبلوا وصيتي فيهن واعملوا بها وارفقوا بهن وأحسنوا عشرتهن،
وقوله(خلقت من ضلع)قيل،فيه إشارة إلى أَن حواء خلقت من ضلع آدم الأيسر،
وقوله(وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه)قيل،فيه إشارة إلى أن أَعوج ما في المرأة لسانها,
أَن المرأَة خلقت من ضلع أعوج ،وأنها لا تقبل التقويم،
وقوله،فإن ذهبت تقيمه كسرته،أَي،إن أردت منها أن تترك اِعوجاجها أفضى الأمر إلى فراقها,
ويؤيده رواية مسلم(وإِن ذهبت تقيمها كسرتها,وكسرها طلاقها)قال القسطلاني،رحمة الله، فيه ندب إلى مداراة النساء وسياستهن والصبر على عوجهن،وأن من رام تقوميهن رام مستحيلاً،مع أنه لا غنى للإنسان عن امراة يسكن إليها ويستعين بها على معاشه،
فإذا علم ذلك فعلى الزوج أن يأخذ الأمور بحكمة ويتغاضى عن الهفوات ، ويصبر على المرأة ، ولا يجنح إلى الخيال ولا يطلب الكمال،وليعلم أن حسن الخلق معها،ليس كف الأذى عنها،بل احتمال الأذى منها،والحلم عن طيشها وغضبها،اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم،فقد كان أزواجه يراجعنه الكلام وتهجره إحداهن إلى الليل،
ومن حسن العشرة،حسن التصرف في مواقف الغيرة، في صحيح البخاري،فعن أنس بن مالك،رضي الله عنه قال(كان النبي صلى الله عليه وسلم عند بعض نسائه، فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين بصحفة (إناء) فيها طعام، فضربت التي النبي صلى الله عليه وسلم فى بيتها يد الخادم، فسقطت الصحفة فانفلقت،فجمع النبي صلى الله عليه وسلم فِلَقَ الصحفة، ثم جعل يجمع فيها الطعام الذي كان في الصحفة،ويقول،غارت أمكم،ثم حبس الخادم حتى أُتي بصحفة من عند التي هو في بيتها، فدفع الصحفة الصحيحة إلى التي كسرت صحفتها،وأمسك المكسورة في بيت التي كَسَرت) رواه البخاري،
ياله من موقف عظيم،ومعالجة له هي أعظم منه،وهذا الموقف وما يشابهه بسبب الغيرة يتكرر في حياة الأزواج،فهل يكون الرسول،صلى الله عليه وسلم،
هو قدوتنا في معالجة هذه المواقف،إن كان الرسول صلى الله عليه وسلم،قدوتنا في حياتنا الزوجية لقلَّت المشاكل التي بين الزواج،
إن معالجة مواقف الغيرة من المرأة تحتاج إلى حكمة عالية،وفي معالجة النبي،صلى الله عليه وسلم، لما فعلته أمنا عائشة،رضي الله عنها،
،وقوله(غارت أمكم) فإذا عُلم أن الغيرة في النساء أمرٌ مكتوب عليها ، فلابد أن يتعامل الرجل معه بفهم وحكمة،وهذا من حسن العشرة،
كما يجب على المرأة،أن تحدَّ من غيرتها،وتصبر في مواقف يمكن أن تؤدي الغيرة فيها إلى أمور لا تحمد عقباها،وهذا من حسن عشرة المرأة لزوجها،فحسن العشرة أمر مشترك يتبادل فيه الطرفان حسن التصرف في المواقف بأخلاق الإسلام،
من حسن العشرة المحادثة،والاستشارة بين الزوجين، لما كان الزوجان شريكين في الحياة كان الحوار بينهما من الأمور المطلوبة،وقد كان النبي،صلى الله عليه وسلم، يحاور نسائه ويشاورهم ،
ففي الصحيحين،عن عائشة،رضي الله عنها،قالت كان النَّبي،صلى الله عليه وسلم،إذا صلى ركعتي الفجر فإن كنت مستيقظة حدثني وإلّا اضطجع)رواه البخاري ،ومسلم،
وكأنه،صلى الله عليه وسلم،كان يتحين الوقت للكلام معها ، وهو ما ينبغي أن يفعله الزوج ، فالحديث فيه إيناس وإزالة وحشة ، وقد يكون فيه مداولة لأمور حياتية تهم الطرفين،
وأما المشورة فتستحب فيما تحسنه المرأة من شئون بيتها أو أمر زواج بناتها ، وقد يكون في غير ذلك مما يمكن أن تشير فيه برأي صائب،
حسن المنطق من حسن العشرة، للكلمة موقع في القلب قبولا وردّاً،فإذا كانت الكلمة حسنة فإن لها دور عجيب في تغيير الأحوال وتحسين العلاقات،
وقد قال الله تعالى(وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)الإسراء،
وكم من مشكلات بين الزوجين فاقت التصور سببها أن الزوج لا يكلم امرأته كلاماً حسناً فيه ود وحب وملاطفة،
ومن حسن المعاشرة معاونتها،في بعض أمور البيت، ومن حسن العشرة أن يساعد الرجل زوجه في بعض شئون البيت،وفيه إشارة للعناية بها وتقدير ما تقوم به وأنه قريب منها،
في رواية لأحمد،قيل لعائشة،ما كان النبي،صلى الله عليه وسلم،يصنع في بيته،قالت،كما يصنع أحدكم يخصف نعله ويرقع ثوبه،ويحلب شاته ويخدم نفسه،
قال ابن حجر،رحمه الله،وترك التكبر وخدمة الرجل أهله،
اللهم وفق بين الزوج وزوجته، واجمع بينهما على خير، وارزقهم الذريه الصالحه،وأدخل السعاده في قلوبهم،واجعلهم من الصالحين،الصابرين االشاكرين،
اللهم اميـــن.